الأحد، 30 ديسمبر 2012

"بعد الحب" من حيث تدفقت أفكاري

"بعد الحب" من حيث تدفقت أفكاري

"بعد الحب" قصيدة للشاعر العراقي "كريم العراقي" غناها ولحنها وشارك بكتابتها القيصر "كاظم الساهر"، بعد الحب هي مبعث كلماتي ومنبع أفكاري هذه المرة، لموضوعها وآهات القيصر فيها بوقعها وروعتها، بعد الحب أو حيث ينتهي الحب لأسباب عديدة وغامضة، والعلاقة التي تفتر بعد أن كانت حبًا يدفئ القلوب ويهز العالم بقوته وتدفقه وحيويته، لا مشكلة لانتهاء الحب فهو قد ينتهي فعلاً لأسباب خارجة عن إرادة كلا الطرفين، وليس مقصدي الحب الذي يجمع رجل بامرأة فقط: بل كل حب ينشأ بين اثنين من بني الإنسانية، من السهل أن تبدأ علاقة ما وأن تنميها، ولكن من الصعب بمكان أن تحافظ على تلك العلاقة على صورتها أو أن تنميها وتطورها.
تعلمنا ونحن صغارًا وشبابًا كيف نكون صداقات مع الآخرين، وحرص آباؤنا على تلقيننا الكثير من المباديء والأصول التي لابد وأن تراعى بين الأصدقاء، وتعلمنا كيف نكون مهذبين ولبقين مع الآخرين، لكن قلما يلقن الآباء ابناءهم الطرق الصحيحة لانهاء العلاقات دون جرح لمشاعر الطرف الآخر، ويصبح الابن أيًا كان عمره معرضًا للتجارب والتي هو فيها عامل أو معمول فيه.
البعض يتبع طريق الهروب، يصمت وينسحب بهدوء تاركًا وراءه كمًا كبيرًا من التساؤلات، بعضهم يختلق مشكلة لينهي العلاقة بحدة، بعضهم يترك العلاقة تفتر رويدًا رويدًا مخلفة وراءها جبلاً من الجليد يصعب التخلص من آثاره ونسيان قسوته، لماذا نضطر دائمًا لإيذاء الآخرين حين نفقد الدفء في علاقتنا بهم؟ لماذا لا نخلف وراءنا غير ما يؤذي من كان يومًا صديقًا أو حبيبًا أو رفيقًا لمرحلة معينة؟ لماذا لا نتقن غير الهروب أو اشعال النيران أو خلق الجليد؟
إنهاء علاقة ما ليس بالأمر الهين، ويتطلب شجاعة أكبر من شجاعة الاعتذار، ولأن الهدم يخلف واءه آثار وجراحًا مدمية فالأفضل أن تكون كالجراح الذي يشق الجلد واللحم ويعالج الجرح بأكبر قدر ممكن من الخفة واللين، ويزيل ما علق بعمله من ألم بابتسامة مشجعه ومسكن قوي وتعاطف صادق، ربما من الأفضل أن تطلع شريكك في أي علاقة كانت عن أسباب فتور مشاعرك تجاهه، أو الظروف التي تحتم عليك عدم الاستمرار، ولكن من القسوة أن ترسل إليه ما تريد بلهجة جافة ووجه متغضن، ربما من الإحسان إليه أن تذكر ذلك آسفًا واعدًا بالذكرى الحسنة، وراجيًا تحسن الأوضاع، ومن الأفضل أن تبذل جهدًا لتنعش العلاقة بدلاً من الاستسلام لفتورها، فالعلاقات الإنسانية قد تصاب بالتوعك والاعتلال، ولكنها لا تشفى إلا بوجود طرفين يسعيان بجدية وعن رغبة لعلاجها.
تذكر أن انهاء العلاقة أمر بالغ الصعوبة ومؤلم للطرف الآخر، تذكر أن شجاعتك ولباقتك ومراعاتك لمشاعر رفيقك هي ما يمكن أن يخفف من هذا الألم، وتذكر أن البتر أسوء أنواع انهاء العلاقات، صارح شريكك ثم ابتعد بلطف ولا تترك المقعد فارغًا بشكل فجائي، حاول أن تحسن لشريكك فقد أعطاك من قلبه وعقله ووقته الكثير وإن كان في اعتقادك قليلاً، أحسن للآخرين حتى في أصعب المواقف وآخرها.

وإليكم كلمات "بعد الحب" لتشاركوني أفكاري:

بعد الحب وبعد العشرة نلتقي مثل الأغراب
واحد مايعرف الثاني ولا كأنا كنا أحباب أحباب
ماتت لهفتنا المجنونة .. ما أقساه وما أقساني
اتساءل وحدي واتألم ياترى من فينا الجاني .. ؟
الزمن اتغير لو احنا لو احنا .. بينا عيوب وبينا أخطاء
احنا مجرد هيكل فارغ واخذتنا الموجه العمياء
مات الحب .. مات الإحساس .. مات النور اللي نهتدي بيه
مات الإنسان بداخلنا مات .. كلنا بدم خلنبكي عليه عليه ...
آه آه
يوم سافرت وودعتك خدودي بنار دموعي احترقت
لكن في موعد رجوعك بكل برود استقبلتك
وين دموعي وين وين دموعك
وين التنهيدة التنهيدة اللي بضلوعك
من كنت تضمني واتحسس جمر أنفاسك ويا انفاسي
طاير بيك وطاير بيه يا عمر إحساسك و إحساسي
وين الحب اللي هز العالم .. ؟
وين إخلاصك وين إخلاصي .. ؟
حبيبي
حبيبي سابقًا لا أكثر..
حبيبي أحس كل شي بينا تغير
اختلفت كل المقاييس حتى أنت وحتى أني
عاطفتنا انتهت بينا وبردت أحلى الأحاسيس
مبدأ المنفعة صرنا نقرأ طالعنا التعيس
حبيبي حبيبي حبيبي حبيبي

والتقينا بموعد آخر من جديد
كراسينا من حديـد .. كلماتنا من جليــد
من غزلنا المفتعل .. وردك ووردي ذبل ..
صرنا نتصنع الضحكة .. وعلى شفايفنا الخجل
يالله يالله خل ننهي اللقاء
كافي تمثيل ورياء كافي تمثيل ورياء
اشربنا كاسك ياملل ..
ننهض نودع بعضنا ..
ويدفع الفاتورة عنا ..
بطــل قصتنا الفــشــل ...
آه مات الإنسان بداخلنا مات .. كلنا بدم خلنبكي عليه عليه ...


كريم العراقي وكاظم الساهر


نسمة السيد ممدوح
30 ديسمبر 2012

الأحد، 23 ديسمبر 2012

دائمًا .. الأخلاق

دائمًا .. الأخلاق
  

أعجب لمن يجرد العلم من الأخلاق، أعجب لمن يولي جل اهتمامه للجوانب العلمية والتقنية ناسيًا أو متناسيًا الجوانب الأخلاقية لعمله، أعجب لجامعاتنا التي تهتم - إن اهتمت - بتخريج طلاب حاملين لكم لا بأس به من المعلومات، وتتجاهل في الوقت ذاته بناء هؤلاء الطلاب نفسيًا بما يتوافق مع طبيعة عملهم ومجال دراستهم وتخصصهم.
بلغتني في الآونة الأخيرة شكوتين من صديقتين عزيزتين لا تعرف إحداهما الأخرى، أحزنني ما سمعت حقًا، فقد شكت الواحدة تلو الأخرى من الطبيب المعالج لطفلها واصفة إياه: بالكفء من الناحية الطبية البحته، بالسيء المتغطرس الغير آبه من الناحية الأخلاقية، حاصرة المشكلة في اضطرارها إليه لكفاءته العلمية، على تجاهله للرد على تساؤلاتها ، ومراعاة مشاعرها كأم يلتهمها القلق على طفلها المصاب، وليت إصابته عادية.
ودون طرح لتفاصيل كثيرة أحرص شدة الحرص على سترها لما فيها من الخصوصية أجد نفسي مشفقة على أم كهذه، وآسفة على طبيب لم يعي من الطب غير جفاف المعلومات ، ولم يفقه من طرق العلاج والمداواة غير العلاج الدوائي البحت، آسف لطبيب مجرد من الإنسانية لا يأبه بالوضع النفسي لمريضه إن كان كبيرًا، ولا لوالديه إن كان طفلاً صغيرًا.
أدرك جيدًا أن العبء ثقيل، وأن الطبيب في ساعة واحدة يعايش أكثر من موقف يستلزم منه ضبط النفس والتحمل والمواساة، فما بالك بيوم عمل كامل بما ينطوي عليه من الإجهاد الذهني والنفسي، وما بالك بيوم يجر يوم في العمل المضني المتواصل، ولكن.. وعندما نقول لكن فنحن نعني بها الكثير، الطب معنى ورسالة سامية ، ولأن الطب رسالة فليس كل من تخرج من كلية الطب جديرًا بأن يحملها، الطبيب لا يفحص المريض ليشخص مرضه ويدون له ما يلزمه من الأدوية ، وإنما هو يطبب مريضه منذ أن تخطو قدميه أعتاب غرفته، والطبيب الناجح هو من يعالج مريضه ويدعمه نفسيًا قبل أن يمنحه العلاج الدوائي، وهو من يجعل المريض راغبًا بزيارته متلمسًا فيه الامان،وهو من يشجع مريضة منذ اللحظة الأولى بابتسامة تحمل الكثير من المعاني، لأنه طبيب يدرك أن العلاج أكبر من مجرد أقراص أو سوائل نتجرعها، قد تشفي أجسادنا وتبقى نفوسنا مشوهة بما شاب الأجساد من أمراض وآلام.
الأخلاق تعني الكثير، ونحن جميعًا بحاجة إليها: معلمون، أطباء، باحثون، دارسون، عاملون ، صناع ومزارعون، في كل عمل ننجزه نحن بحاجة للأخلاق.

نسمة السيد ممدوح
23 ديسمبر 2012


الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

إطلالات الماضي

إطلالات الماضي

لماذا تتدفق أفكاري كنهر فياض يتمرد على مجراه ويسعى لكل الإتجاهات؟! لماذا ينتابني الحنين لأقلامي وأوراقي في ذلك الوقت من كل عام؟ّ! أيمكن أن يقترن تاريخ ميلاد أجسامنا بميلاد أقلامنا وأفكارنا؟! لا أعرف اليوم غير الحنين الذي يغمرني للماضي، نحن دومًا نسابق الزمن مسرعين للأمام، غير أن لحظات التشبث بالماضي والحنين إلى كل ما كان فيه هي أقوى من قوة اندفاعنا، الماضي وشخوص الماضي، ما لهذا الحنين يعيدني لسنوات قريبة وأخرى بعيدة، ذكريات ألاطفها من عهد الطفولة البعيد.
في ليلة الأمس زارتني في حلمي معلمتي الأولى للصف الأول الابتدائي، أو لأقل عنها صدقًا أول من عرفت فيها معنى كلمة "معلمة" زارتني كما كانت لطيفة، ودودة، أنيقة، من الجميل أن تذكر يومًا أن أول معلمة حملت مسؤوليك داخل المدرسة قد أسبغت عليها في طفولتك البريئة معنى الأمان والأمومة خارج جدران المنزل، ربما من حسن حظي أن حظيت بمعلمة مثلها، لا أذكر في صغري أن المدرسة كانت موحشة يومًا، ولا أذكر معلمتي "سميرة" إلا بأنها كانت مثالاً لأفضل معلمة أطفال برقتها، وحنانها، وصبرها، وهدوئها، وانضباطها، وسلوكها المهذب الراقي، كانت حقًا جميلة وزادتها جمالاً سماتها الأرستقراطية الراقية، كم كانت رائعة زيارتك البارحة معلمتي الفاضلة.
في الماضي البعيد أصدقاء هم الآن أطياف جميلة في ذاكرتي، وفي سنواتي القريبة أصدقاء خابت فيهم الآمال فما زادوني غير أسى، من أعمق أحزاني وأشدها مرارة حزن على من أفسد الصداقة بارتدائه لردائها فما زادها غير قبح وما أكسبته غير إثم، لا توهم نفسك بصداقة شخص ما لأجل مصلحة تنالها بقربه، إن أحببته فقلها بصدق، وإن لم تدنو مشاعرك منه فالزم الصمت واطلب ما شئت، فستنال ما يسمح هو بمنحه للجميع راضيًا غير مستاء، فلا تحاول أن تطلب المزيد بكذبة تنسجها بلسانك ووجهك وابتسامتك الزائفة، فتنال ما تريد وقد كره صاحبه، ومنحك ما منحك ترفعًا منه ورثاء لنفس قد شوهت أجمل ما فيها غير مكرهة على ذلك، لا تحسب أنك بارع في الخداع والتصنع، لا تحسبه ساذجًا سهل إيهامه، المصلحة المباشرة أخف وطأة على النفس من المتسترة في ثوب ليس لها، وقد أدمت ذكرياتي نفوس كتلك.
الحب الذي يولد سريعًا يموت سريعًا، وعمره أقصر من زهرة صغيرة تفتحت اليوم لتموت بالغد، وقد خبرت مثل هذا الحب في قصره ودفئه العابر، وعايشت ما هو أجمل وألذ منه، في نهر ذكرياتي زورق يسبح منذ أكثر من عشر سنوات، ولا يزال يتمايل برفق ودلال، صديقة عمري، ورفيقة شبابي وأجمل أيام حياتي، وونيس أفكاري وأحلامي، والطرف الحيوي لنقاشاتي ، في الحياة فرص اللقاء بأناس مشابهين لك قليلة ونادرة، وفي حياتي لم تتجاوز في عددها أصابع اليد الواحدة، ومن الحماقة أن تضيع الفرصة منها هباءً، لأجل هذا لم ولن نسمح بانقطاع الصلات رغم بعد المسافات، ورغم كل صعاب الحياة ستظل صديقتي حيةً نابضةً في أعماقي وفي واقعي.
والكثير من شخوص الماضي يتراءى أمام عيني، فمنهم من يلبث طويلاً فيحدثني كما كان يحدثني، ويحاورني ويناقشني، ومنهم من يمر مرورًا سريعًا لا يلقي فيه غير السلام، ومنهم من يمر كلمح البصر فلا ألتفت إليه ولا هو يشعر بوجودي، ومنهم من يقف بصمت يرقبني عن بعد، وبيننا فيض من التساؤلات والحيرة، فلا شيء يجمع بيننا، كما أن لا شيء باعد بيننا.
في الماضي أناس كثيرون، وأمكنة وأزمنة عديدة، وفيه أم حانية وأب كريم، وفيه ذكريات الأسرة الصغيرة ودفء الأخوة، وفيه نجاحات وإخفاقات ودموع وابتسامات، ورغم كل ما فيه فهو رائع دافئ، هو طريق قطعته على مهل وعلى عجل فبلغت ما بلغت اليوم، فنحن بناء الماضي وأساس المستقبل.

نسمة السيد ممدوح
11 ديسمبر 2012

اتبعني على Facebook