الأربعاء، 16 يناير 2013

"أنت الطبيب وأنت الدواء"

"أنت الطبيب وأنت الدواء" 
أدبيات


قالوا كثيرًا في وصف الحبيب والقريب من القلب "أنت الطبيب وأنت الدواء" لا أحسب أن كل من قالها قد خبرها ، وأن المعنى العميق وراء تلك الكلمات البسيطة قد مازج قلبه وروحه، الطبيب.. كلنا عايش لحظات المرض وزار الطبيب يومًا، وكلنا مدين لطبيبه لتخفيفه آلامه؛ لكن المعنى الكامن وراء تلك الحروف أعمق وأكبر، إن الشاعرية تغير الكثير فينا، إنها ما جعلتني أتذوق حلاوة المشاعر في أدق لحظات الألم وأشدها، خضت غمار العمليات الجراحية كثيرًا فيما مضى، وتنوعت آلامي وتباينت في شدتها وصورها، لكن في لحظات ألمي الأخيرة كان هناك شيئًا جديد بداخلي، كانت النفس الشاعرة التي تقرأ ما هو خفي عن العيون، وتترجم كالقاموس مرئيات حياتنا لمعان أكثر عمقًا وروعة، في تلك الأثناء وعندما مازج الألم عيني وروحي، وبينما عيني مغمضتين لا أقوى ولا أجرؤ على فتحمها، والألم يسري كينبوع يتدفق منهما بداخلي ولا يبدو منه للناظرين غير عبرات تسيل على وجنتي محمرة بلون آلامي ، ممتزجة بتأوهاتي، في تلك اللحظات شعرت كم أنا بحاجة لطبيبي، وكيف تجسدت الرحمة والأمان في صفته لا شخصه، وتمنيت لو أن عقارب الساعة بإمكانها أن تعدو كأمهر العدائين حتى تدنو به من غرفتي وفراشي، ولحظة تحقق آمالي كانت هي ذاتها لحظة الاستسلام الكلي، وضعت كل آلامي بهدوء وصمت، وتركت أصابعه تمتد لتفتح رغم الألم جفوني ، كم كان شعور الأمن لذيذًا عذبًا! كيف تضاءلت آلامي في تلك اللحظة؟! وكيف ناشدته شيئًا ينهي عذابي؟! وغاب طبيبي وغابت معه نصف آلامي، وتعلقت البقية منها بمرآه يومًا بعد يوم، وكما يعد المحب الأيام في انتظار لقيا محبوبه كانت أيامي بانتظار طبيبي، ففي كل مرة كانت تضمحل آلامي، وتنزوي شكوكي وأوهامي، وتنمو آمالي، وفي كل مرة كنت أنصت لكل حروفه فكأنها أوامر قد انتهى العقل من مناقشة قرار تنفيذها، فهي منتهية بنطقه، محتومة المضي، لا خيار لي وأنا راضية بانقيادي، أبعد كل هذا لا يبدو تشبيه المحبوب بالطبيب؟! كيف لا وهو يضمد الجروح، وتخبو بقربه نيران الألم، وتتحول النفس بقربه لطائع منقاد برضا وطيب خاطر، كيف لا وقد تجسد الأمن بكل معانيه في شخص الحبيب وروحه؟!

نسمة السيد ممدوح
14 ديسمبر 2012


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook