الاثنين، 30 أبريل 2012

"أدهم صبري" الفكرة


"أدهم صبري" الفكرة

"أدهم صبري" "رجل المستحيل" "د. نبيل فاروق" إنها أسماء يحفظها عن ظهر قلب عدد كبير من الشباب ممن هم في مثل أعمارنا، ومن هم أكبر وأصغر منا، كانوا يطلقون على جمهور نبيل فاروق: الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج، وكان قراء تلك الروايات البوليسية من مختلف الدول العربية، لم يكن سبب الإعجاب والإنجذاب لهذه الروايات هو المتعة التي تحققها فحسب، بل لأن هذه الروايات على سلاسة أسلوبها وبساطته كانت تشبع الكثير فينا، ربما لم ينسى الشباب أبدًا ذاك الإعجاب والإنبهار بشخصية أدهم صبري، وكم تمنوا أن يحققوا بعضًا من ذاته، وكم تمنت الفتيات أن يوجد في هذا العالم شبيهً لأدهم صبري، وكلا الفريقين قد أعجب بفكرة وعشقها، فما هي الفكرة؟ من هم أدهم صبري ليحظى بكل هذا الإعجاب؟
أدهم صبري هو الفكرة الغير مستحيلة والتي لم تتحقق أيضًا، إنه النتيجة التي يمكن أن نحلم بالوصول إليها إذا نجحنا في التخطيط لها، وواصلنا االعمل بإصرار وإخلاص لبلوغها، هكذا تكشف "أوراق بطل" لقارئها، ليس منا من اهتم بتدريب طفله على مهارة معينة في سن الثلاث سنوات ليرى كيف ستصبح عند سن العشرين، نحن ننظر للطفل باعتباره طفل حتى وقت متأخر، ثم نبدأ محاولة إكسابه المهارات الخاصة، إن مهارة التفكير المنظم أو حل المشكلات والألغاز الحسابية، أو مهارة التخطيط واتخاذ القرار السريع كلها قابلة للتدريب، ويمكن للطفل أن يتدرب عليها وكأنه يمارس لعبة مسلية، لكن من سيشرف على هذه اللعبة؟ هذا هو السؤال؟ وهل إن توافر شخص كوالد أدهم صبري في الحقيقة وعني بابنه منذ سن الثالثة ـ هل يمكن أن نحصل على نتيجة مقاربة لما وصل إليه السيد صبري؟ سؤال مفتوح ويقبل إجابات كثيرة، فنعم تأتي بدرجات متفاوتة، وكذلك لا.
أدهم صبري هو الوطنية التي تسري في العروق، أعتقد من الصعب أن تنسوا تلك العبارة : "مصر تنادي" كم كنا نشعر بتدفق مشاعر الوطنية ونحن نقرأها، وربما لمسها أكثر من عاش خارج مصر لسنوات، أدهم صبري البطل المسلم الذي يذكر صلاته ليؤديها في أصعب الظروف، وكم ذكرت العبارات التي تدل على ذلك، وكم ذكرت العبارات الإيمانية على لسانه في أسوأ الظروف وأصعبها.
أدهم صبري البطل الهاديء والتركيز العميق، الذي يؤمن بمبدأ قصور كل ما في الكون والكمال لله وحده، تذكرون هذه العبارات: "لا يوجد نظام أمني كامل" "هناك ثغرة حتمًا" "لكل شخص نقطة ضعف" وفي أعقد المواقف وأصعبها كان يجد أدهم صبري حلاً، بل ومنطقيًا أيضًا، إن الخيال المستخدم هنا لم يكن غير إضافة تكسب الرواية المزيد من التشويق وليس إلا لمسة ساحرة على طاقات أدهم صبري وإمكانياته الفائقة.
أدهم صبري رجل المخابرات الصلب العنيد، وهو أيضًا الإنسان الرقيق العاطفي الذي تحركت مشاعره تجاه زميلته منى وفداها بروحه في الكثير بل الكثير جدًا من الأعداد، وهو من حاول جاهدًا مساعدة جيهان ونادية وبترو وقدري وحسام وغيرهم كثيرون، إنه من يكبر معنى الصداقة ويقر بواجباتها، ويحاول جاهدًا الوفاء بها.
أدهم صبري والوفاء بالوعود ولسنا ننسى "تحت علم مصر" وهي من أندر الأعداد التي امتنع فيها عن استخدام قوته الجسدية حتى في المواقف التي هددت أمنه وحياته، لا لشيء إلا لأنه قد قطع وعدًا لمديره بذلك قبل سفره، أدهم صبري والد آدم من سونيا جرهام عدوته اللدود، وهو كأب مصري مسلم لم يتخلى عن ابنه، وسعى جاهدًا لانتشاله منها، وكم كانت فرحة القارئ غامرة حين فاجانا دكتور نبيل منذ بضعة أيام بأن آدم قد عاد لأحضان والده أخيرًا بعد سلسلة طويلة من المحاولات الشاقة التي باءت بالفشل، لم يتنازل أدهم عن الدماء المصرية والعربية، آدم مصري مسلم وسيشب مصريًا مسلمًا.
أدهم صبري محترم لقواعد العمل في جهاز المخابرات، المقدر لواجباته ومسؤولياته، وهو من كشف الكثير من قواعد العمل في ذلك العالم الغامض وأهمها السرية وطاعة الأوامر ولكل شريحة نصيبها من المعلومات ولا يجوز لها أن تطلب المزيد، المؤسف أن من قرا تلك الأجزاء لم يعي منها شيئًا، وظن أن ما بين يديه خيال امتزج بخيال لا يمت للواقع بصلة.
أدهم صبري الفكرة هو مزيج من صفات كثيرة أحببناها ، وكما عشقناها في شبابنا أتمنى أن نعود فنتقمص بعضًا منها بنفس الروح التي كنا نقرأ بها، وننتظر بها الأعداد الجديدة كل بضعة أشهر، وأخيرًا شكرًا د. نبيل فاروق قدمت مثالاً رائعًا لا ينسى، لا أخجل حين أكتب الأسطر تباعًا حول هذا الموضوع، لأن ما قدمه دكتور نبيل هو فكرة وأخلاقيات ومباديء سطرها ببساطة وبوضوح لكن قل من فهمها وتشبع بها.

نسمة السيد ممدوح
30 إبريل 2012


هناك تعليقان (2):

  1. مقال أكثر من رائع أحييك عليه بشدة اختي الحبيبة

    ردحذف
  2. السيد ممدوح عبدالعظيم30 أبريل 2012 في 11:31 ص

    تعلمنا ان نصون العهود ونفى بالوعود وننطق بالصدق ونصدح بالحق ونوقر كبيرنا ونحنوا على صغيرنا ونعترف بالجميل ونتحمل المسئولية ونحب جيراننا ونحمى محارمنا ونصل ارحامنا ونقدر اناثنا ونعدل فى حكمنا ومعاملاتنا ونعفوا عمن اساء الينا ونمد يد السلام لكل البشر ونحمى مقدساتنا واوطاننا بارواحنا. نعم ان سلسلة رجل المستحيل هى فكرة لغرس القيم وليس للعيش فترة من الزمن فى الخيال. ليتنا نتعلم ثقافة قراءة ما بين السطور فى القصة والمقال والاعلان التجارى والحديث فربما نستطيع ان نفرق بين الغث والثمين. بارك الله فيك ابنتى الحبيبة.

    ردحذف

اتبعني على Facebook