الأحد، 19 أبريل 2009

محكمة الاجيـــــــال

محكمة الاجيـــــــال

هناك دوماً جلسة لا ترفع ، ومحكمة لا تغلق أبوابها ، والمتهم فيها يظل سنيناً داخل القفص، وما إن تلوح له الفرصة للخلاص حتى يتحول إلى خط الهجوم، وبتبوأ منصب الإدعاء، ويصب اتهاماته على المتهم الجديد، والجلسة مستمرة على مدار السنين، لا تتوقف، ولا تنظر هيئة المحكمة إلى قضية أخرى غير قضية الاجيال..
فهناك دوماً خصمان بينهما عقود من السنوات وسيول من الاتهامات متدفقة في كل الاتجاهات تستهدف دوماً الصغار من الشباب ، لأن هذا هو قانون الغاب، وقانون القسوة وسيط السلطان، والقاضي بينهم قد أطاح به الزمان، ونصب المدعي العام نفسه رئيساً للقضاة، والمتهم بلا دفاع ، فهو لم يجد بين المحامين من يدافع عنه فكلهم في صف الادعاء، ولا للمحكمة أن تعين له محامي لأن القاضي هو ذاته الادعاء، فقد اختل الميزان، وارتفعت كفة في عنان السماء، وهوت الأخرى في اعماق الأرض وغارت بين الصخور والرمال، ولم يعد هناك رمز للعدل في محكمة الأجيال، ولا لشاهد أن يدخل قاعة المحكمة وأن يدلي بشهادة صادقة في القضية المنظور فيها منذ سنوات وسنوات، وإن هم الحاجب أن ينادي على الشاهد بالدخول ، زجره القاضي أن لا مكان هنا للشهود ونحن أعلم ببواطن الأمور ، وبما خفي على الحاضرين ، واين الحاضرون في قاعة المحكمة؟ فالمقاعد خالية لا يشغلها إنسان، والكل انقسم إلى طائفتين: متهم وادعاء.
ونسي القاضي أن الحكم بالعلم لا بالعادات ، وأن العدل ليس ما نشأت عليه أنا وإنما ما نصت عليه كتب القانون وأعظمها كتاب الله ، وأن المتهم هو أنا وليس من في القفص ذليل مكسور الجناح، فالقاضي من ربى وأخطأ أو أصاب، وما المتهم إلا صنيعة ما فعل القضاة، وأن الصمت المفروض على المتهم هو أقسى الوان العقاب، وأنه السبيل إلى القهر والكبت وربما الأضغان، ونسي أن المتهم دوماً برئ حتى تثبت إدانته بالشهود والبراهين، ونسي أن لكل عصر ظروفة وحاجاته ، وأن ليس كل القيم القديمة صواب، وليس كل الحديثة أخطاء، وإنما هناك دوماً قيم سليمة منبعها الإنسانية والدين وكرم الاخلاق، ولكن الغرور يدخل إلى النفس مع مر السنين ويُنسي الإنسان أنه كان يوماً متهماً في قفص الاتهام، وأن كان هناك قاضي قاسي لا يسمح له بالكلام، وأنه كان ينشد فرصة واحدة ليقول ولو كلمات..
فعذراً سيدي القاضي.. نحن لن نرضى الصمت والكتمان.. وسنطالب بفرصة للكلام.. ولن نصمت ما دمنا ندافع عن حقنا متسلحين بالحق وبالاحترام.. وسنظل دوماً نحلم بقاض عادل يخلصنا من قفص الاتهام.. وينظر إلى شبابة ويعي جيداً ماذا تعني فجوة الأجيال.


نسمه (سنيورا)
15 يونيو 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook