الأحد، 19 أبريل 2009

فـــــــارس الأحـــــــــــلام

فـــــــارس الأحـــــــــــلام

بداخل كل منا صورة خيالية عن شخص آخر يحمل مزيج من الصفات ، وله ملامح بعضها واضحة ومحددة ، وبعضها مجهولة ومبهمة، وهذه الصورة تتكون بداخل المرأة كما تتكون بداخل الرجل، وما هي إلا صورة للشق الآخر الذي يحقق أعلى درجة يمكن أن يبلغها المخلوق من الكمال، وهو ليس كمالاً مطلقاً فالكمال المطلق يكون للخالق لا للمخلوق، وما يمكن أن يبلغه المخلوق هو كمال نسبي فقط، وترتفع نسبة الكمال إذا ما اشترك في تحقيقها شقان وليس شقاً واحداً، فالفرد الواحد يعاني من الكثير من جوانب النقص، وفي حال اجتماعة بآخر يعاني من نقص في جوانب أخرى تتحقق درجة من درجات الكمال، حيث ينساب الكمال في جوانب معينة من أحدها إلى جوانب النقص في الآخر فيتحقق التوازن، وتتم تلك العملية على نفس النحو الذي تحدث به ظاهرة الرياح حيث ينتقل الهواء من أماكن الضغط المرتفع إلى أماكن الضغط المنخفض، أو كما يحدث الانتقال الحراري من جسم ساخن إلى آخر بارد، فالظاهرة واحدة وتنشأ بسبب الاختلال.
ويمكن ملاحظة هذا الكمال النسبي في الأصداقاء من جنس واحد، لكن في حال الاختلاف بين الجنسين يبدأ الأمر يحظى بملامح جديدة، وتبدأ صورة خيالية تنشأ بداخل العقل، وهذه الصورة تكون أكثر شاعرية لدى المرأة ولنقل الفتاة على وجه الدقة والتحديد، فالفتاة وفي سن مبكرة جداً تبدأ بدراسة نفسها بطريقة غير واعية، ويستطيع العقل الباطن من خلال هذه العملية رصد أوجه النقص والكمال في تلك الشخصية، ومن ثم يبدأ بتكوين صورة ذهنية لشخصية أخرى من الجنس الآخر تحمل جوانب الكمال التي يمكن أن تملأ جوانب النقص لدى هذه الشخصية، وتنتقل هذه الصورة إلى العقل الواعي، وتبدأ مع نضوج الأنوثة بالتحول إلى صورة شاعرية وخيالية أكثر مما بنبغي، وتقترب هذه الصورة من أطر الرومانسية التي تختلف في معناها من فتاة إلى أخرى، وقد تظهر هذه الصورة في أحلام الفتاة، وقد تبحث هي عنها في الروايات أو في الواقع ذاته، وغالباً ما تصاب الفتاة بالصدمة عندما تقترب من شخص يحمل معظم هذه الصفات وليس جميعها، والصدمة واقعة لا محالة، لأن توفر كافة الصفات معناه تحقيق الكمال التام بالتلاقي وهو ما لا يمكن تحققه مع المخلوق.
ومع أن صورة فارس الأحلام تتأثر وبالدرجة الأولى بالفتاة ذاتها وتركيبها الداخلي، إلا أنها أيضاً تتأثر بالعصر وبالثقافة السائدة فيه، وكذلك بالظروف الاجتماعية التي تعايشها الفتاة، وكلمة "فارس الأحلام" في حد ذاتها متأثرة بالعصر القديم حيث الفروسية وحيث تنبهر الفتاة بالفارس القوي الذي يأتيها على صهوة حصانه الأبيض ويخلصها من الأعداء، ويبدو من هذه الصورة التأثير القوي للعصر القديم حيث كانت الحروب والفروسية، وفي العصر الحاضر يندر بل يكاد يستحيل أن تتكون لدى الفتاة صورة مماثلة لذلك نظراً لاختلاف العصور، وعلى أي حال فإن صورة فارس الأحلام هي صورة شاعرية رومانسية خيالية تسعد معها الفتاة في أحلامها وفي خيالها وفي كتاباتها، ولكن هذه الصورة قد تتحول في بعض الأحيان إلى قيد على الفتاة قد يدمر حياتها، والأمر متروك للأقدار وللظروف وإلى القدرة على تحكيم العقل وتحقيق التوازن بين العقل والعواطف.


نسمه (سنيورا)
27 فبراير 2008م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook