الجمعة، 10 يونيو 2011

المدرسة والأسرة للقضاء على الأمية الثقافية والاجتماعية


المدرسة والأسرة للقضاء على الأمية الثقافية والاجتماعية

لم يعد التعليم مطلبًا ضروريًا فحسب للإنسان؛ بل إنه أصبح اليوم حق لكل إنسان يناله ليتمكن من مواصلة حياته على نحو طبيعي ومثمر أيضًا، ولم يعد التعليم قاصرًا على الإلمام بقواعد القراءة والكتابة فقط، ولم يعد أيضًا مسمى الأمية قاصرًا على أولئك ممن لا يملكون مهارة القراءة والكتابة، بل أصبحت هناك أمية ثقافية وأمية تكنولوجية وأمية اجتماعية.
وفي الوقت الذي تركز فيه وسائل الإعلام والمدارس على الجوانب التكنولوجية ، وادخال التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية تحقيقًا لهدف الإفادة منها على أقصى ما يمكن داخل الفصول الدراسية، وتحقيقًا لاستخدام التلاميذ لها واكسابهم المهارات العملية في هذا المجال - وفي ظل هذا كله يبدو أن الأمية الثقافية والاجتماعية لا تنال القدر الكافي من الاهتمام سواء داخل المدرسة أو الأسرة.
والثقافة هي مصطلح شدبد الاتساع والشمول أيضًا، وتضم الثقافة أساليب الحياة التي يعيشها الفرد وما يكتسبه من أسرته ومجتمعه، وتضم قيمة وتقاليده وأعراف مجتمعه، وخبراته الشخصية التي يكتسبها بنفسه، والخبرات الجماعية التي يكتسبها من مجتمعه والمحيطين به، وأيضًا لغته ومقدار حصيلته اللغوية، ومعلوماته ومعارفه العامة والخاصة، وبالطبع يندر أن تتحقق الأمية الثقافية بنفس الشكل الذي تتحقق به الأمية الهجائية، إلا أن أقل القليل من الثقافة يعد بمثابة أمية أيضًا.
وهناك الأمية الاجتماعية، ويمكن أن نقول أنها نقص المهارات الاجتماعية، ومن ذلك مهارات الاستماع والحوار والشجاعة الأدبية والقدرة على التفاعل في الجماعات الصغيرة والكبيرة نسبيًا، وعدم الخوف من مواجهة المجتمع، ومن الجدير بالذكر أن هذه المهارات تحتاج في الأساس لبناء نفسي قوي وثابت، أي أنها تحتاج إلى تقدير إيجابي للذات يولد ثقة بالنفس ومن ثم القدرة على اكتساب مثل هذه المهارات التي بدورها ستعزز هذا التقدير وتزيد الثقة وتدفع للنجاح.
إن العمل على تحقيق البناء النفسي الجيد ومن ثم اكتساب المهارات الاجتماعية سيساعد على توسيع دائرة الثقافة للفرد، وسيجعله أكثر رغبة للقراءة والإفادة من الآخرين وتقديم المساعدة لهم أيضًا، وهذه العملية تبدأ منذ السنوات الأولى للطفل، والمفترض ألا يقتصر دور المدرسة على تزويد الطفل بالمعلومات فقط، بل لابد من مراعاة خطوط الثقافة العامة وبأسلوب يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة ومعطيات العصر، وإن كانت القراءة وما تزال وستزال الطريقة الأمثل لتلقي المعلومات ـ فإن عملية القراءة تحتاج لإمكانيات وليس مجرد توفير مكتبة داخل المدرسة، الأمر بحاجة لاهتمام حقيقي لتكوين مكتبة مناسبة تشتمل على الكتب الملائمة لكل مرحلة دراسية على أن ترتب على هذا الأساس مما يساعد الطلاب على التجول فيها بحرية والتماس متعة اختيار كتاب معين لقراءته، كما لابد وأن تصمم على نحو جذاب ، وقد تقسم لأركان بحيث يختلف ديكور كل قسم عن غيره تبعًا للمرحلة العمرية التي يُخصص لها، وعلى أن تراعى فيها عوامل الراحة الحقيقية على نحو عملي وليس على نحو نظري فقط، ومن المفيد توفير مربيين متخصصين لإدارة المكتبة وتحفيز الطلاب على القراءة وعقد المسابقات الثقافية بجوائز قيمة، وعلى أن يراعى في ذلك اكساب الأطفال الشجاعة الأدبية التي تمكنهم من مناقشة ما قرؤوه أو طرح الأسئلة أو سرد ملخص لما استوعبوه.
ويمكن الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة داخل المكتبات وذلك عن طريق توفير الكتب الإلكترونية وعلى أن تتوفر أجهزة كومبيوتر حديثة وشاشات بأحجام مناسبة، ومراعاة الأطفال الذين يعانون من مشكلات بصرية أو سمعية ضرورة داخل المدارس ، وقد ساعدت التكنولوجيا الحديثة على تيسير مهمة المدرسة في هذا الشأن، ويمكن أيضًا تحفيز الطلاب على القراءة عن طريق توزيع اسطوانات الكتب والقصص مجانًا كنوع من أنواع المهاداة من المدرسة، وقد تعقد المسابقات الجماعية حول هذه القصص ، ومن المهم جدًا تطوير مهارات التعبير لدى الطلاب وخاصة التعبير الإرتجالي، وتلعب إذاعة المدرسة دورًا هامًا في هذا المجال على أن تنظم بشكل جيد، وعلى أن تكون الموضوعات المطروحة فيها شيقة وممتعة ومفيدة، ومن عوامل نجاح الإذاعة المدرسية ارتباطها الوثيق بالطلاب عن طريق اعداد الاستقصاءات لمعرفة مايهم الطلاب وما يثير انتباههم وفضولهم ومحاولة إشباعة، والصحافة الإلكترونية مفيدة لطلاب الصفوف العليا كالمراحل المتوسطة والثانوية بشكل خاص، وتمثل الصحافة الإلكترونية مشروعًا رائعًا يقوم على تنفيذه مجموعة من الطلاب قد تزيد عن عشرة طلاب في مشروع واحد، ومع هذا فالأمر يتطلب إمكانيات تكنولوجية ورغبة حقيقية من إدارة المدرسة.
وبالرغم من أن كل ما سبق يخص المدرسة كمؤسسة تعليمية فإن الأسرة كمؤسسة اجتماعية لها دور شديد الأهمية، فحث الابناء على المشاركة في الإذاعة المدرسية ومسرح المدرسة وتنظيم الحفلات ضرورة، وحين يرفض الطفل ذلك بدواعي الخجل والخوف فيكون الأفضل طلب ذلك من المعلم أو المعلمة ليختار بنفسه هذا الطفل باعتباره متميزًا وسيحقق نجاحًا، مما يزيد من ثقة الطفل بنفسه ويجعله في مواجهة الموقف ، ومع تشجيع الأسرة سيتغلب على خجله أو خوفه بالتكرار، مما يعني شخصية أقوى وأكثر تماسكًا.
وعقد المسابقات الثقافية في المنزل من الأنشطة المفيدة خاصة في الأسر الكبيرة حيث يتولى تنظيم هذه المسابقات أحد الأعمام أو الأخوال مثلاً، ويكون المشاركون من جميع أفراد الأسرة من سن متقارب، وقد تكلف الأم أو الأب كل ابن بتقديم ورقة عمل عن موضوع معين كل أسبوع، وذلك بمفهوم بسيط للتشجيع على القراءة والبحث، على أن تستغل الفكرة لزيادة شجاعة الابن وذلك بأن يقوم بقراءة ما جمع من معلومات على بقية أفراد الأسرة.
ومع تكرار النشاطات يمكننا أن نحصل على جيل جديد من الأطفال بوعي وثقافة وشجاعة أدبية وفكرية أيضًا، ويكون بإمكاننا أن ننظر لغد نظرة أكثر إشراقًا.

نسمه السيد ممدوح
1 يونيو 2011

النشر الأول في شبكة الألوكة

www.alukah.net

اتبعني على Facebook