الأحد، 19 أبريل 2009

نقطة تماس

نقطة تماس

لكل إنسان دائرة وجود يعيش في إطارها ، وتمثل حدود هذه الدائرة فاصلاًً يحول دون امتزاج خصائص الحياة داخلها مع غيرها من الدوائر الوجودية الأخرى ، وتتعدد مثل هذه الدوائر داخل المجتمع الواحد ، وقد تضيق تلك الدوائر وقد تتسع كثيراً ، وقد تستوعب الدائرة الواحدة بداخلها أكثر من دئارة ، ولكن ماذا عن نقطة التماس ؟
في كثير من الأحيان توجد نقاط تماس بين هذه الدوائر إلا أن قدرة الإنسان على المحافظة على توازنه في نقطة التماس بالتحديد ودون أن تجذبه قوى الجذب المركزية في كلتا الدائرتين أمر يصعب تحقيقه ، في حين أن اجتياز نقطة التماس والإنتقال من محيط الدائرة الأولى للثانية أمر سهل التحقيق، وإن كان يسبب صدمة مؤقتة للأنسان ، إلا أن بقاء الفرد داخل محيط الدائرة دائراً في مساحتها حول النواة المركزية أمر يحقق التوازن، وإن تطلب بعض الوقت حتى يتكيف الفرد الجديد مع خصائص الدائرة التي انتقل إليها .
وتعد دائرة الريف وكذلك دائرة الحضر من الدوائر الكبرى في المجتمع البشري ، ونقطة التماس بين كلتا الدائرتين هي نقطة ذات ضغط مروري عالي ، ويكون العبور في أغلب الأحيان إن لم يكن جميعا في إتجاه واحد من الريف إلى الحضر ، إلا أن نقطة التماس تلك ذات سمات خاصة جدا ، ونادراً ما يستطيع الإنسان البقاء فيها .
إن نقطة الإنتقال بين المجتمع الريفي والحضري تحمل مزيجاً من سمات كلا المجتمعين ، والأشخاص المستقرون في هذه النقطة يتمتعون بشخصية مميزة وطابع خاص في الحياة ، فهم محافظون على الخصائص الريفية المتمحورة حول الشعور الإجتماعي الأصيل ، والتقارب المكاني ، والتداخل الإنساني بين أفراد العائلة الكبيرة ، إلى جانب الطابع الريفي القائم على البساطة والمودة وإكرام الضيف والإجتماعية العالية ، وهم في الوقت ذاته يكتسبون بعض سمات المجتمع الحضري ، فوجودهم على محيط الدائرة الحضرية يسهل من وصول أنماط الحياة الحضارية ومنجزات العصر إليهم ، إلى جانب الإتجاهات الحديثة وتطورات الشخصية الناتجة عن الحياة المعقدة والمتشابكة المجالات ، والتي تفرض على المرء أن تكون لديه القدرة على التفاعل والتصرف بلباقة وتطوير الذات وزيادة المعارف وملاحفة مظاهر التقدم بشكل مستمر .
وعلى هذا يمكن رسم صورة مميزة لساكني نقطة التماس فمساكنهم بسيطة الطابع رفيعة الذوق وأساليب التفاعل لديهم تتسم بالحب والألفة مع الرقي في أساليب التخاطب والحوار ، ومع شبه الإنغلاق الأسري والإكتفاء بالعائلة الكبيرة توجد القدرة على توسيع العلاقات الإجتماعية ، وأخيراً حب الأرض ومحيط المولد والمنشأ مع القدرة على الخروج للمجتمع الأوسع والعيش في أحضان المدينة.
إن نقطة التماس بين الحضر والريف هي من أجمل نقاط التماس وجوداً ، والمرور بهذه النقطة دون الإستقرار فيها أو عبورها للدائرة الأخرى بهدف الإستقرار فيها وفي إتجاه الريف من أجمل الرحلات التي يمكن أن يحظى بها ساكن المدينة ، وقوة السحر هنا تكمن في العاطفة العالية التي غالباً ما يفتقدها ساكن المدينة بما تشتمل عليه من مظاهر التقدم والحضارة والتباعد.


نسمه (senura)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook