الأحد، 19 أبريل 2009

رمز تغير

رمـــــــز تغيــــــــــر

يتغير العالم باستمرار، وتختلف سرعة هذا التغير من مرحلة لأخرى، ومن الملاحظ أن عجلة التغير أصبحت تدور بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة، واختلفت مظاهر الحياة بشكل كبير، وفي خضم هذا التغير اهتزت بعض الرموز التي رسخت في المجتمع لعهود طويلة.
وقديمًا كان المعلم هو رمز العطاء ، وهو المحب للعلم والناقل له ، ولهذا نال المعلم الشرف في أن يكون وريث للأنبياء: يحمل رسالة عظيمة تكمن في توصيله للعلم على سموه وعلو قدره، وكان هذا يتطلب من المعلم بالضروره أن يكون في وضع يسمح له بحمل هذه الرسالة، وهو قبل كل شيء قد ارتقى فكره، وتهذبت نفسه، وحسن سلوكه، ولأن بين يديه تترك العديد من الأسر أبناءها وبناتها لساعات طويله؛ فحري به أن يكون سوي النفس ، يعي جيدًا كيف يعامل من هم دونه من الطلاب؟ وكيف به أن ينظر إليهم نظرة المسؤولية؟ وأن يحترم فيهم شخصياتهم؟ وأن يكتشف مواهبهم وأن ينميها؟ وأن يكون جديرًا بلقب المعلم؟
فالمعلم هو القدوة التي يتأثر بها الطالب خاصة في السن المبكرة، ولهذا كان المعلم في الصفوف الأولى الابتدائية وما قبلها أخطر من غيره، وكان لزامًا على المجتمع أن يدقق في اختيار أفراد هذا المنصب مراعيًا الخلفية النفسية والاجتماعية للمعلم، ومن جانب آخر كان على الأسرة أن تغرس في ابنائها احترام المعلم وتوقيره، وكان عليه هو أن يفعل ما بوسعه ليكون جديرًا بهذا الاحترام والتوقير.
ولقد ظل الوضع على هذا النحو لسنوات عديدة وإن لم تخلو من نماذج سيئة آذت تلك الصورة بشكل أو بآخر، إلا أن ما حدث في الوقت الحالي من تحول دور المعلم إلى مجرد مهنة يتكسب من ورائها، والاهتمام بالجانب المادي لهذا الدور والمظاهر التي ترتبت على ذلك: من انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وتضخمها بشكل كبير ـ كل ذلك عمل على تشويه صورة المعلم بداخل الطلاب خاصة وأن الطالب حين يمد يده بمظروف النقود للمعلم يكون في موقف حرج لكلا الطرفين، وللأسف فكثير من الأسر تضع أبناءها في هذا الموقف الصعب، كما أن المعلم نظرًا لقسوة الحياة، وتعذر المعيشة، ونقص المرتبات أصبح يرتضي لنفسه هذا الوضع ، بل أصبح يطالب بمقابل الدروس الخصوصية ليس من أولياء الأمور؛ ولكن من الطلاب أنفسهم، فانهار حاجز الاحترام والتوقير بين المعلم وطلابه، وأصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة منفعة لا أكثر، وأدى تركيز المعلم على المرتب وعائد الدروس الخصوصية إلى التدهور في مستوى التدريس، كما أدى هذا الضغط النفسي إلى سوء معاملة داخل المدارس والدروس الخصوصية، مما نتج عنه بالضرورة توليد جيل جديد من الطلاب: كارهون للعلم، نافرون منه، منتقصون من قدر ناقلة، مستهترون، محدودوا الآفاق، تسوقهم المادة ولا شيء غيرها.
وفي هذا الجو المشحون بالمادة لازالت هناك بعض النماذج الصالحة التي لازالت تعلي قدر العلم ، وتحترم شرف مهنة التدريس، فهي وإن تحولت إلى مهنة في الوقت الحالي؛ إلا انها بحاجة إلى ميثاق شرف يحكمها ، ويصون أفرادها، ويضمن جيل جديد، نقي، محب للعلم.

سنيورا
نسمه
12 أكتوبر 2008م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook