السبت، 25 أبريل 2009

هل الإنسان اجتماعي بطبعه؟

هل الإنسان اجتماعي بطبعه؟

" الإنسان كائن اجتماعي بطبعه" كثيراً ما تتردد هذه العبارة على الألسنة دون أن تثير التساؤل حول دقتها، وفيما إذا كان الإنسان بالفعل هو كائن اجتماعي بطبعه ـ أي أن الاجتماعية طبع متأصل فيه ويكاد يكون أشبه بالغريزة، حيث يكون الإنسان مدفوعاً إليه برغبته ولإشباع دافع لديه،ولأنه بذلك يمارس شيئاً زرع ً في فطرته ـ أم أن الإنسان كائن مدفوع تحت ضغط الحاجة إلى أن يكون اجتماعياً؟
إن القول بأن الإنسان اجتماعي بطبعه، وأنه لا يستطيع العيش بدون مجتمع يرسم علامات استفهام كبيرة حول الأفراد الذين ينعزلون في الجبال والغابات بعيداً عن مراكز التجمع البشري، خاصة وأن هؤلاء يستطيعون في ظل العزلة المحيطة بهم أن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، ولكن يبدو أن هذه العزلة قد تركت آثارها على بعض جوانب حياة هؤلاء، وبمعنى أدق فإن هذه العزلة قد قضت على مفهوم حياة الرفاهية لديهم، ومنعتهم أيضاً من إشباع بعض الرغبات البشرية الطبيعية ولو كانت بسيطة كرغبة في نوع معين من الطعام أو اللباس.
فلو كان الإنسان اجتماعي بطبعه لما وجد هؤلاء، ولما استطاعوا ممارسة حياتهم ، لأنهم في هذه الحالة سيفقدون شيئاً أساسياً في حياتهم، وسيحرمون من إشباع رغبة أساسية وهامة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الامتزاج داخل تجمع بشري.
والحقيقة أن الإنسان يبدو وكأنه مدفوع إلى الاجتماعية ليس لإشباع رغبات ثانوية كحب الظهور وإثبات الذات على سبيل المثال، أو لتبادل الخبرات، وإنما هو مدفوع إلى ذلك للحفاظ على مستوى معين من الحياة يتسم بنوع من البساطة واليسر وإشباع أكبر قدر ممكن من الرغبات الشخصية البسيطة والثانوية، وللوصول إلى درجة ما من الرفاهية.
ومع ذلك توجد درجات للاجتماعية تختلف من شخص لآخر طبقاً لمكونات شخصية الفرد وحاجاته ورغباته، وتلعب قدرات الفرد دوراً في ذلك ، فالشخص الذي يشعر بدرجة ما من الاكتفاء الذاتي ، والقادر على ضبط رغباته والسيطرة عليها يكون أقل اجتماعية من غيره، في حين يشعر الشخص الضعيف بحاجته الماسة للامتزاج داخل التجمع البشري لتحقيق الاكتفاء ولو بدرجة معقولة.
فالإنسان كائن اجتماعي مدفوع إلى الاجتماعية أو بمعنى أدق إلى درجة ما من الاجتماعية للحفاظ على حياة على درجة ما من درجات الرفاهية ومن الاكتفاء.

نسمه (senura)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook