الخميس، 17 يناير 2013

ما بعد الرحيل

ما بعد الرحيل


"عليَّ الرحيل" تلك كانت رسالة عينيك وعيني ساعة توقف الزمن، واحترقت الشمس، وتهاوى بين أيدينا يحتضر القمر، آهٍ .. رفقَا بنا يا قدر .. لم نأثم ولكن.. ظننا الحب لكلينا نعمة نسألها طامعين راغبين، لكن الرحيل حان ، فلتفارق أجسادنا المكان ، واذكرني حتى إذا سكتت همسات قلبي في سكون الليل؛ فاعلم أن قد أتت علي الأشواق، فلم تبق على نفس يتردد أو قلب ينبض، افترقنا وليس لنا بد، وكنا من قبل التقينا ولم يكن لنا خيار، أنت وأنا ضحية الأقدار. سأرحل وحدي دونك حتى إذا اتشح الكون برداء الظلام، وسكن الوجود، أتيت تطرق باب أفكاري، فتسكن كيفما وحتما تشاء، فلا أقول غير "مرحبًا بحبيب الروح جاء يؤنسها"، وانطر دقاتي غدًا على بابك، ألا تتآنس الأرواح متحررة من أسر الأجساد يا عمري؟

نسمة السيد ممدوح
17 يناير 2012


الأربعاء، 16 يناير 2013

"أنت الطبيب وأنت الدواء"

"أنت الطبيب وأنت الدواء" 
أدبيات


قالوا كثيرًا في وصف الحبيب والقريب من القلب "أنت الطبيب وأنت الدواء" لا أحسب أن كل من قالها قد خبرها ، وأن المعنى العميق وراء تلك الكلمات البسيطة قد مازج قلبه وروحه، الطبيب.. كلنا عايش لحظات المرض وزار الطبيب يومًا، وكلنا مدين لطبيبه لتخفيفه آلامه؛ لكن المعنى الكامن وراء تلك الحروف أعمق وأكبر، إن الشاعرية تغير الكثير فينا، إنها ما جعلتني أتذوق حلاوة المشاعر في أدق لحظات الألم وأشدها، خضت غمار العمليات الجراحية كثيرًا فيما مضى، وتنوعت آلامي وتباينت في شدتها وصورها، لكن في لحظات ألمي الأخيرة كان هناك شيئًا جديد بداخلي، كانت النفس الشاعرة التي تقرأ ما هو خفي عن العيون، وتترجم كالقاموس مرئيات حياتنا لمعان أكثر عمقًا وروعة، في تلك الأثناء وعندما مازج الألم عيني وروحي، وبينما عيني مغمضتين لا أقوى ولا أجرؤ على فتحمها، والألم يسري كينبوع يتدفق منهما بداخلي ولا يبدو منه للناظرين غير عبرات تسيل على وجنتي محمرة بلون آلامي ، ممتزجة بتأوهاتي، في تلك اللحظات شعرت كم أنا بحاجة لطبيبي، وكيف تجسدت الرحمة والأمان في صفته لا شخصه، وتمنيت لو أن عقارب الساعة بإمكانها أن تعدو كأمهر العدائين حتى تدنو به من غرفتي وفراشي، ولحظة تحقق آمالي كانت هي ذاتها لحظة الاستسلام الكلي، وضعت كل آلامي بهدوء وصمت، وتركت أصابعه تمتد لتفتح رغم الألم جفوني ، كم كان شعور الأمن لذيذًا عذبًا! كيف تضاءلت آلامي في تلك اللحظة؟! وكيف ناشدته شيئًا ينهي عذابي؟! وغاب طبيبي وغابت معه نصف آلامي، وتعلقت البقية منها بمرآه يومًا بعد يوم، وكما يعد المحب الأيام في انتظار لقيا محبوبه كانت أيامي بانتظار طبيبي، ففي كل مرة كانت تضمحل آلامي، وتنزوي شكوكي وأوهامي، وتنمو آمالي، وفي كل مرة كنت أنصت لكل حروفه فكأنها أوامر قد انتهى العقل من مناقشة قرار تنفيذها، فهي منتهية بنطقه، محتومة المضي، لا خيار لي وأنا راضية بانقيادي، أبعد كل هذا لا يبدو تشبيه المحبوب بالطبيب؟! كيف لا وهو يضمد الجروح، وتخبو بقربه نيران الألم، وتتحول النفس بقربه لطائع منقاد برضا وطيب خاطر، كيف لا وقد تجسد الأمن بكل معانيه في شخص الحبيب وروحه؟!

نسمة السيد ممدوح
14 ديسمبر 2012


السبت، 12 يناير 2013

شيء في فلسفة الحب

شيء في فلسفة الحب



ألا إن الوردة عندي ليست سوى جزء جميل من أجزاء النبات قد أهدته الطبيعة لبني البشر، وهي في ذاتها تملك بعض الجمال، أما حين يهديها الرجل لامرأة يودعها سر من أسرار روحه فيربو فيها الجمال، فما الوردة وما الجمال فيها؟ وأين موضعها في الرومانسية عندي؟

الوردة والتي هي رسول الطبيعة ـ هي بحد ذاتها بعيدة عن الرومانسية بعد القمر عن الأرض، لا يرى الواقف على الأرض من القمر سوى ضوء جميل ينبعث عن بعد، وهيهات له أن يرى القمر عن قرب، فيظنه جميلاً مضيئًا، وهو لا يعلم عن ظلمة سطحه شيئًا، وكذلك هي، تراها عن بعد فلا تبصر غير الجمال فيها، وإن لمستها بيديك وحدثتها لم تجبك سوى بصمت، لأنها بلا حبيب يودعها رسالة سحرية تبقى خرساء لا تنطق ولا تقدر على شيء، فالرومانسية فيها ضوء نراه عن بعد، وما إن نقاربها حتى لا نجد غير الظلمة والصمت، فمتى احتملها العاشق ودنت من قلبه، فأصغت لدقاته ونبضاته وتنهداته، حتى تبدلت أحوالها، واستحال اللب فيها إلى شعلة مضيئة بالحب، نابضة بالجمال، متكلمة بالألحان..

فلا أسألك وردة ما لم تجد في نفسك دافعًا ورغبة غير مفهومة لوردة تناجيها، فتبثها شيئًا من نفسك وترسلها إلي، فتتبدل ملامحها، فلا العطر هو العطر، ولا الورق هو الورق، ولا هي وردة من الأرض، بل هدية من الجنة التي هي قلبك.

لا أحسب الرومانسية محصورة على اتساعها وروعتها في وردة صغيرة، إن تهدني يومًا كتابًا اقرؤه فهو عندي من الرومانسية وأكثر، فأجد عيني تمر على ما مرت عليه عيناك، وتلمس ما لمسته يداك، ويتفتح عقلي لما تفتح له عقلك، فأشعر في كياني بشيء قد نما بداخلك يومًا، فلا أحسبه كتابًا قط، بل هو جزء من روحك أرسلتها لتؤنسني، ألا يكون الكتاب بعد ذالك رسولاً للحب بين اثنين؟!

ولا أقول كتابًا في الحب ترسله إلي، وإنما هو كتاب مهما كان قوله وموضوعه مسته عيناك وأناملك ووعيه عقلك وقلبك، فهو منك أبلغ هدية في الحب، وهو كالوردة وأعظم شأنًا، فهي وإن كانت جميلة تذبل مع الأيام ولا يبقى منها غير الذكرى، وهو باقٍ ما دام الحب باقِ حيًا مجسدًا ملموسًا محسوسًا مقروءً مفهومًا ناطقًا.

لا ولن تكون الرومانسية قصرًا على وردة أو كتاب، بل هي أوسع وأوسع، ولها عندي ألف ألف صورة ما دام الحب بيني وبينك فله في الأحياء والماديات ألف ألف رسول ينطق.

نسمة السيد ممدوح
12 يناير 2013


اتبعني على Facebook