الأحد، 26 ديسمبر 2010

حقوق وواجبات


حقوق وواجبات

الحياة مزيج من علاقات كثيرة ومتنوعة، وفي كل علاقة بين اثنين تظهر معادلة الحقوق والواجبات، الغريب أن الكثيرين لا يعيرون هذه المعادلة اهتمامًا كافيًا، وتكون النتيجة معادلة مختلة والمساواة فيها مفقودة أو تكاد تكون كذلك، لكن أين المشكلة؟ يبدو أن الأمر يكمن هناك، نعم في مكان ما داخل عقلك أنت، ولنحلل الأمر معًا وحاول أن تجيب على هذا السؤال: هل تعترف بحقيقة أنه لا توجد حقوق مطلقة تنالها لأنها حقًا لك بالفعل؟
لو نظرنا للموضوع نظرة يخيم عليها التروي والإنصاف فسيبدو بالفعل أنك لا تملك حقوقًا مطلقة يحق لك ان تنالها إلا.. وهنا مربط الفرس إلا إذا كانت هناك واجبات تؤديها على النحو المطلوب تمامًا ودون نسبة خطأ تذكر، وهذا بالطبع أمر مستحيل، فأنت بشر وهم أيضًا كذلك، لهذا اطرح حقيقة الحقوق المطلقة جانبًا وتابع.
إن أول ما تناله في حياتك هو اسمك، والذي منحك الاسم هو والدك، وبالطبع شاركت والدتك في ذلك، وربما شاركهم جدك أو جدتك، لا يهم من اقترح اسمك، المهم أنه كان شيئًا لابد أن تناله وقتها، وكان من حقك في تلك اللحظة وأنت مهيض الجناح لا تعي شيئًا في هذه الحياة ـ كان حقًا لك أن يمنحوك اسمًا حسنًا، لكن هذا الحق لم تناله بدون مقابل، فوالدك أعطاك اسمك واسمه أيضًا، لماذا؟ لتكون في الغد صورة مشرفة تحمل توقيعه، على الأقل لا تزج باسمه الذي اقترن باسمك فيما يشينه ويسيء إليه، أليس هذا واجبًا عليك طوال حياتك؟
في صغرك وجدت من يعطيك الكثير من وقته وطاقته وصبره ـ وأقول ذلك لكي تتذكر مشقة التعامل مع الأطفال في هذا السن المبكر ـ ليلقنك أول حروف العلم ويضعك على طريق المعرفة والنور، ثم تحمل الكثير لتذهب إلى مدرستك وترتقي فيها عامًا بعد عام ، وهناك أيضًا معلم أو معلمون أعطوك الكثير في هذه الناحية، هؤلاء لم يعطوك هذا لأنه حق لك بالفعل، وإنما هم أعطوك ليساعدوك على أداء المطلوب منك فيما بعد، عليك أن تقدم لهذا وذاك الكثير، تصور المسؤولية التي يلقونها على عاتقك في تلك اللحظات وستدرك كم هي ثقيلة وكبيرة وتستحق منك أن توليها أشد اهتمام.
حتى في حياتك العملية، فأنت تعمل لتحصل على مقابل مادي، لكن تذكر أنك مهما فعلت لن تكون عن نفسك صورة صادقة مائة بالمائة، البعض قد يضخم ما يقوم به من أعمال والبعض قد يصغرها، لهذا لا تعتمد على مقياسك الداخلي فقط، إنما هناك الكثير من المقاييس التي يجب أن تضعها في اعتبارك، فهناك زملاءك ـ واحذر فليست كل مقاييسهم سليمة أيضًا وهناك عوامل كثيرة تتدخل في تقييمهم لك ـ اختبارات القدرات وهكذا، لهذا لا تطالب دومًا بالمزيد من الأجر مالم تكن واثقًا من أنك تستحقه بالفعل، وإن قدرت ذلك في نفسك فعليك أن تضع احتمال ولو يسير للخطأ في التقدير، ولهذا اطلب ما تريد دون استخدام مبدأ الحق المطلق كقوة داعمة.
انتظر فالأمر لم يتوقف هنا، فأنت عندما تصاب بالانفعال وتصب انفعالك على زوجتك أو صديقك أو زوجِك او صديقتك أو أحد ابناءك أو أخواتك فلا تطلب منهم تحملك لأنه حق لك، إن كنت جادًا في طلبه كحق فعليك أن تقرر أولاً إن كنت تفي بهذا الواجب تجاههم أم لا، ولو أنك قدرت الموقف في هدوء ستجد أنك لم تقدم ما ينبغي لهذا لا تطلب منهم تحملك كحق، إذن ماذا تفعل؟
الإجابة بسيطة جدًا حاول أن تطلب ماتريد بعيدًا عن مبدأ الحقوق والواجبات، اطلب ما تريد بلطف، اجعل ابتسامتك هي وسيلتك لنيل هذا، وتذكر أن لكل إنسان مفتاحه الخاص الذي يمكن من خلاله فتح الباب والولوج منه، وهناك دومًا باب خلفي هنا أو هناك ابحث عن هذا الباب واعبر منه بأدب لتخاطب العقل بحرية.
كن ممتنًا بدرجة معقولة ومتزنة لكل من قدم لك شيئًا، ليس كل ما تحصل عليه حق، وليس كل ما تقدمه واجب، لا توجد حقوق أو واجبات مطلقة وهذا يكفي.

نسمه السيد ممدوح
26 ديسمبر 2010


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook