الخميس، 30 ديسمبر 2010

إليَّ أيها الصديق!


إليَّ أيها الصديق!

المتاعب والأحزان والهموم من الحقائق الموجودة في الحياة بالفعل، ومن الصعب جدًا أن تجزم بأنه يوجد أشخاص لم يتجرعوا هذا الشراب المر المذاق ولو لمرة واحدة طوال حياتهم، وإن وجد مثل هؤلاء فهم ليسوا سعداء كما قد تتصور للوهلة الأولى، فبما أنهم لم يلمسوا يومًا نار الحزن ولم تكتوي أصابعهم او تكاد بهاـ فهم مؤكد لن يدركوا معنى السعادة، وإنما حياتهم في جملتها حياة روتينية تكاد تكون فارغة خاوية من أي معنى.
وقبل أن تحكم على هذا المنطق بأنه سوداوي في جملته وتفصيله فعليك أن تتذكر أن الأحزان لا تعني الموت أو الفقدان أوالحرمان فقط، ولا تعد النكبات إلا نوعًا أشد وطأةً من الأحزان، ولكن هناك أحزان طبيعية تنشأ بشكل طبيعي كالآمال المتكسرة على صخرة الأيام، المواقف والكلمات الجارحة، الصداقات الواهية التي انتهت تاركة آثارها المؤلمة هنا وهناك، الإعاقات والعيوب الخلقية على اختلافها حتى لو بدت في نظرك صغيرة ولا يُكترث بها، فهي على العكس في نفوس أصحابها، وقل في تفصيل الأحزان كثير.
ورغم ذلك ولو أنك سلمت بما أقول فسيكون من حقك بالفعل أن تتساءل عن حال هؤلاء الذين يبدون لنا سعداء، اولئك الدائمي الابتسام ، والذين هم في كثير من الأحيان مصدر سعادة لغيرهم، فترى المقربين منهم يثنون عليهم بأوصاف تجعلهم أشبه بقنديل من الأمل لا ينطفئ أبدًا، قنديل زيته هو الحب الخالص، من أين أتوا بمثل هذا الزيت؟ ومن أين أتوا بهذا القنديل الغريب الذي يظل مضيئًا لا يرعاه أحد سوى الله؟
هؤلاء الأشخاص ليسوا إلا أناس ناجحين من الناحية النفسية، يملكون قدرات مميزة جعلتهم قادرين على عزل أحزانهم في جانب خاص من جوانب حياتهم، جانب يصعب أن يصل إليه أحد، فقد سمت فيهم الروح كثيرًا حتى أن الأحزان بدت أشياء يحظر على الآخرين الإطلاع عليها، ربما رفع هذا الحظر عن واحد أو اثنين من أقرب المقربين لهم، ولكن مع ذلك تبقى هذه الأحزان دفينة في مكان ما لا يعرف عنها أحد، وعلى نار تلك الأحزان نضجت أفكارهم الغريبة، ترى لهم تطلعات خاصة، آمال لا محدودة، أهداف واسعة، والغريب أن هذه الأفكار ليست شاذة أو مستنكرة، وإنما أفكار سامية تشعر فيها بجمال الروح ونبل الهدف ومشروعية الوسيلة، ورغم هذا فهم غير منفصلين عن حياتهم والمحيطين بهم، إنهم هنا وهناك يبثون شيئًا من الأمل والثقة والسعادة في نفوس الآخرين، ومع الإمتنان والثناء الذي يحصلون عليه لا تبدوا عليهم مظاهر السعادة الجمة ولا تدفعهم للغرور، ويظل التواضع هو الخلق المسيطر في كل الأحوال.
ترى هل التقيت في حياتك بأحد هؤلاء؟ إن كنت قد فعلت فعليك أن تعيد تقييمك لشخص كهذا، لا تحسبه سعيدًا كما قد يبدو لك، ولهذا حاول أنت أن تمنحه السعادة بطريقة أو باخرى، وإن لم تلتقي بمثله فاعلم أنك إن وجدته فسيكون أفضل هدية يمنحك إياها القدر، إن الحياة بقرب هؤلاء متعة ، وإن كسبت صداقته فستلمس أجمل معاني السعادة التي تنبت من بين الأحزان كأنها عين الماء تتفجر وسط الصحراء القاحلة، أو هي الزهرة تنبت بين الأشواك.
ما أجمل أن يرزق المرء بصديق من هذا القبيل، هذا الصديق الذي كان وما يزال دومًا عملة نادرة لا تحصل عليها إلا بمحض المصادفة والنعمة الإلهية، فلا تحسب كل من هو مقرب إليك يشاركك الكثير من أحلامك ويقاسمك أفراحك وأتراحك بمثابة صديق، فالصديق انبل من أن تصفه بالكلمات، إنه من تتجاوز في علاقتك به الحب والأخوة لأبعاد أكثر عمقًا وروعة، فهل ألقاك يومًا أيها الصديق؟!

نسمه السيد ممدوح
29 ديسمبر 2010


الأحد، 26 ديسمبر 2010

حقوق وواجبات


حقوق وواجبات

الحياة مزيج من علاقات كثيرة ومتنوعة، وفي كل علاقة بين اثنين تظهر معادلة الحقوق والواجبات، الغريب أن الكثيرين لا يعيرون هذه المعادلة اهتمامًا كافيًا، وتكون النتيجة معادلة مختلة والمساواة فيها مفقودة أو تكاد تكون كذلك، لكن أين المشكلة؟ يبدو أن الأمر يكمن هناك، نعم في مكان ما داخل عقلك أنت، ولنحلل الأمر معًا وحاول أن تجيب على هذا السؤال: هل تعترف بحقيقة أنه لا توجد حقوق مطلقة تنالها لأنها حقًا لك بالفعل؟
لو نظرنا للموضوع نظرة يخيم عليها التروي والإنصاف فسيبدو بالفعل أنك لا تملك حقوقًا مطلقة يحق لك ان تنالها إلا.. وهنا مربط الفرس إلا إذا كانت هناك واجبات تؤديها على النحو المطلوب تمامًا ودون نسبة خطأ تذكر، وهذا بالطبع أمر مستحيل، فأنت بشر وهم أيضًا كذلك، لهذا اطرح حقيقة الحقوق المطلقة جانبًا وتابع.
إن أول ما تناله في حياتك هو اسمك، والذي منحك الاسم هو والدك، وبالطبع شاركت والدتك في ذلك، وربما شاركهم جدك أو جدتك، لا يهم من اقترح اسمك، المهم أنه كان شيئًا لابد أن تناله وقتها، وكان من حقك في تلك اللحظة وأنت مهيض الجناح لا تعي شيئًا في هذه الحياة ـ كان حقًا لك أن يمنحوك اسمًا حسنًا، لكن هذا الحق لم تناله بدون مقابل، فوالدك أعطاك اسمك واسمه أيضًا، لماذا؟ لتكون في الغد صورة مشرفة تحمل توقيعه، على الأقل لا تزج باسمه الذي اقترن باسمك فيما يشينه ويسيء إليه، أليس هذا واجبًا عليك طوال حياتك؟
في صغرك وجدت من يعطيك الكثير من وقته وطاقته وصبره ـ وأقول ذلك لكي تتذكر مشقة التعامل مع الأطفال في هذا السن المبكر ـ ليلقنك أول حروف العلم ويضعك على طريق المعرفة والنور، ثم تحمل الكثير لتذهب إلى مدرستك وترتقي فيها عامًا بعد عام ، وهناك أيضًا معلم أو معلمون أعطوك الكثير في هذه الناحية، هؤلاء لم يعطوك هذا لأنه حق لك بالفعل، وإنما هم أعطوك ليساعدوك على أداء المطلوب منك فيما بعد، عليك أن تقدم لهذا وذاك الكثير، تصور المسؤولية التي يلقونها على عاتقك في تلك اللحظات وستدرك كم هي ثقيلة وكبيرة وتستحق منك أن توليها أشد اهتمام.
حتى في حياتك العملية، فأنت تعمل لتحصل على مقابل مادي، لكن تذكر أنك مهما فعلت لن تكون عن نفسك صورة صادقة مائة بالمائة، البعض قد يضخم ما يقوم به من أعمال والبعض قد يصغرها، لهذا لا تعتمد على مقياسك الداخلي فقط، إنما هناك الكثير من المقاييس التي يجب أن تضعها في اعتبارك، فهناك زملاءك ـ واحذر فليست كل مقاييسهم سليمة أيضًا وهناك عوامل كثيرة تتدخل في تقييمهم لك ـ اختبارات القدرات وهكذا، لهذا لا تطالب دومًا بالمزيد من الأجر مالم تكن واثقًا من أنك تستحقه بالفعل، وإن قدرت ذلك في نفسك فعليك أن تضع احتمال ولو يسير للخطأ في التقدير، ولهذا اطلب ما تريد دون استخدام مبدأ الحق المطلق كقوة داعمة.
انتظر فالأمر لم يتوقف هنا، فأنت عندما تصاب بالانفعال وتصب انفعالك على زوجتك أو صديقك أو زوجِك او صديقتك أو أحد ابناءك أو أخواتك فلا تطلب منهم تحملك لأنه حق لك، إن كنت جادًا في طلبه كحق فعليك أن تقرر أولاً إن كنت تفي بهذا الواجب تجاههم أم لا، ولو أنك قدرت الموقف في هدوء ستجد أنك لم تقدم ما ينبغي لهذا لا تطلب منهم تحملك كحق، إذن ماذا تفعل؟
الإجابة بسيطة جدًا حاول أن تطلب ماتريد بعيدًا عن مبدأ الحقوق والواجبات، اطلب ما تريد بلطف، اجعل ابتسامتك هي وسيلتك لنيل هذا، وتذكر أن لكل إنسان مفتاحه الخاص الذي يمكن من خلاله فتح الباب والولوج منه، وهناك دومًا باب خلفي هنا أو هناك ابحث عن هذا الباب واعبر منه بأدب لتخاطب العقل بحرية.
كن ممتنًا بدرجة معقولة ومتزنة لكل من قدم لك شيئًا، ليس كل ما تحصل عليه حق، وليس كل ما تقدمه واجب، لا توجد حقوق أو واجبات مطلقة وهذا يكفي.

نسمه السيد ممدوح
26 ديسمبر 2010


اختر القناة المناسبة.. لا تحاول تغيير التردد


اختر القناة المناسبة.. لا تحاول تغيير التردد

في علم الاتصال تبدو الحياة بجملتها عبارة عن عمليات اتصال متتالية ومتشابكة أيضًا، فعندما تلقي على أحدهم تحية الصباح فإنك مرسل لرسالة محتواها "صباح الخير" والطرف الآخر هو مستقبل لرسالتك التي حملتها قناة أو وسيلة هي الكلام المنطوق والذي شارك فيه لسانك وشفتيك وكذلك أذن شريكك، هناك إذن مرسل ومستقبل ورسالة ووسيلة، وهذه الصورة تتكرر آلاف بل ملايين المرات في اليوم الواحد، هناك رسائل منطوقة وأخرى مكتوبة وهكذا، وهناك رسائل رمزية تعتمد عل إشارات الأيدي وتغير ملامح الوجه وحركات الرأس وقل في ذلك كثير.
لكن حين نتحدث دومًا عن الطريقة المثلى للتحدث مع الآخرين فإننا نركز اهتمامنا ونصبه على محتوى ما نقول أو كيف نقول هذا أو ذاك، وننسى في الكثير جدًا الوسيلة أو القناة التي نستخدمها لنقل الرسالة، واختيار القناة المناسبة هو مما يدل على سعة أفقك كمرسل ومدى احترامك وتقديرك للمستقبل، دعني أقدم لك مثالاً بسيطًا: عندما ترسل إشارة تأكيد بإيماءة رأس لصديق لك يعاني من قصر النظر فهل يدل ذلك على توفيقك في اختيار وسيلة التعبير أو قناة الاتصال بينكما؟ هذا لا يدل إطلاقًا على أنك أصبت الاختيار، كما أنه يدل على قلة تقديرك واحترامك لصديقك أيضًا، فمن الأدب ومراعاة مشاعر الآخرين أن تضع دومًا قدراتهم على اختلافها في حسابك عندما تتعامل معهم حتى في أبسط المواقف، فالمواقف التي تبدو لك بسيطة تكون أقوى تأثيرًا في نفوس الآخرين لأنها تعطي انطباعًا دقيقًا عن شخصيتك في حالتها الطبيعية، فبدلاً من أن تستخدم اشارت الراس تحدث بصوت مسموع وواضح هذا أفضل لكليكما، فهو سيستقبل رسالتك بوضوح وسيكون ممتنًا لك أيضًا حتى لو لم يعبر لك عن ذلك.
في موقف آخر تكون أنت فيه المستقبل للرسالة، وعندما يوجه لك أحدهم رسالة ما عبر قناة معينة، فمن دواعي الأدب واللباقة أن تجيب عليه على نفس القناة، لا تحاول تغيير التردد أو العبث بجهاز التحكم عن بعد، هذا يدل على قلة اكتراثك وتقديرك للطرف الآخر، فعندما تنشب مشكلة بينك وبين زوجتك وتفاجأ برسالة مكتوبة تصلك منها تناقشك فيما حدث، فالسلوك الذي يفترض عليك اتباعه في تلك اللحظة هو الرد عليها برسالة مكتوبة أيضًا، احترم اختيارها في البداية حتى لو لم تتوصل لدوافع ذلك.
هناك إذن آداب خاصة عند إدارة أي اتصال بين شخصين، ولكي تحصل على احترام الآخرين وتقديرهم لك حاول أن تلم بهذه الآداب، وتأملاتك الخاصة ستوصلك حتمًا لها: اختر الوسيلة المناسبة، ضع في مقدراتك إمكانيات الطرف الآخر العقلية والحسية أيضَا، لا تحاول تغيير قناة الاتصال دون سبب قوي، أجب دومًا بنفس اللغة إن كنت تتقنها، تحدث بلغة تقدر بنسبة تسعين بالمائة إجادة مستقبل رسالتك لها، لا داعي للتأنق مالم ترغب في أن توصل رسالة تفيد بأنك شخص لا يحترم الآخرين ويرى رأسه أعلى من بقية الرؤوس، وثق بأن من تطاولت قامته كثيرًا سهل اسقاطه.

نسمه السيد ممدوح
24 ديسمبر 2010

الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

أختي


أختـــــــــــــــــــــــي

ترى ماذا تعني لك كلمة أختي؟ ألم تفكر بهذا السؤال من قبل؟ لا بأس فقد حان الوقت إذن لتبحث عن إجابة حقيقية وصادقة لهذا السؤال: من هي أختك؟ أي جزء تشغله في حياتك؟
إنه لمن المؤسف حقًا أن تكون وحيدًا بلا أخت، أو أن تكون لك أخت دون علاقات تربطكما معًا، فالأخت نموذج مختلف تمامًا في حياة الرجل بصفة خاصة، هل ارتبت يومًا في أنك تكن الكثير من الحب لأمك؟ الجواب الطبيعي للنفس السوية هو لا، إذن ماذا تكن لأختك؟ تذكر أنها صورة مصغرة من أمك، فالأنثى تولد أمًا حتى لو لم تكن في يوم من الأيام زوجة، كل ما في الأمر أنك لم تمنح نفسك الفرصة لتكون ابن لها تحظى بحبها وحنانها وتدليلها لك، صورة غريبة بعض الشيء إن أنت نظرت إليها بسطحية، لكن لا بأس دعنا نتشارك قليلاً في رسم بعض اللوحات واختر أنت ما يناسبك من تعليق عليها.
تصور نفسك في حالة اضطراب نفسي، تعاني من الكثير، الضغوط تكاد تحطم أضلاعك، صدرك يكاد يضيق حتى بما يدخل إليه من أنفاس الهواء، تبحث عمن تبثه شكواك ، فتحتار كثيرًا في اختياره، والدك محمل هو الآخر بالكثير والكثير، أمك ستصاب بالحزن والألم العميق إن أنت شاطرتها متاعبك، قد لا يكون لك نصيب من صديق حميم، لا زوجة أو خطيبة في حياتك، وحتى إن وجدت فبعض ما يجثم على أنفاسك قد لا تشاطرها إياه، تحتاج لأم من نوع مختلف، أم تملك بين جنباتها الحنان والحب والدفء، وعلى ذات الجانب تحمل التعقل والتجلد، أم ستضمك إليها وتخلي لك السبيل، قل قدر ما تريد، تحدث دون حساب للنتائج، في النهاية ستتحول إلى ما يشبه الطبيب، تبحث لك عن الدواء دون عواطف قد تشتت الفكر وتربكه، أليست أختك هي الوحيدة التي تملك مفتاح هذا التحول الوحيد؟ أتصورت نفسك يومًا جالسًا بين يديها تبثها كل ما تريد دون تفكير أو تخطيط، اتصورت رأسك قد مالت على كتفها تخاطب فيها الأم الحنون؟
دعك من الصور التي تنتابها الآلام والضغوط ولأحدثك عن صور من الحياة اليومية المعتادة، قل مثلاً أن تشعر بالجوع، جرب أن تطلب من أختك بلطف أن تعد لك شيءً معينًا من الطعام، ابتسم لها، اخبرها أنك تشتاق لمذاق هذا الطبق لأنها تعده على نحو مميز، ثم تأملها حين تعده وتقدمه لك، حاول أن تقرأ ما تقوله عينيها، لا تكن بخيلاً جرب أن تقدم لها الشكر وتشعرها بالإمتنان، ما رأيك أن تعيد التجربة لاحقًا، ولك أن تتصور مدى سعادتك وشعورك بلمسة أمك في يديها وعينيها.
مرة اخرى تصور نفسك متعبًا منهكًا أو أن المرض داهمك ذات يوم، حينها جرب أن تشاطر أختك آلامك، ثم انظر إلى عينيها حين تقدم لك الدواء، اليست تلك هي جزء من نظرات امك إليك، بدلاً من هذا تصور أن تطلب من أختك بلطف أن تتهيأ لأنك تريد أن تصحبها في نزهة خاصة، حاول أن تنظر إليها كثيرًا وشاطرها أحلامك ، فكر في أنك ستعيش يومًا مختلفًا عما تقضيه بصحبة رفاقك، المذاق سيكون مختلفًا لكن حتمًا سيكون ممتعًا.
درب نفسك على أن تلقي عليها تحية الصباح بحب، أوثق الرباط بينك وبينها حتى في المنزل الكبير، تذكر أنها صورة أمك في شبابها، ألم تتساءل يومًا كيف كانت أمي فيما مضى؟ تصور أنها أختك، إنه لشعور رائع أن تحيا بقرب أخت تحبك وتدللك كابنها بحق، لا تفكر أنها أكبر أو اصغر منك عمرًا، ففي كل الأحوال هي أنثى تحمل قلب الأم بين ضلوعها.
فإن كانت لك أخت كهذه فهنيئًا لك بها، وإن كانت لك وأنت لا تعرف فيها جوانب الأمومة فحاول أن تطرق أبوابها، لا تفوت تلك اللذة، وإن لم تكن لك أخت على الإطلاق فأنا آسفة لأجلك، فقد فاتك الكثير في حياتك.

نسمه السيد ممدوح
22 ديسمبر2010


الاثنين، 20 ديسمبر 2010

فن الاعتذار


فن الاعتذار

ترى هل فكرت يومًا بأن للاعتذار فن عليك أن تتعلمه؟! لا تتوقف كثيرًا لتوجه استنكارًا، ولكن تمهل فقليل من التروي سيقودك للتصديق.
كيف تقدم اعتذارًا لأحد؟ كيف تقبل اعتذار أحدهم؟ هذه ليست بالمهام السهلة على الإطلاق، فمادام الاعتذار يعني إقرارًا بالخطأ، والخطأ ثقيل على النفس لكونه خادشًا لكبريائها الطبيعي، فإن هذا الاعتراف بالخطأ له من الثقل ما تنوء بحمله النفس، وفي قبوله أيضًا بحاجة لفن حتى لا يقع الحمل على صاحبه فيسحقه تحت وطأته، لهذا كان هناك فن للاعتذار لا يجيده سوى ذوي الأرواح السامية.
فعندما يبدر منك الخطأ عفوًا أو عمدًا وهو الأسوأ، وعندما تحمل بداخلك قدرًا متوازنًا من احترام الذات وتقديرها، فمؤكد ستشعر بالكثير والكثير جدًا من الخجل، هذا الخجل وما يستتبعه من توبيخ داخلي هو أشد ألوان العقاب بالفعل، فليس أسوا من أن تصغر صورتك امام نفسك، إنه صراع عنيف يحتدم داخل الإنسان، ربما يكون حسمه في أحد حلين، إما زيادة في إهانة النفس بالمزيد من الغرور والتكبر والتعالي على ما حدث، وبهذا تعيش في عذاب أبدي بلا نهاية كلما انتابتك ساعة الإفاقة، وربما كان الحل الآخر هو تقديم الاعتذار صراحة، وبه تكسر القفل وتخرج من زنزانتك، لكن هذا القفل بالمتانة التي تجعل كسره امرًا عسيرًا جدًا يحتاج منك قدرًا كبيرًا من الشجاعة، لكن من الجميل أن تذكر ان ليست كلمة "انا آسف سامحني" هي السبيل الوحيد لذلك، قد تكون نظرتك أو القاؤك لتحية الصباح أو اسداؤك لخدمة بديلًا لها، لكن لكل شخص تقدم له اعتذارك ما يناسبه.
وحين تكون أنت الطرف الآخر قابل الاعتذار، فعليك أن تذكر مدى المشقة التي يلاقيها من يقدم لك اعتذاره، والأجدر بك أن تتحلى بالكرم في موقف كهذا، فتلك اللحظة حاسمة بحيث لا تحتمل التوبيخ والنصح في حينه، نحي هذا جانبًا ولو لبعض الوقت، واكتفي بهذا الاعتراف الصريح بالخطأ، وكن رحيمًا بالآخرين، فلا تطل لحظات رد الفعل، لا تتجنب نظرته إليك فتزيد عذابه قوة، شجعه بابتسامة منك، وإن أبدى إليك إشارة تفيد اعتذاره فاقبلها دون أن تجرحه بذلك، إن ألقى عليك التحية أو قدم لك شيئًا تحتاجه في صمت، فابتسم بلطف وقدم له الشكر، اجعل عينيك تخاطب عينيه، لا داعي للعبارات التقليدية: "قبلت اعتذارك" "أسامحك" ، كن أكثر لطفًا فتلك قد تزيد وطأة الموقف.
وعلى كل حال قدر نفسك أكثر، وجنبها ارتكاب الأخطاء قدر الإمكان، فمهما يكن من فن الاعتذار فهو صعب ثقيل على النفس، ومادمنا نحن بشر فعلينا أن نتقن هذا الفن ونتشربه، فلا تكن قاسيًا على نفسك وعلى الآخرين.

نسمه السيد ممدوح
16 ديسمبر 2010


الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

المشاعر حقيقة لا حقيقة لها


المشاعر حقيقة لا حقيقة لها

العقل هو ذاك المدبر المفكر ، وهو قائدك في معركة الحياة، يضع الخطط للعمل والحركة، يرسم الأهداف ويقدر الأخطار، وإن كان عقلك حكيمًا، وقائدًا ذو روية، فمؤكد سيكون له مستشارين من حوله، والقلب سيكون بالطبع أحدهم، فالقلب يرى أطياف غريبة لا ملامح لها يعجز عن فهم كنهها العقل بفكره الجاد، فالعقل هو الرياضي البحت، يتعامل مع الحقائق الجافة من الأرقام والإشارات والرموز، أما القلب فهو ذاك الرسام، هو الفنان الذي يرى النور إشارة لمعنى، والنقطة السوداء رمز لكذا، وكلاهما لا يقوى على الحياة دون الآخر ولابد لهما من التآزر والتشاور على طول الخط.
والمشاعر حقيقة من الحقائق الغريبة في الحياة، إنها شيء إن وضع أمام العقل وحده حيره، وإن ظل يقلبه يمينًا ويسارًا جن جنونه دون فائدة، فهي شيء مبهم غريب، كلما قلبه تارة تغير لونه وشكله، ولا يدرك كنه ذلك الشيء سوى القلب، وحده يرى ملامحة جلية واضحة، فالمشاعر هي الحقيقة التي لا حقيقة لها بالفعل، وإنما هي لوحة مختلطة يرى فيها كل فنان شيئًا مختلفًا يحسبه الحقيقة، وهي وإن كانت كذلك أكثر عمقًا من المحيط، وغموضًا من الفضاء، فماذا تراك تفعل حيالها؟
فقط سلم بها دون أن تخضعها لمقياس العقل وحده، لا توجد مشاعر صحيحة وأخرى خاطئة، وإنما هناك حقيقة مشاعر مؤسسة على أعمدة قد تكون سامية في ذاتها ، حسنة في مظهرها، أو مشوهة في روحها، منفرة في ملامحها، والأعمدة لا تنبت من العدم، هناك أيد وضعتها هنا أو هناك، ولا لوم على البناء إن كان من ارسى الأساس يستحق اللوم بجدارة.
وما تبصره عيناك من كل ذلك ليس إلا نزرًا يسيرًا، ألم تقدم لأحدهم مساعدة بسيطة وتراها تترك داخله أثرًا يتجاوزها أضعاف مضاعفة؟! ألم توجه كلمة عارضة لأحدهم دون قصد فتكسره بأكثر مما تتصور، ولا تكتفي فقط بخدش جوهره؟! ألم تقدم هدية ثمينة لغيره وتراه يتقبلها ببرود وعيناه تقطر بالدمع الصامت؟! لا تحسب ذاك يعشق المبالغة، أو أن الآخر ممثل بارع، أو أن ثالثهم متكبر مغرور، أنت لا ترى غير مقدمات يأتي وراءها الكثير من الخفايا، قد لا تتاح لك فرصة معرفة المزيد لكن ثق أن وراء هؤلاء الكثير والكثير من الحقائق والأعمدة التي أسست مشاعرهم تجاهك في هذه اللحظة أو تلك، قد تكون قد غرست بيدك أحد تلك الأعمدة، قد تكون مسؤولاً عن مشاعر سلبية أو إيجابية، لكن تذكر ألا تحكم عليهم بعقلك فقط، وإن فعلت فأنت كالقاضي المستبد بالرأي لا يسمع لمستشاريه، وإن تحدثوا عمدًا صم هو أذنيه ونطق بالحكم.
فلا تكن قاضيَا ظالمًا فتقع يومًا فريسة لحكمه عليك.

نسمه السيد ممدوح
13 ديسمبر 2010

النور والظل


النور والظل

أنت وأنا قصة النور والظل.. إن جئت عن يمين الشي كنت أنا عن يساره، فإن سعيت إلي ابتعدتُ عنكَ بقدر دنوك مني.. وإن حاولتُ عبثًا الهرب منك جذبتني إليك بطاقة سحرية.. ارتباط أبدي بلا فكاك.. ندور وندور بلا لقاء .. فإن أتيتَ من فوقي اختفيتُ وضيعتني .. وإن تواجهنا استحلنا.. فتقضي علي أو أقضي عليكَ في ساحة قتال شاذة غريبة.. لهذا كان الحب بيننا دومًا رسولًا لاهثًا.. يحمل منكَ وإليكَ .. يركض بيننا في حلقة مغلقة.. الكل فيها يدور والمسافات ثابتة .. وإن حاولنا تغييرها فشلنا.. هذا هو القدر يا حبي.. نتجاذب ونتباعد وندور.. فنحب ونشتاق ونتعذب.. نأمل ونحلم ونفيق.. هكذا بلا نهاية تدور بنا الأحوال.. ونحن دومًا كالنور والظل متلازمان مختلفان متباعدان..

نسمه السيد ممدوح
16 ديسمبر 2010


الاثنين، 13 ديسمبر 2010

السر يكمن داخلك


السر يكمن داخلك

البحر.. إن أردت أن تصف البحر فستحتار في وصفه، وستجد أن كل إنسان يصفه من منظوره الخاص ، فقد يصفه الجغرافي على أنه مسطح مائي كبير ذو ماء مالح، ويصفه الأديب على أنه الملهم للشعراء والموقد للمشاعر، ويصفه البحار بأنه حقل العمل والحركة بلا حدود، ويصفه الغواص على أنه العالم الذي لا يعلم عنه الآخرون سوى القليل، وأنه عالم آخر بأنماط عديدة للحياة داخله.
وقد ترى الشخص المرح ينظر إلى البحر ويصفه بأنه رمز للحيوية والابتهاج والتفاؤل، وينظر إليه اليائس على أنه رمز الموت والغرق والضياع، وهكذا كلٌ ينظر إليه كما يشاء على أن البحر في كل الأحوال واحد، وكذلك الحياة، إن أردتها مبهجة تجدها كذلك، وإن أردتها مظلمة كانت كذلك، وفي كل موقف أنت مخير بين اللون الأبيض الذي يكسوا الأحداث والأشخاص بالحسن، وبين اللون الأسود الذي يكسوهم بالقتامة.
فبداخل كل منا طاقة خاصة تشكل كل شيء من حوله، قد تكون إيجابية أو سلبية ، وعلى كل حال أنت المسؤول عن تلك الطاقة وتوجيهها، وربما عليك أن تتعلم كيف توجه تلك الطاقة لصالحك، فهي إما طاقة إيجابية تدفعك للعمل والتطور والعيش باستقرار وألفة مع النفس والآخرين، وإما طاقة سلبية تدفعك للهلاك، وليس أقسى على المرء من أن تهلك نفسه وروحه ولن يفيد الجسد حينها ولو بقي.

نسمه السيد ممدوح
22 مايو 2010


الأحد، 12 ديسمبر 2010

ماءُ النسيان.. وذَهَبُ الخلود


ماءُ النسيان.. وذَهَبُ الخلود

لا تكتب لي حبيبي بمحبرة من الماء.. واكتب عني بخيوط الذهب .. فحرارة الحياة تبخر سطور الماء .. ولا يبقى منها غير صفحات بيض خاويات.. لا حروف ولا معاني .. فقط بياض النسيان.. والذهب إن مسه لهيب الزمن سال .. فتمدد وتغير شكله أو كاد.. وعلى كل صورة هو باقٍ.. صامد يواجه التقويم مهما زادت به السنوات .. منفرد في مواجهة الريح.. ثمين مهما رخص من حوله البشر .. عزيز أن يقذف هنا أو هناك .. كريم يأبي الأسطح التي تلتهمها عيون الناظرين .. عفيف في المخدع ودومًا مصون .. فاكتب عني بالذهب أبقى ما بقي الزمان .. وأحيا في عقلك وقلبك وروحك للابد..

نسمه السيد ممدوح
12 ديسمبر 2010


اتبعني على Facebook