الخميس، 19 ديسمبر 2013

حصاد الأفكار

حصاد الأفكار


 
في ختام هذا العام لا أُسجل سوى أفكار ماتت وأخرى قد وُلِدتْ بالفكر بعد أن تمخض بها الألم والتجربة.

من بين أفكاري تلك: أن حقيقة السعي للتغيير صعبةٌ جدًا، وخدعة منطقة الراحة قاتلة، ونحن لا نُقدم على التغيير حتى تشتعل داخلنا الرغبة، والرغبة تحتاج لأسباب وإجابات قوية عن هذا السؤال: ماذا سيحدث إن تغير كذا في حياتي؟ والتغير في الوضع الصحي هو الأخطر لأن لا شيء أصعب على النفس من تمزيق حالة التكيف ولو انطوت على الألم والخروج منها للمجهول: ربما ألم أكبر وربما راحة ، ونحن لا نحصل على إجابة قوية من أطبائنا بشأن هذا إلا نادرًا، نحن نعيش بنقصٍ شديدٍ في فرع من أهم فروع المعرفة الإنسانية ألا وهو: معرفة الذات والتعامل معها وتطويرها، ربما وُجِدتْ مؤلفات كثيرة وبعضها رائع وقيم بالفعل لكن قل من يوليها اهتمامًا ومن يؤمن بها للأسف.

ظننت واعتقدت لسنواتٍ أن المهنة لها أخلاق تطبع بها أغلبية المشتغلين بها. وكنت أقدس مهنة الطب حتى أكاد أرى أن وصفها بالمهنة وصم لا وصف، واعتقدت أن الأشقاء من هذا الدم الطاهر لهم من سمات الشخصية ما يجعلهم أهلًا للحب والتقدير، ولكن الحقيقة أن ما اعتقدته فيهم من سمات بات أشبه بالخيال في عصر جعل المادة أعلى شأنًا من العلم والأخلاق والشرف الإنساني، وإن بدت تلك السمات عليهم فتأتي في آخر سن الشباب لا أوسطه.

رأيت الصداقة حقيقة يمكن بلوغها، وأن الزمن لم يزل كريمًا فيهب للقلب والفكر والنفس صديقًا يؤنسها، ولكن الأيام خير دليل على أن هبة الزمن أثمن من أن تُمنَحَ لأكثرنا، وأن تحت السماء قلوب وعقول تئن من الوحدة، وعلى الأرض أناس يلوثون شرف الصداقة بأخلاقهم الدنيئة ومصالحهم الطاغية، ونفوسهم الصغيرة، وأطماعهم التي لا حدود لها.

السلبية، هي في البشر طاقة لا أسلوب تفاعل، فهم لا يتعاملون بسلبية مع المواقف والأشخاص؛ بل هم يملكون قدرًا كبيرًا من الطاقة السلبية التي يعملون بها ويديرون بها المواقف ويبثونها لغيرهم، هي طاقة قاتلة وهم نشطون في إنتاجها وبثها في كل مكان، إن الأغلبية من البشر لديهم مثل تلك الطاقة، ويبدو أن إنتاجها سهلٌ ولا يكلفهم الكثير من الجهد، الركون إلى الراحة، الاستسلام، تحطيم الأهداف الكبيرة والآمال وإحباط ذوي الهمم والطاقات هي من أشكال تلك الطاقة السلبية أو لنقل عنها طاقة السعي للموت البارد.

المثاليون في كل زمن قليلون، وهم بالرغم مما يقدمونه للمجتمع من فوائد أقل ما يقال عنها أنها قناديل مضيئة في مجتمع حالك الظلام -  هم بالرغم من ذلك تُعساء، أشقياء، محزونون، ووجودهم ضرورة كوجود غيرهم من السواد الأعظم، كلاهما مهم كي تنتظم الحياة.

خلط الأفكار والمفاهيم والسطحية كلها أمراض منتشرة وسريعة العدوى والانتشار بين البشر، والأغلبية أميل للإصابة بها، فيخلطون الجد بالهزل، والاتزان بالمبالغة والتشد، والانضباط بالجمود، والحب بالغباء والبساطة بالسذاجة، وقل فيما هم مازجون كثير وكثير.

للعلاقات والحب مستويات عديدة ومتفاوتة، ولكل مستوًى قدر من الالتزام وحقوق يجب الوفاء بها، ولكل مستوًى أيضًا قدر من الحاجات التي لا تُشبع إلا من خلال المحبوب الموضوع فيه، فإن وضعت الشخص في غير مستواه المناسب لم تجنِ غير الألم والحرمان وضياع الوقت، هناك دومًا نقطة يمكنك الرجوع إليها والأفضل أن ترجع في الوقت المناسب، فتقف وتعيد تقييم المواقف، وترتب أوراقك من جديد، وتضع الشخص المناسب في المستوى المناسب من العلاقات بالنسبة لك.

"أنت قائد سفينتك" "عالمك الداخلي هو الأهم "سيطر على حياتك" معانٍ لم أؤمن بها بعمق قبل الآن، ولكني اختبرتها فوجدتها دواء للكثير من عِلَّاتِنا وأوجاعنا، فقط فكِّر أنك تستطيع وسوف تستطيع بالفعل.

وأخيرًا .. كن جديد الفكر متطورًا مرنًا، إياكَ وجمود الفكرِ فأنتَ إذن كمن يمسكُ سكينًا يجرح بها نفسه جاهلًا، فيتألم ويصر على أن يعيد الألم وألا يترك السكين جانبًا.

نسمة السيد ممدوح
1 ديسمبر 2013 

الأحد، 15 ديسمبر 2013

صادق نفسك تجد سعاتك



صادق نفسك تجد سعادتك



كثيرًا ما نردد تلك العبارات: "تحدث إلى نفسك" "ناقش نفسك" "ابحث عما بداخلك" وأمثالها، ولكن هل التحدث إلى النفس مهارة يمكن اكتسابها؟

إذا كان التحدث إلى النفس للوصول لنتائج إيجابية مهارة – وهذا ما أراه – فإن تلك المهارة بحاجة إلى معرفة ومن ثم اقتناع وممارسة لاتقانها.

ليس من السهل أن تتحدث إلى نفسك، الكثيرون يخافون هذا الحديث بالرغم من سريته، السبب وراء هذا الخوف هو حاجة هذا الحديث للصراحة التامة والوضوح والقوة في النقد، عندما نتحدث إلى أنفسنا فنحن كمن يقف أمام مرآة كاشفة وجارحة أيضًا، من الضروري ان تعكس تلك المرآة ذواتنا بوضوح، تعكس أجمل ما فيها وأسوأ ما فيها، تبرز نقاط قوتنا وضعفنا، لا مجال هنا للمجاملة، إن المجاملة تعني الاستسلام للخوف من المواجهة، وهذا الخوف يعني الضعف والعجز.

هذا يعني أن أهم ما يجب أن تتعلمه هو الشجاعة، والشجاعة كما تحدث عنها براين تريسي في كتابه "الأهداف" ـ ليست عدم الخوف؛ وإنما هي مقاومة الخوف والسيطرة عليه، لأن الطبيعة البشرية غالبة فينا جميعًا، ومصارحتها هو الحل الأمثل دومًا، نحن نخاف وتلك حقيقة، وأسباب مخاوفنا كثيرة جدًا ومتنوعة، ولكن الشجاعة هي أن نقاوم هذا الخوف وألا نركن إليه، الخوف يقود للاستسلام والضعف والخضوع، ويمنع من المجازفة والتجربة والتطور والتقدم للأمام.

ومقاومة الخوف تستلزم قدرًا من المعرفة: معرفة أسباب الخوف، معرفة طرق التفكير في الخوف، معرفة استراتيجيات التعامل مع العقل اللا واعي خاصة للتغلب على الخوف، وأنت لن تستطيع ابدًا أن تتم حوارًا صادقًا وبناءُ مع نفسك مادمت خائفًا تفتقر إلى الشجاعة وتفتقر للمعرفة أيضًا.

إن ما تتحدث عنه كتب علم النفس والتنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية ليس خيالًا أبدًا، كل ما في الأمر أننا لم نجرب تطبيق ما يرد فيها، ولو جربناه لوجدناه صالحًا للعمل، دائمًا ما تعتمد النصائح في هذا الجانب على محاورة الذات بصراحة، ونقدها نقدًا بناءً، وتفنيد أسباب مخاوفها وتبريراتها، ومواجهتها بالحقيقة.

إن المواجهة بالحقيقة صعبة وقاسية وتلزمها الشجاعة، كما يلزمها التجرد من الخجل مؤقتًا، ليس من الصواب أن تناقش ذاتك في تصرف ما وتستبعد خيارًا كالأنانية بداعي الخجل من أن توصم بتلك الصفة، وإنما الشجاعة أن تطرح هذا الخيار كباقي الخيارات، ثم تناقشها واحدًا واحدًا.

إن معرفتك لذاتك تجعل من السهل عليك علاج مشكلاتها أو حتى طلب المساعدة والعون من الآخرين، في بعض الحالات نعرف علَّاتنا ولا نجد من يساعدنا، ولكن هذا أخف وطأة ممن يجهل أسباب المه في الحياة.

إن أولى شخص بصداقتك الحقيقة هو أنت، صادق ذاتك، كن شجاعًا وصادقًا ومخلصًا معها، هذا لا يعني ان تكون أنانيًا ، فرق كبير بين هذا وذاك.


نسمة السيد ممدوح

15 ديسمبر 2013


اتبعني على Facebook