الثلاثاء، 29 أبريل 2014

اعرف نفسك: لماذا لا تحب القراءة؟

اعرف نفسك: لماذا لا تحب القراءة؟!

طريقك إلى عالم القراءة


"أنا لا أُحِب القراءةَ" "القراءة مُمِلَّة" "لا أتحمَّل القراءةَ فترات طويلة" "هناك ما هو أمتع من قراءة كتاب"، تلك العبارات وغيرها الكثير مما يُردِّده الكثيرون، فإن كنتَ أحدهم فأنت على الأرجح تُعاني من مشكلة، وعليك اكتشاف حلٍّ لها.

القراءة بداية:
هي عمليَّة عقلية يتم فيها استقبال رموز ما عن طريق الحواس، ومن ثَمَّ تفسيرها داخل العقل، هذا يعني أن القراءة ليست إلا عملية تفسير الرموز، لهذا اطْرَح عنك أولاً الاعتقادَ بأن القراءة تعني أن تُمسِك بين يديك بكتاب ضخم ذي أسلوب لُغوي مُعقَّد، وأن ترتدي نظارة طبيَّة، وتجلس لساعات طويلة على مكتبك أو طاولتك مُنعزِلاً عن الجميع.

هناك مَن يرى أن القراءة ليست هُواية يُمارِسها الشخص لتَمضية الوقت؛ وإنما هي ضرورة كالماء والهواء والطعام، لماذا؟ وهل هذا القول صحيح؟ للإجابة عن سؤال "لماذا؟" فيمكن القول: إن القراءة ضرورة؛ لأنها غذاء العقل؛ فالعقل كي يُفكِّر ويُحلِّل ويُفسِّر ويتَّخِذ القرارات أو المواقف في الحياة تَلزَمه المعلومات، ونحن نَحصُل على المعلومات من مصادر متعدِّدة، منها: الحواس، والأشخاص المحيطون بنا، ومنها وسائل الإعلام، ومن بينها الوسائل المطبوعة التي تحتاج لمهارة القراءة لاكتساب المعلومات منها، ومنها أيضًا: وسائل النشر الإلكتروني، سواء على أجهزة الحاسب، وخاصة اللوحية أو الهواتف المحمولة، كما أن شبكة (الإنترنت) مصدرٌ ثريّ وخِصْب للحصول على المعلومات، وذلك المصدر الأخير بشكل خاص يبقى دون فائدة أو قيمة إذا لم تكن تُتقِن مهارة القراءة لتفسير رموزه التي يُقدِّمها لك.

إذًا؛ أنت بحاجة لمعلومات وسبيلك إليها في الكثير من الأحيان هو القراءة، وهذا يعني أن مطالعتك للأخبار عبر موقع الصحيفة الإلكتروني، أو اطلاعك على معلومة طريقة، أو حتى أخبار أصدقائك عبر مواقع التواصل الاجتماعي يُعَد نشاطًا قرائيًّا، من هنا قيل: إن القراءة غذاء للعقل لا بد منه، وسواء كنت تقرأ ما يفيد أم لا، فأنت بحاجة لتقرأ كمَن يتناول الطعامَ سواء كان صحيًّا أم لا، على كل الغذاء غير الصحي والسيئ له أضرار، سواء كان غذاء للعقل أم الجسد.

والآن اكتشف أن سبب نفورك من عملية القراءة أو فكرة القراءة كنشاط في يومك، قد يعود لمفهومك عن القراءة وكونه محدودًا بقراءة الكتاب المدرسي أو مؤلَّف ضخم، ومن بين الأسباب الأخرى: الصور الذهنية التي تَحمِلها داخل عقلك، والصور الذهنيَّة تتكوَّن لدى الفرد منذ سنواته الأولى، فعندما كنت تُشاهد والدَك يقرأ في صِغَرك كنت تراه جالسًا على مكتبه أو كرسيِّه يُطالِع مؤلفًا كبيرًا - زاد من حجمه صِغَرُ سنِّك بالطبع - يرتدي نظارته الطبية؛ ولأن تلك الصورة قد تكوَّنت لديك في الصِّغر، وارتبطت بنشاط القراءة، فبتَّ ترى أنه حين يتوجَّب عليك أن تقرأ، فعليك أن تُحقِّق صورةَ والدك، ومع اختلافات العصر ظهرتْ الصراعات التي أعجزتك عن ذلك، فالمؤلَّف الضخم بيد والدك أصبح الآن حاسبًا لوحيًّا بيديك، والنظاره اختفت، ولم تَعُد بحاجة إلى المكتب؛ لأن بيديك جهازًا خفيف الوزن ومضاء بشكل جيد، فيمكنك أن تستلقي على الأريكة أو الكرسي لتقرأ بهدوء، أو حتى تذهب لمكان مفتوح مُتجدِّد الهواء لتقرأ، ولكن صورة والدك المختزَنة داخل عقلك تُهاجِمك باستمرار، وتُؤنِّبك لا شعوريًّا بأنك لا تقرأ كما ينبغي، لهذا راقِب صورَك الذهنية.

فخ القدوة هو أيضًا أحد أسباب المشكلة، من الطبيعي أن يكون لك قدوة ومَثَلٌ أعلى في هذه الحياة، لكن هذا لا يعني أن تَفرِض قدوتَك عليك في كل المجالات، أنت تعتبر والدك مثلاً أعلى لك، أو عمك المقرَّب، أو أخاك الأكبر أو مُعلِّمك، تُعجِبك صفات خاصة في شخصية الواحد منهم، تُقدِّره وتتمنَّى أن تصبح في المستقبل صورة له، ولكنك قد تنسى أن لكل فرد ميولَه وشخصيَّته المتميزة، قد يكون والدك محبًّا للسياسة، فهو حين يقرأ في مجال السياسة يشعر بالمتعة وليس الفائدة فقط، وأنت تريد أن تصبح مِثْل والدك، فتربِط نشاطَ القراءة بالسياسة على الرغم من أنك تكاد تختنق حين تقرأ مؤلَّفًا سياسيًّا، فما هي النتيجة؟ ستشعر بالضيق من نشاط القراءة، وستنسحب عنه رويدًا رويدًا، وقد تشعر بنقص في الثقة بالنفس كذلك.

اكتشف شخصيَّتك، لكل شخص شخصيته المستقلة، ومن النادر إن لم يكن من المستحيل أن تجد اثنين بينهما تَطابُق تام؛ لأجل هذا عليك أن تَكتشِف نفسك: ماذا تحب؟ ماذا تكره؟ أي المجالات تُشعِرك بالمتعة حين تقرأ بها؟ أي أساليب اللغة يُناسِبك؟ أي الفنون يستهويك ويُشبِع رغباتك؟ وسبيلك إلى ذلك هو التجرِبة، فأنت لن تعرف أنك تحب القراءة في كتب التاريخ ما لم تُجرِّب كتب التاريخ، وكذلك السياسة والتنمية البشرية وعلم النفس...إلخ، لهذا درِّب نفسَك على خوض التجرِبة، لا توجد مشكلة حين تُقدِم على قراءة كتاب ثم تتوقَّف بعد أن تُنهي ثلثَه أو نصفَه؛ لأنه لم يُعجِبك، ربما لم يجذبك موضوع الكتاب أو الكاتب، ربما كانت لغته أعلى من مستواك اللغوي، لا مشكلة فقط جرِّب غيره، واستمرَّ بالمحاولة.

لا تنسَ مستواك اللغوي، يتفاوت الأشخاص من حيث المستوى اللغوي، وكذلك الكتب والمؤلفات المنتشرة سواء في المكتبات أو عبر المكتبات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، إذا كنت تخطو خطواتك الأولى في نشاط القراءة فتخيَّر الكتبَ الأقل حجمًا والأبسط موضوعًا والأيسر أسلوبًا، لماذا؟ لأنها ستُشجِّعك على إتمامها في زمن أقصر، لن تبذُل مجهودًا ضخمًا، ستشعر بلذَّة الانتهاء من الكتاب، ستتجنَّب الإحباطَ، وبعد أن تُنجِز الكتابَ، انتقل لغيره، وتدرَّج من السهل إلى الصعب.

انزع عن رأسك الصورَ والأفكارَ القديمة، الرواية لا تَقِلُّ أهمية عن المؤلف العلمي، فمَن يَملِك ميولاً أدبيَّة قد يُفيد من الرواية بأكثر من المتعة والتسلية، فسوف يَكتسِب اللغةَ والأسلوبَ، وسينشط خياله ويَكتشِف نفسَه ومهاراته، وربما يُقدِم على التجرِبة، وليس مستبعدًا أن يتحوَّل إلى روائي مشهور في المستقبل.

انْسَ فكرةَ التفضيل الخاصة بالكتاب المطبوع، فقد نال الكتابُ المطبوع تقديرًا وشهرة واسعة؛ لأنه كان أفضلَ منافسيه؛ ولأن الكتاب الإلكتروني لم يكن متاحًا بعد، إن الكثيرين ممن يفضِّلون الكتاب المطبوع قد خَبَروه عمليًّا في صِغَرهم وشبابهم، وهم يُفضِّلونه بحكم العادة لا شعوريًّا، بالطبع يمكن عقْد مقارنة علميَّة بين طريقتَي النشر ووسيطي القراءة، ولكن لا تتأثَّر بما يقوله الآخرون، وتخيَّر ما يُناسِبك، يمكنك تحويل حاسبك اللوحي لمكتبة رائعة تُبحِر فيها كيفما تشاء ووقتما تشاء.

تعامَل مع القراءة باعتبارها نشاطًا يوميًّا خفيفًا، ابتعد عن التوتر والقلَق والرقابة، جرِّب أن تقرأ في مختلف المجالات، حاول أن تتناسى فكرة المؤلفات الضخمة والمجالات المعقَّدة: كالسياسة، والاقتصاد، يمكنك أن تقرأ في مجال الفنون، الرسم، التجميل، التنمية البشرية... إلخ، تَدرَّج في القراءة، وحقِّق التنوعَ، تَجنَّب كِبارَ الكُتَّاب في بداية مشوارك؛ لأن الأسلوب اللغوي المتقدِّم قد يُعجِزك، تذكَّر أن من بين فوائد القراءة اكتساب مفردات لُغويَّة جديدة مما يمنحك فرصة أكبر للتعبير عن نفسك، كما أنك ستكتسب أسلوبًا سواء كان أدبيًّا أو علميًّا أو نقديًّا حين تقرأ.

وأخيرًا: إذا كنت تدَّعي أنك لا تحب القراءة، فأنت على الأرجح لم تَعرِف ما الذي يتعيَّن عليك قراءته لتحب القراءة، وتَعشَق دقائقها وساعاتها.

النشر الأول على شبكة الألوكة

الخميس، 24 أبريل 2014

ثقافة الأهداف والعلاقة بين الطموح والنجاح وتحقيق الأهداف



ثقافة الأهداف
والعلاقة بين الطموح والنجاح وتحقيق الأهداف
دراسة استكشافية

المقدمة:
إن كل ما هو موجودٌ في هذا الكون قد وُجِد لغاية، وقد خلق الله الإنسان لغاية واضحة ومحددة، وهي عبادته سبحانه وتعالى، وعمارة الأرض، وتبدو تلك غايةً رئيسية واضحة، ولولا وضوحُها لتحوَّلت حياتُنا في جملتِها إلى فوضى، وفي حياة كل فرد منا لا بد من وجود غاية وهدف واضح ومحدَّد، يسعى إليه، ويمثل قيمته في هذه الحياة، ومن الضروري أن يكون هذا الهدف واضحًا؛ لأن الشيء المجهول أو غير المحدد لا يمكن بلوغه.

تعتبر ثقافةُ الأهداف وتحديدُها وتحقيقُها من الموضوعات الجديدة، خاصة على مجتمعنا العربي، وهي من الموضوعات التي لا تحظى باهتمام كبير، ويُنظَر إليها في الأغلب على أنها موضوعاتٌ نظرية بعيدة عن أرض الواقع، لأجل هذا رأينا أن نناقش موضوع الأهداف، منطلقينَ من أرض الواقع، فتخيَّرنا لتلك الدراسة موضوعها عن الأهداف كفكرة رئيسية، ووصولاً للأهداف كان علينا أن نبدأ من الأعم أو الأشمل، فحاولنا أن نفهم أولاً ما تَعْنيه كلمة "الطموح"، تلك الكلمة السِّحرية التي نصِفُ بها غالبية الناجحين والمتميزين، ومن ثَمَّ انتقَلنا إلى تحديد معنى النجاح، فإذا كان الطموح ضرورةً للنجاح:
فما العَلاقة بين الاثنين؟
ثم انتقلنا إلى محاولة الإجابة عن السؤال الأهم:
كيف تكون ناجحًا؟
وفي محاولتِنا للإجابة على هذا السؤال وجدنا أنفسَنا وجهًا لوجهٍ مع الأهداف؛ فالنجاح يعني تحقيق الأهداف:
فما هي الأهداف؟
وما هي أنواعها؟
كيف نُحدِّدها، ومن ثَمَّ نُحقِّقُها؟
ما هي مُعوِّقات تحديد الأهداف وتحقيقها؟

وقد تخيَّرنا أحد الأهداف الهامة في حياة الفرد، التي تحتاج إلى قرارٍ حاسم يُغيِّر في مستقبله، وهو الهدف التعليمي، وما يتبعه من هدف مِهْنِي، فناقشنا كيفية تحديد الفرد لأهدافه في مرحلة دخول الجامعة، وناقشنا سن الثامنة عشرة، وهل هي السن المناسبة لاتخاذ قرار كهذا، ورسم هدف بتلك الأهمية، وحاولنا معرفة العوامل التي أثَّرت على قرار الشباب في تلك المرحلة.

ولأن حياة الفرد متعدِّدة الجوانب، فقد تخيرنا منها جانبَينِ شديدَي التداخل، ومتصلين بحياة الشباب اتصالاً وثيقًا، بل إن اتخاذَ القرار ورسم الأهداف في كلَيْهما يُحدِّد مستقبل الشاب أو الفتاة، وهذان الجانبان هما: الجانب الشخصي، والجانب المِهْني، وحاولنا أن نجيب على السؤال التالي: أيُّهما يسبق الآخر: النجاح في الجانب الشخصي وتكوين أسرة مستقرة، أم النجاح في الجانب المهني والحصول على وظيفة جيدة والترقي في العمل؟

وحاولنا الإجابة على هذا السؤال، واكتشاف عوامل تفضيل أي الجانبين على الآخر، وكذلك الكشف عن صورة شريك الحياة، وما يمكن أن يقدمه لدعم شريكه مِهْنيًّا، مما يجعل الزواج عائقًا أو مساندًا للنجاح المهني.

وأخيرًا تحدثنا عن السعادة، التي هي غاية كلِّ فرد في المجتمع؛ فالكل يسعى لأن يكون سعيدًا، فما هي السعادة؟ وكيف يمكن تحقيقُها في ضوء الحياة المنظمة المخططة، التي تحدَّد فيها أهدافُ كل مرحلة، ويسعى فيها الفرد عن اقتناع ورغبة لتحقيقها؟

وسعيًا منا لربط الموضوع بالواقع، فقد اخترنا عيِّنة مصغَّرة من الأفراد من كلا الجنسين، مختلفي الظروف الاجتماعية ما بين متزوج وأعزب، ومختلفي الأعمار والمؤهِّلات التعليمية، وكانت نسبة الإناث 68%، في حين نسبة الذكور 32%، وتقدَّمنا إليهم بالعديد من التساؤلات حول موضوع الدراسة، وكانت نسبةُ التفاعل جيدةً، ومثَّلت العينة السلبية 36%، أغلبها من الإناث، أما من حيث العمر، فكانت النسبة الأعلى من بين أفراد العيِّنة السلبية من الفئة العمرية ما بين 30 و40 سنة.

أما عن أفراد العينة الإيجابية فقد كان التفاعل أعلى من قِبَل الإناث، وكانت أعلى فئة عمرية من حيث التفاعل هي الفئة ما بين 20 و30 سنة بنسبة 42.9%، ثم الفئة العمرية ما بين 50 و60 سنة بنسبة 28.8%، أما أقل فئة عمرية تفاعلاً، فكانت من 40 إلى 50 سنة بنسبة 7.1%.

وبالرغم من كون عينة الدراسة عينة مصغَّرة جدَّا، فإنها موافقة مبدئيًّا لطبيعة الدراسة، من حيث إنها دراسة استكشافية جاءت محاولةً لاستكشاف الواقع، علَّها تكون بداية لدراسات أخرى أكثر تفصيلاً بمشيئة الله.

لقراءة النص الكامل  على شبكة الألوكة:

اتبعني على Facebook