الاثنين، 14 مارس 2011

لا لعشوائية التربية


لا لعشوائية التربية

الأطفال وقضايا التربية من أكثر ما يشغل بال الآباء والأمهات، الغريب أن قضايا التربية لا تشغل بال الكثير من الشباب والشابات كما يجب أن يكون، في حين تبرز فجاة على رأس قائمة الاهتمامات بعد الزواج، وكأنها موضوع مؤجل لحينه وليس قضية تفرض نفسها في وقت مبكر جدًا.
إن هذا الوضع هو ما يجعل الكثير من الأمهات والآباء من الشباب يعانون كثيرًا لوضع سياسة تربوية ناجحة، كما أنهم في كل خطوة يواجهون بالجديد الذي يجعلهم في حاجة لمراجعة مافات وتقويم أخطاء تربوية ارتكبوها من دون قصد في مراحل سابقة، ورغم تلافي الأخطاء في المستقبل فإن آثارها للأسف تظل موجودة في نفوس ابنائهم، إذن كيف يمكن حل هذه المشكلة؟
إن عملية التربية لا تبدأ بعقد الزواج ووجود بيت يضم بين أحضانه زوج وزوجة يحلمان بالذرية الصالحة، ولكنها عملية تبدا من وقت يسبق ذلك بكثير، وقد لا يكون من قبيل المبالغة إذا قلنا أنها تبدأ من تخطي مرحلة المراهقة المبكرة والدخول في سن النضج أو الدخول للجامعة، لأن الأب الجيد والأم الجيدة يحتاجان لاعداد شخصي بأكثر مما يقدمه المجتمع الخارجي، وهذا الإعداد يبدأ بالتفكير في المستقبل والصورة التي يحب كل من الأبوين أن يجسدها في ابنائه، وبالتالي يبدأ في البحث عن سبل تحويلها لواقع، عندها يكتشف أن عليه أن يعد نفسه ويزودها بالكثير من المعارف والخبرات والمهارات، وعلى سبيل المثال قد تجد الفتاة نفسها مدفوعة للقراءة بعمق في مجال التاريخ والأدب واللغة ومراجعة ما درسته في السنوات الماضية والإضافة إليه لأنها تريد أن تغرس في ابنائها حب الوطن وأصالة العروبة ، وأنها تريد أن تكون مصدرًا ثريًا للمعرفة لابنائها ، أو قد يجد الشاب نتفسه مدفوعًا للبحث أكثر في مجال الكومبيوتر والانترنت ومعرفة طرق السيطرة على البرامج المختلفة وتنفيذ الرقابة المناسبة على الأجهزة ليوفر درع من الأمان لابنائه في المستقبل، وقد يجدان أنفسهما بحاجة للمزيد من كورسات اللغة ليكون بمقدورهما معاونة ابنائهما في المستقبل إذا ما كان خيار المدارس الأجنبية أو التعليم الدولي هو الحل الأفضل.
والأمر لا يقتصر على تعلم مهارات واكتساب خبرات فقط، بل هناك أيضًا خبرات نفسية وسلوكية قد يجد الشاب أو الفتاة أن عليه أن يكتسبها ليصبح فيما بعد أب فاضل او أن تصبح هي أم فاضلة يخرجان جيلاً جديدًا من الابناء يفخر به الوطن، فعلى سبيل المثال قد تشعر الفتاة بضرورة ممارسة تجربة تعليم الأطفال الصغار مباديء القراءة والكتابة لأن هذا سيكسبها الكثير من المعارف التي تجعلها مؤهلة لخوض تجربة ناجحة مع ابنائها، ودون أن يكون الابناء هم التجربة الأولى، وهذا التدريب بالطبع سيكون جادًا وبهدف تحقيق نتائج جيدة وليس امضاء للوقت فقط، وليس أيضًا على محمل الترفيه، وإنما هو عمل مخطط ليحقق هدفًا مستقبليًا أكثر نبلاً.
كما أن التفكير في الطريقة المناسبة للتربية تقلل من احتمالات وقوع الأخطاء الغير مقصودة، كما أنها تجعل الشاب أو الفتاة في حالة تأهب دائمة ومراقبة النماذج المختلفة من حولهما، فيقيمان أسلوب هذا الأب، أو ينتقدان طريقة التربية في هذا البيت بأسلوب بناء، أو يندفعان للقراءة في هذا الجانب ليقومان سلوك هذا الطفل وهكذا، وحين تأتي اللحظة المناسبة ويصبح لهما طفل يتحملان مسؤولية تربيته سيكونان في مرحلة استعداد مناسبة، ومع كم جيد من المعارف والخبرات، كما سيكون بإمكانهما توقع الكثير من الأشياء ورسم سيناريوهات للمستقبل يمكن دفعها للوصول للأفضل.
وعلى هذا سيكون من حقنا أن نحلم بجيل جديد من الابناء أفضل بكثير من جيل ينشأ في ظل عشوائية التربية وأخطاء آباء وأمهات يتعاملان مع الأزمة فقط بعد وقوعها ، ولا يستعدان لها ، أو يسعيان لمنع حدوثها.

نسمه السيد ممدوح
14 مارس 2011

اتبعني على Facebook