الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

الــــــــــــهديــــــة

الــــــــــــهديــــــة

يوم أعطيتني الهدية بدوت في حالي صبية .. قلبي طائر أحمر يرفف.. تداعبة أنامل الشمس الذهبية.. ويهبط بين كفيك فتربت عليه كما تفعل بطفلتك الشقية ..
يوم أعطيتني الهدية أحييت نفسًا كانت نسيًا .. نفس مشرقة فتية عن الحياة رضية.. وأضأت لها قنديل من الحب طال عليه الأمد وظل مهملاً مغبرًا .. وكاد أن يكون بليًا..
يوم أعطيتني الهدية قلت لك شكرًا بنغمة مشبعة تقطر بالحب شهدًا .. وتفوح بالياسمين عطرًا .. وتذوب من العشق دفئًا..
وتسألني لمَ ونحن على الحب تعاهدنا وظَننت أني كنتُ لكِ دومًا وفيًا؟! لا سيدي لم أنسى ولن يكون أبدًا .. فعهدنا باقٍ.. لكن أنساك الزمان أني لازلت أنثى تعشق الوردة الجورية .. وحمامة تمرح في السماء وتغني للحرية .. وورقة تهوى الكلمة المخملية .. ياليتك ذكرت قبلاً رسالة تحية .. أو شريطة بنفسجية .. وياليتك ذكرت أغنيتنا التي غنيناها يومًا سويًا ..
لكن اليوم عهد جدديد يا سيدي .. عهد نكتبه بقلمك الذي كان اليوم هدية .. سننقش به على الكستناءة اسمينا.. وسنحفظ العهد ونذكر أن الهدية لمسة سحرية تحيي ماكان إلى الموت دنيًا..

نسمه السيد ممدوح
8 ديسمبر 2009 م

الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

ودارت الأيام

ودارت الأيام


ودارت بنا الأيام .. وعدت بذكرياتي للماضي البعيد .. حين كنت أحتضن دميتي وأتشوق للهواء الندي ورائحة الياسمين .. حين كنت أعد الأيام والليالي ومتى يأتي يوم الرحيل.. الرحيل إلى الأرض الحبيبة .. لازلت أشعر بك يا رمال .. وأذكرك يا شمس العصر وقطعة الحلوى الصغيرة .. وقروشي المعدودة والشطيرة البسيطة .. وألعاب الطفولة .. وأنت في مخيلتي طفل صغير بسروال أرزق وحذاء بسيط ..تعلو ثغرك ابتسامة وفي عينيك صفاء الرباب..ها وقد تعالت أصوات المحركات وستطأ أقدامنا الأرض الطيبة .. كلي شوق إليك يا حبيبتي .. سأرتمي في أحضان رمالك .. وساقبل حباتك .. وسأعدو صوب شجراتك .. وأشرب من مياهك.. وسألقاك شاب في ربيع العمر .. لكن هيهات هيهات.. فلا رمال ولا أشجار ولا مياه .. قد جف النهر .. وماتت الأشجار .. وحتى الرمال أبت البقاء .. لا أجد شيئًا سوى الغربة .. فقد تغير كل ما كان .. وأنت تهت في الزحام .. والوجوه فارقتها البسمات .. أين ذهبت دميتي وأين بيتي القديم؟ ضاقت الطرقات وصغرت منازلنا .. واشتد الزحام والضجيج .. وتفرق الأحباب والأصحاب .. وحتى ذوي الصلة العظيمة فارقونا .. ياليت الطفولة حلم لم يكن لي منه من مفيق .. فأنت يا حبيبتي في ذكرياتي أجمل وأجمل .. لكن الواقع مرير .. أرضك تجافيني .. أهلك عني ينؤون .. وحتى لغتك تغيرت .. والكل في شغل لاهون .. لا أمل في البقاء .. الغربة على أرضك موجعة .. وعلى ارض غيرك سأحيا لأذكرك فقط في طفولتي ماض باسم كابتسامتك أيها الطفل البريء..


سنيورا
نسمه السيد ممدوح
21 أكتوبر 2009م

السبت، 5 سبتمبر 2009

يـــــاقطتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي

يـــــاقطتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي

ووصلنا للحديقة.. وهاهو عند الشجرة القريبة.. أتريه يا قطتي .. تعالي إلى يا صغيرتي فأزين عنقك بشريط أحمر جميل .. وأمشط شعرك الأبيض الطويل .. ولتضحك عيناك الزرقاوتان وليبتسم ثغرك .. فبعد قليل تلتقيه.. يا قطتي اذهبي إليه وشاغليه .. واعبثي بحقيبته وشاكسيه .. فهذا جزاء من لايرى في الدنيا من كان له بالحب يدين .. كم من مرة يا صغيرتي انتظرنا طلة ذاك الوسيم .. وكم غاب عنا في ليالي البرد ونحن لقدومة متطلعين .. وانظري إليه يا قطتي عله يرى في زرقة العينين سماء الحب الجميل.. وعله يلتفت لفستاني الأزرق ويراني من وراء الغصن الطويل .. هيا وتمايلي برفق فقد تأسري القلب الشريد.. ولعله يبحث عنك كل يوم ويسألني التحية وأنا لا أجيب .. فكم نظرت إليه وألقيت السلام بزهرة أو ريحانة أو فرع من ياسمين .. وهو صامت يأبى السمع وقلبه قد أغلق بأقفال من حديد .. سأسمع تحيته وأحملك يا قطتي ونذهب بعيدًا وهذا هو أول الرحيل .. فقد تحقق الحلم أيتها الجميلة .. وحظينا بكلمة من الفتى الوسيم..


سنيورا
نسمه السيد ممدوح
5 سبتمبر 2009م

الخميس، 3 سبتمبر 2009

فيروس العلاقة الزوجية

هذا الموضوع هو أحد الملفات التي أعددتها لتحمل رأيي الشخصي في العديد من الموضوعات .. ربما خالف هذا الرأي البعض ولكن لا بأس من الخلاف ، فقد يفتح مجلات أوسع للتفكير.. وربما أقتنعت أنت بما أقول .. على كل حال أنا أتحدث وأنقل إليك ما لدي وانتظر رأيك حتى لو كان مخالفًا لرأيي .. فيكفي أن تعرني من وقتك القليل لمزيد من الحوار البناء..

فيروس العلاقة الزوجية

"أصبحنا نعيش في بيوت من جليد" ، "هو لم يعد يحبني قدمت له الكثير دون فائدة" ، "إنها على صورة واحدة منذ أن تزوجتها لا شيء جديد في حياتنا" ، "زوجي تغير عن أيام الخطوبة ، لم أتصور يومًا أنه على هذه الصورة الباردة" ، هذه هي العبارات التي تتردد كثيرًا داخل البيوت لتصف حالة من حالات الملل الزوجي والتي انتشرت للدرجة التي جعلت البعض يصفها بفيروس العلاقة الزوجية، فما هو الملل الزوجي؟ وماهي أسبابه؟ وأيهما يتحمل المسؤولية آدم أم حواء؟

الملل في العلاقة الزوجية له أشكال متعددة قد يوجد بعضها بين اثنين وبعضها الآخر لدى غيرهما، ولكن الملل يظهر على كل حال ويشعر به الطرفان في حالة أشبه بالجمود مما يجعل البيوت تتحول إلى بيوت من جليد كما وصفها دكتور عبد الرحمن الشلاش في مقال له، وإذا ما حاولنا تحديد بعض ملامح الملل الزوجي فسنجد قلة الحديث بين الطرفين ، البعد النفسي ، الجفاف العاطفي ، انشغال كل طرف بحياته الخاصة متناسي أن الحياة الزوجية ليست إلا شراكة ، تركيز كل طرف على عيوب الآخر وتضخيمها ، التصغير من شأن كل عمل جيد يقوم به الآخر ، وعلى الرغم من أن الكثير من الأزواج يعانون من الملل إلا أنهم يضطرون لإخفاؤه أمام الناس كما هو الحال في المناسبات والأعياد، لكن الملل موجود على كل حال.

ورغم أن العلاقة الزوجية قائمة على الحب وعلى الشراكة مما يعني أن كل طرف فيها راض عن الآخر كافتراض أولي إلا أن الملل يصيب هذه العلاقة في مرحلة من مراحلها، والبعض يرى أنه قد يحدث في وقت مبكر، في حين يرى البعض الآخر أنه قد يحدث بعد 5 سنوات أو 7 سنوات من الزواج، في حين يرى فريق آخر أنه يحدث بعد أكثر من 20 عامًا وبالتحديد بعد زواج الأبناء والعودة إلى نقطة البداية مرة أخرى في بيت لا يجمع سوى الزوج والزوجة، وأيًا كان الأمر فإن الملل كظاهرة طارئة يحدث بفعل عدة أسباب : بعضها من طرف الزوجة، وبعضها من طرف الزوج، وبعضها الآخر مشترك بين الاثنين.

ولعل السبب الأكثر بروزًا هو الجمود وعدم التجديد، فالحياة الزوجية قد تتحول مع الوقت إلى حياة روتينية رتيبة، إذ تستيقظ الزوجة مبكرة لتوقظ زوجها وأولادها وينطلق الجميع إلى أعمالهم ومدارسهم في حين تبقى هي بالمنزل تقوم بأعمالها التقليدية من تنظيف وترتيب وطهي، ويعود الزوج من عمله بعد أن يسبقه أولاده وتجتمع الأسرة لتناول الغداء، ثم يذهب الزوج للنوم وتبقى هي مستيقظة تساعد الأولاد على استذكار دروسهم حتى يحين العشاء فتجتمع الأسرة على العشاء ثم تتفرق على غرف النوم، وقد يقوم الزوج بزيارة بعض أصدقاؤه ليلاً،أو قد يسهر خارج منزله على نحو متكرر بصحبة رفاقه مما قد يغضب الزوجه ويثير غيرتها، وتتحول هذه الغيرة مع تصرفه المتكرر إلى شجار يومي لا ينتهي، ، حتى لو لم يحدث ذلك فالحياة تظل روتينية تسير على وتيرة واحدة ونغمة لا تتغير.

هذا السيناريو نشاهده كثيرًا في حياتنا ولكننا قد لا نسعى لتغييره رغم ضجرنا منه والسبب أننا لا نملك القدر الكافي من الإرادة والرغبة لنفعل، ولا نملك الشجاعة الكافية لنعبر عن ضجرنا منه، ويتحول هذا الخضوع مع الوقت إلى حاجز جليدي بين الزوج والزوجة، فيقل الكلام، ويقل الغزل والملاطفة، وتصبح الزوجة دائمة التفكير بالبيت والأولاد متناسية زوجها الذي أصبح دائم الخروج، أو النوم، أو الإنشغال بمشاهدة التلفزيون، أو الجلوس أمام شاشة الكومبيوتر، ويبدا هو تدريجيًا بنسيان الزوجة ولا يذكر سوى واجباته التي لابد منها: مصروف البيت ، شراء الحاجيات الأساسية ، الزيارات التي لابد منها للاهل، اصطحاب الأولاد إلى المدرسة ... الخ، وتنعدم النزهات الخاصة مع الزوجة، ويقل اهتمام الزوج بمظهره أمام زوجته بحجة أن هذا منزلي وأنا أعيش فيه بحرية ودون تأنق، وبالطبع ترد هي على سلوكه بسلوك مماثل، فيقل اهتمامها بمظهرها، وقد تقضي اليوم بكامله بملابس البيت العادية، أما عن شعرها ومكياجها فنادرًا ما يتغير وهي على وتيرة واحدة دائمًا.

هذه الصورة الجامدة هي أقسى ما يمكن أن يعانية الزوجان، فالعلاقة التي أساسها السكن والحب والرضا تحولت إلى سجن قاسي مع سجان ملازم لا يمكن الفكاك منه، ومع بعض الشخصيات الضعيفة قد تتطور الأمور للأسوأ؛ فقد يكون السبيل للخلاص ممثلاً في العلاقات الغير شرعية سواء من جانب الزوج أو الزوجة، كما قد يكون الزواج بأخرى بالنسبة للرجل، أما عن الأولاد فهم الحكام الذين ينساهم الزوج والزوجة في خضم الحياة، فالشاب والفتاة داخل هذا البيت الجليدي يستطيع أن يرى بوضوح أن والديه لا يتكلمان إلا نادرًا، وأن الأب لا يعر أي اهتمام للأم، وأن الأم تظل على صورتها بدون تغيير وهكذا، ورغم أن الأب والأم قد لا يتوقعان ذلك إلا أنهما في كل حال محل دراسة ونقد من الأبناء بصورة أو بأخرى.

هناك أيضًا أسباب أخرى يرى بها البعض منها ما يعتمد على سيكلوجية الامتلاك لدى الإنسان، فالشخص يحب دائمًا كل ماهو بعيد عنه، وهو يسعى جاهدًا للوصول إليه، وتبدو الصورة أكثر وضوحًا لدى الطفل الذي يرغب في لعبة ما فهو يلح على والديه بإصرار، وقد يقوم بادخار مصروفه لشرائها، وإذا حانت له الفرصة واستطاع امتلاكها فهو في أغلب الأحوال يفرح بها لعدة أيام حتى تقل رغبته ويبدأ في تناسيها ليتحول إلى لعبة أخرى ، الصورة ذاتها تتكرر مع الزوجين فكل منها يرغب في الوصول إلى الآخر فترة الخطوبة، وإذا تحقق الزواج تبدأ الأيام السعيدة التي تستمر لفترة معيبنة ثم تبدأ بالتناقص رويدًا رويدًا حتى يتحقق الملل، والوصول إلى هذه المرحلة قد يأتي مبكرًا أو متأخرًا بناءً على عوامل أخرى منها ما ذكرناه أنفًا من التحول إلى الروتين والعقلانية التي قد تطغى على العاطفة حتى تقتلها تمامًا.

الأولاد هم سبب في المشكلة؟

غالبًا ما يبدأ التحول في العلاقة الزوجية مع قدوم الطفل الأول، ويزداد مع الثاني وهكذا، فهل الأولاد هم سبب المشكلة؟ هذا السؤال يتطلب وقفة وتأمل مع سعة الصدر، فالأولاد هم ثمرة الزواج فهل يعقل أن تتلف الثمرة الجذور؟ بالطبع لا ، هناك إذن خلل، إن قدوم الأولاد قد يسبب الإرتباك لدى الزوجة الحديثة العهد بهذا الأمر، وتبدأ في خوض تجربة جديدة مما يدفعها إلى الإنغماس فيها دون أن تشعر، وفي حالة الزوج السلبي الذي لا يحاول اقتحام هذا العالم الجديد ومشاركة زوجته فيه ـ من المؤكد أن يصبح قدوم الطفل الأول خطوة من خطوات الملل، والحل بسيط جدًا: أنتِ يا حواء مسؤولة عن طفلك ولا بد لك من ذلك لكن لا تنسي أن آدم له حق أيضًا وهو طفلك الأول والأخير، وأنت يا آدم لا تتخلى عن حواء فلابد أن تقتحم هذا العالم الجديد بصحبتها، هذا الطفل هو ابنك أو ابنتك وأنت مسؤول عنه، لا بأس من حمله نيابة عن حواء لتقوم هي ببعض الأعمال أو حتى للراحة، لا بأس أن تشاركها في بعض أعمالها المنزلية إذا كان لديك متسع من الوقت، لا بأس بتقنين نزهاتك الخاصة لتآنسها في المنزل ورعاية الصغير، هكذا يتحول الطفل الأول إلى خطوة نحو التقارب والتجديد في أسلوب الحياة وليس إلى الملل والبرود.

أيهما المسؤول: آدم أم حواء؟

من المؤكد ان آدم وحواء شركاء في الحياة الزوجية وفي كل ما يعتريها من مشكلات ، إلا أن المشكلة الأكبر تكمن في النظرة الأحادية لكل طرف: فآدم يلوم حواء، وحواء تلوم آدم، إلا أن المنطق يؤكد أن كلاهما ملوم ولو اختلفت الدرجة ما بين آدم وحواء إلأ أن انتيجة واحدة دائمًا.

ما الحل؟

ظاهرة الملل ليست ظاهرة مرضية وإنما هي ظاهرة طبيعية مبنية على مشاعر طبيعية لدى الإنسان السوي كالرغبة في التجديد وحب التنوع، وهنا مفتاح الحل، فالحياة الرتيبة يمكن أن تتحول إلى حياة ديناميكية نشطة تشعل العواطف من جديد، وأشكال التنوع كثيرة ، ولكل حالة ملل ما يناسبها، فهناك التنوع في المظهر سواء للزوج أو الزوجة،وهناك التنوع في أسلوب قضاء الأعمال اليومية، وهناك تنوع في نوع المأكولات وطريقة التقديم، والتنوع في أسلوب قضاء الإجازات والأعياد، والتنوع في مواعيد النوم والإستيقاظ، والتغير البسيط في ظاهرة ليس كذلك في حقيقته، فاختلاف أصناف الطعام وطريقة التقديم من البسيط إلى المتكلف أو العكس. له أثره ، ونحن كثيرًا ما نسمع عبارة "الغداء اليوم مميز"، كما أن شخصية الزوج والزوجة لها دورها أيضًا، فما يناسب بعض النساء قد لا يناسب الأخريات والعكس بالعكس.

وإذا كان الكثيرون يعنون بالمظهر الخارجي لحواء فهناك إيضًا الفكر والعقل الذي لابد ان يؤخذ بعين الاعتبار، فتوسيع دائرة معارفكِ وقراءاتكِ قد يوجد نقاط مشتركة للحديث بينكِ وبينه ، وقد يشعر هو أنكِ في تطور مستمر، فانتِ لستِ مملة والحديث كل يوم يأخذ اتجاهات جديدة، هواياتكِ أيضًا على درجة كبيرة من الأهمية ، فاستخدميها لتجديد حياتكِ وحياته ، فإذا كنتِ ماهرة في أحد الفنون اليدوية كالحياكة مثلاً فيمكنكِ مهادته برداء جديد مما يشعره أنه حاضر في ذهنكِ طوال الوقت ، وإذا كنتِ ماهرة بالأعمال الفنية واستخدام العجائن فجددي من ديكور منزلكِ وأضيفي إليه لمستكِ الخاصة.

مجالات الاهتمام المشترك بين الزوج والزوجة أمر لا يمكن اغفاله وكلما كانت هذه الجوانب أكثر اتساعًا كلما كان الحديث أكثر امتاعًا، وكانت العلاقة اكثر قربًا، والعكس بالعكس، لكن هل يمكن تنميه الاهتمامت؟ بالطبع يمكن لكلا الطرفين فعل ذلك، ولو لم يجد متعة في بادئ الأمر إلا أنه سوف يعتاد على المجال الجديد وقد يحبه بالفعل مع مرور الوقت، ويكفي أن يتذكر كل طرف أن شريكة يحب هذا الشيء فيحاول تحبيبه لنفسه.

وفي الحياة المعاصرة المتشابكة المجالات والمتعددة الإهتمامات أصبح التركيز على موضوع الإهتمام المشترك أمر لا غنى عنه، فحتى محبي العمل على أجهزة الكومبيوتر لهم اهتمامات متنوعة: كالرسم، والجرافيكس، والمونتاج، والتعامل مع الصوت، والبرمجة، والعروض وغيرها، كما أصبحت الانترنت مصدر ثري للمعلومات مما فتح آفاق عديدة أمام كلا الطرفين من قراءة ومشاركة وتفاعل مع الغير، ولم يعد من المنطقي أن يؤدي هذا الانفتاح الكبير إلى مزيد من التباعد بين الطرفين، بل هو مجال خصب لخلق إهتمامات مشتركة ومزيد من التقارب والتجديد في أسلوب التفكير والحياة.

أنتم شركاء

ولأن آدم وحواء شركاء في الحياة فلكل واحد منهما حقوق على الآخر وواجبات تجاهه، وكما تطلب حواء من آدم مزيد من الإهتمام بها؛ فيجب أن تزيد من إهتمامها به، وكما يطلب منها مساعدته على النجاح ومشاركته إهتماماته؛ فعليه أيضًا مساعدتها على النجاح ومشاركتها إهتماماتها، وتجمل كل شريك أمام الآخر ومحاولة الظهور بالأفضل ليس تنقصًا أو عيبًا، بل قد يكون وسيلة للتغير الفعلي للأفضل بحكم العادة.

الحوار الهادئ البعيد عن الإنفعال، احترام الطرف الآخر ورأيه ، البعد عن الأحكام المتسرعة على الشريك جميعها وسائل لحفظ العلاقة الزوجية وصيانتها، وللأسف فإن الكثير من الأزواج الذين يعانون من الملل لا يجرؤون على مناقشته بصراحة ووضوح مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة وليس حلها، والطريق الأقصر هو الحوار الصريح الهادئ مع الإحترام وعدم التجريح في الآخر، فهو أشبه ما يكون بالخط المستقيم بين نقطتين.

احذروا التلفزيون والفضائيات

في عالم اليوم أصبحت الفضائيات سبب قوي من أسباب الملل الزوجي، لأن هذا الانفتاح الرهيب ومشاهدة النماذج المختلفة دفع بكل طرف إلى المقارنة بين ما يشاهده وما يعايشه مركزًا على الظاهر متناسيًا الباطن، وربما أدى انشغال الزوج بشاشة التلفزيون إلى شعور الزوجه بإهماله لها، وأنها لم تعد محط إهتماماه وإعجابه وبالتالي تبدأ ثقتها بنفسها تقل شيئًا فشيئًا، وتتحول مع الوقت إلى صورة جافة باردة مثيرة للملل.

والزوج إذا رآى انشغال زوجته وإعجابها بغيره فقد يثير غيرته وعصبيته وتنشب بينهم الخلافات والصراعات، وتبدأ الزوجه تقارن بينه وبين غيره مما يزيد المشكلة سوء، ويتولد لديها النفور منه وتتفاقم المشكلة حتى يبنى الحاجز الجليدي.

لهذا نرفع شعار"احذروا الفضائيات" هذا لا يعني أن نتخلى عن أجهزة التلفزيون أو أن نحطم أجهزة وأطباق الإستقبال، إلا أنه يعني أن نكون أكثر حرصًا وأكثر دفئًا وإشباعًا لأنفسنا.

تهادوا تحابوا

فترة الخطوبة والشهور الأولى من الزواج هي من أجمل الفترات التي يذكرها الزوج والزوجة على السواء فما السبب؟ تحظي تلك الفترات بالقدر الأكبر من الرومانسية والسلوكيات الرقيقة والهدايا المعبرة عن المشاعر العذبة، وللأسف فإن الأمور تتغير بعد الزواج ويعتقد كل طرف أن مجرد اتمام الزواج هو برهان على الحب فلا حاجة لإظهاره، وأن كل التصرفات التي يقوم بها طرف لخدمة الآخر هي دليل عن الحب، فلا داعي للتهادي في الأعياد وفي غيرها، ولا داعي للكلمات الرقيقة، وربما تطور الأمر للأسوأ مع قدوم الأولاد، فيصبح الزوج والزوجة أكثر خجلاً لإظهار مشاعرهما وحبهما ، ويتحول التعبير إلى تعبير سري خفي في اللحظات التي ينفردان فيها ببعضهما البعض متناسين أن إظهار هذا الحب أمام الأولاد أمر له أهميته في بنائهم من الناحية النفسية، والابن الذي ينشأ في بيت يلمس فيه حب الأب للأم والعكس يصبح سويًا متزنًا عاطفيًا بعكس الطفل الذي ينشا على الجفاف العاطفي.

ومع تأخر سنوات الزواج تبدأ عبارة "عيب احنا كبرنا" بالظهور وهي الأخطر من نوعها، فليس للحب موعد محدد، وأنتَ تستطيع أن تهامس زوجتكَ بأجمل كلمات الحب ولو كان عمركَ جاوز السبعين، وهي تستطيع أن تهاديكَ وتفاجئكَ في ذ كرى زواجكما ولو تجاوز عمرها الستين، قانون العيب لا يسري أبدًا على التعبير عن الحب المشروع.

وتجديد الشوق والبعد الجسدي لفترات قد يكون حلاً مثاليًا لكسر الحاجز الجليدي، كذلك التهادي ولو بدون مناسبات، إيقاظ المشاعر بالكلمات الرقيقة، المكالمات التليفونية ولو من مقر العمل، فليس عيبًا أن تتصل بزوجتكَ لدقيقتين يوميًا وأنت في مقر عملكَ لتنطمئن عليها، وليس عيبًا أن تشيعي زوجكِ إلى باب المنزل حين خروجه، وليس تصغرًا أن تحضر لزوجتكَ قطعة شيكولاتة تحبها وقد جاوز عمرك الخمسين، وليس تكبرًا أن تتجملي لاستقبال زوجكَ عند عودته إلى المنزل وأنت في الأربعين أو الخمسين من عمركِ.

الإبتسامة هي السحر الذي يؤثر في الآخرين، فتبسم لها وتبسمي له فأنتما على الحب اجتمعتنا وبالحب تكملا مسيرتكما وتحتضنا أولادكما، وتذكرا أن الوقاية هي دائئمًا خير من العلاج، فتحصنا من الملل قبل أن تصابا به وتسعيان لعلاجه.


نسمه السيد ممدوح

سنيورا

www.malekat.com


في مواجهة التكنولوجيا

هذا الموضوع هو أحد الملفات التي أعددتها لتحمل رأيي الشخصي في العديد من الموضوعات .. ربما خالف هذا الرأي البعض ولكن لا بأس من الخلاف ، فقد يفتح مجلات أوسع للتفكير.. وربما أقتنعت أنت بما أقول .. على كل حال أنا أتحدث وأنقل إليك ما لدي وانتظر رأيك حتى لو كان مخالفًا لرأيي .. فيكفي أن تعرني من وقتك القليل لمزيد من الحوار البناء..

في مواجهة التكنولوجيا

من الضروري جدًا أن نسلم بالحقائق ، ولهذا كان علينا أن نسلم بالواقع الذي نعيشه لأنه أصبح حقيقة لابد أن نعيها جيدًا لكي نتعايش معها على نحو صحيح وبدون مشكلات، والواقع أننا اليوم نعيش في عالم يختلف كثيرًا عن الماضي، فالتطور الهائل والمتسارع في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات الذي شهدته العقود الأخيرة غير كثيرًا من مظاهر الحياة وأنماطها، فانتشرت أجهزة الكومبويتر على نحو مذهل حتى داخل بلادنا العربية، وتعددت داخل البيت الواحد، وفي كثير من الأحيان اصبح لكل فرد جهاز خاص به كما كان في الماضي لكل فرد مفكرته الشخصية التي لا يجوز لغيره لستخدامها،تطورت شبكات الكومبيوتر أيضًا وبرزت الإنترنت كأقوى شبكة موجوده، وأصبحت الإنترنت مصدر ثري بالمعلومات المتنوعة بأكثر مما نتصور بكثير، شهدت أجهزة الاتصال أيضًا من هواتف تطورًا غير مسبوق، فصغرت أحجامها وتضخمت امكانياتها من الاتصال بشبكة الإنترنت والأقمار الصناعية، حتى أصبح من الممكن أن تعرف مكان شخص ما من خلال رقم هاتفه والقمر الصناعي الذي يلتقطه، ظهر الإندماج أيضًا في التكنولوجيا الحديثة ، فأصبح الكومبيوتر يحل محل التلفزيون والكاسيت ، وبات الهاتف المحمول بمثابة هاتف وكاميرا متفوقة وكاسيت بسماعات نقية.

ومن ناحية أخرى ذابت الحواجر والحدود مع استخدام الأقمار الصناعية التي مكنت من نقل المشاهد والأحداث من كل مكان إلى كل مكان في العالم وبفارق زمني يكاد لا يذكر، وبالطبع سمح ذلك لإنفتاح الشعوب على بعضها البعض وتبادل الثقافات فيما بينها على نحو واسع، ولعبت شبكة الإنترنت بصفة خاصة دورًا هائلاً في هذا المجال، فكل متصلوا الشبكة هم فئة واحدة بغض النظر عن أماكن تواجدهم، وما يميز بينهم هو الثقافة واللغة لا أكثر.

وبالطبع في ظل هذا الوضع ظهرت أنماط جديدة للحياة يمكن ملاحظتها بوضوح على أفراد الجيل الجديد الذي نشأ وشب وترعرع في أحضان التكنولوجيا الجديدة، واستطاع معايشتها والتكيف معها بسهولة، حتى بات استخدامها امرًا مألوفًا في حياته، فهؤلاء قد يفضلون تدوين الملاحظات والتنبيهات والمعلومات السريعة على أجهزة الكومبويتر مباشرة أو الهاتف المحمول بدلاً من استخدام الورقة والقلم، في حين يرى أفراد الجيل السابق أن هذا الأمر مرهق وأن الأسرع والأسهل هو اتباع الطريقة التقليدية، في حين أن الأمر في حقيقته لا يعدو أن يكون بضع ضغطات على الماوس المتصل بالكومبويتر الذي يعمل طيلة اليوم بلا انقطاع، هذه صورة بسيطة جدًا للاختلاف في نمط التفكير بين جيلين أصبحت التكنولجيا هي الفارق بينهما.

ومن هنا كان التطور التكنولوجي وما تبعه من تطور فكري وثقافي سببًا في اتساع فجوة الأجيال دون وعي من الأطراف التي كان عليها أن تحاول تضييق تلك الفجوة، وبالتأكيد أثر ذلك على عملية التربية داخل المنزل، واحتدم الصراع بشكل كبير بين الآباء والأبناء سواء كانوا أطفالاً أم شبابًا، وادعى الكثيرون فقدهم للسيطرة على أبنائهم، وآخرون تولدت لديهم مخاوف كبيرة من احتكاك أبناؤهم بهذا العالم على اتساعه واستخدامهم للتكنولوجيا المعاصرة، والكثير والكثير.

نظرة عادلة


وبما أننا متفقون على ضرورة التسليم بالواقع فعلينا أن ننظر إليه نظرة أكثر جدية وتطورًا، فالواقع الجديد ليس سيئًا للدرجة التي يراه بها الكثيرون، وكل مافي الأمر أنهم ينظرون إليه بحكم العادة والتقاليد فقط، لكن النظرة العادلة يجب أن تكون أكثر مرونة، فقيم الجديد في ضوء حقيقته وليس ما ترغب فيه أنت، فالتكنولجيا الحديثة ساعدت على انجاز الكثير من الأعمال، وكان لها دور فعال في الحصول على المعلومات بسرعة وسهولة، أجهزة الكومبيوتر وشبكة الإنترنت زادت من عمليات التفاعل بين الأفراد ومكنت ذوي الأهتمامات الخاصة من اشباع اهتماماتهم مع جماعات تشاركهم في ذلك، سبل الاتصال الحديثة ساعدت الآباء على الاطمئنان على أبنائهم أينما كانوا، وخففت كثيرًا من آلام الفراق والبعد التي كان يعاني منها كثير من الأسر في الماضي، وزادت الصلات بين الأقارب ولو كانوا في دول مختلفة، وكان لها أيضًا دور في التعاملات المالية، فسهلت عمليات الدفع والشراء عن بعد، أجهزة الكومبيوتر مكنت الأفراد من الاحتفاظ بكم هائل من الصور والملفات مع صعوبة فقدها، كما وفرت امكانيات جديدة للتعليم داخل المنزل، الهواتف المحمولة المزودة بالكاميرات جعلت التحرك أكثر سهولة مع وجود كاميرا دائمًا في الإحتياط لتسجيل اللقطات الهامة وتصوير الحوادث أو على الأقل الحصول على بعض الشواهد والبراهين في المواقف المخختلفة، الأقمار الصناعية مكنت من متابعة الأحداث في كل مكان في العالم في زمن حدوثها وقضت على العزلة كثيرًا ونشرت الوعي بين الأفراد،، وهناك الكثير من المزايا التي لا يوجد مجال لذكرها هنا.

ومؤكد أن هذه التكنولوجيا كان لها الكثير من السلبيات في مقابل إيجابياتها، فلقد زادت من المخاطر الصحية على الأفراد المحتكين بها على نحو دائم، استخدام أجهزة الكومبيوتر لفترات طويلة يسبب آلام الظهر ويؤثر على أعصاب اليد والأصابع، كذلك الاشعاعات المنطلقة من كافة الأجهزة الحديثة وخاصة شاشات الكومبويتر والهواتف المحمولة لها تاثيرها السيء على الصحة، من ناحية أخرى أدى هذا التطور إلى فقد الأمان، فكما يمكن استخدام الكومبيوتر لتخزين الصور والملفات الشخصية، يمكن أيضًا من خلال الكومبيوتر اختراق أجهزة الآخرين وسرقة مالديهم وانتهاك خصوصيتهم، كذلك الحال في الهواتف المحمولة، والكاميرا المدمجة بالهاتف أصبحت في كثير من الأحيان كاميرا خفية يمكن أن تلتقط لك الصور التي تهدد بها فيما بعد أو تنتهك بها على الأقل حرمتك وخصوصيتك، ضف إلى ذلك المخاطر الأخلاقية التي تؤرق الآباء والأمهات والتي قد تدفعهم لأخذ موقف خاطيء من التكنولوجيا المعاصرة، فشبكة الإنترنت مثلاُ تزخر بكم هائل من المعلومات في كافة المجالات، وبالطبع من بينها المعلومات الخادشه للحياء ، وفي مقابل مواقع المكتبات والصحف وبنوك المعلومات والمنتديات ومواقع الترفيه والحصول على مواد الملتيميديا توجد أيضًا المواقع الإباحية والتي ينتمي القسم الأكبر منها للغرب، وإذا قيل أن بعض الدول تستخدم فلاتر خاصة لحجب مثل هذه المواقع فإن هذه الفلاتر ليست بالكفاءة المطلوبة ويمكن أيضًا كسرها، وبدون أن يسعى الفرد لمثل هذه المواقع قد يجدها تصل إليه إما على هيئة اعلانات مثلاُ على البريد الإلكتروني أو على هيئة إعلانات البوب التي تظهر فجأه في مواجهة المستخدم.

واقع داخل بيوتنا

ولهذا يبدو الأمر خطيرًا، ومثيرًا لإرتباك الآباء خاصة في عملية التربية، ورغم أن الكثيرين أصبحوا يفضلون طرق التربية الحديثة القائمة على الحوار والتفاهم ، إلا أنهم رغم اتباعهم لهذه الطريقة فشلوا في إيجاد التفاهم المطلوب مع ابنائهم، وأصبحت هناك صدامات دائمة داخل الأسر ولو كانت غير ظاهرة، فالأب أو الأم ناقمين على سلوك الشاب أو الطفل الذي يقضي جزء كبيرًا من وقته مع جهاز الكومبيوتر، ومتخوفين من ساعات الاتصال بالإنترنت، مما قد يدفعهم للوقوع في الخطأ ومحاصرة الابن وربما انتهاك خصوصيته بحجة الحماية، وفي المقابل ترى الابن متضررًا من هذه الرقابة التي يرى أن القائم بها ذو فكر تقليدي غير عصري وان استخدامه لهذه التكنولوجيا ليس عليه غبار ، وقد يكون هذا الطرف إيجابي في بعض الحالات، فيحاول توضيح الصورة للأب أو الأم ويحاول إشراكهم في حياته ، ويبدأ يحدثهم عن اهتماماته وكيف يقضي ساعاته الطويلة مع جهاز الكومبيوتر، في المقابل قد يكون الآباء متصلبي الفكر ولا يحكمون إلا من خلال ماعاشوه فقط وما اعتادوا عليه، فيرون أن الابحار في الشبكة وقراءة الموضوعات المتفرقة لا يمكن أن يعادل متعة القراءة من الكتاب المطبوع، وأنة الأولى أن يتجه الشاب إلى فعل كذا وكذا كما كان يفعل الأب متناسين اختلاف الظروف الذي ينعكس على الأهواء وطريقة الاستمتاع ، وللأسف هم يفوتون على أنفسهم فرصة عظيمة، فلو كان الابن راغب في اشراك والديه في حياته فلماذا لا يحاولون هم تغيير الصورة المترسبة لديهم عن هذا الواقع الجديد، والاستماع للطرف الآخر بحب وبفكر متفتح.

اعرف الخطر أولاً

وأنت لن تستطيع حماية ابنك من خطر لا تعرف كنهه، وحقيقة كثير من الآباء والأمهات لا يدركون كيف يمكن أن يصل الخطر لأبنائهم، هم فقط يدركون أن الإنترنت تمثل خطر، والكومبويتر يمثل خطر، والهاتف المحمول وامكانية الاتصال عن طريق البلوتوث يمثل خطر، هذه الأفكار العامة المبهمة لا يمكن ان تحمي الابن ، بل إنها قد تدفع الآباء لفرض الحظر التام مما يولد الكثير من العناد لدى الأبناء.

دورك

ويبدو أن العودة للواقع هي دائما ًنقطة البداية في الحل، فحقيقة تمثل التكنولوجيا خطر ليس أخلاقي فقط بل صحي وأمني أيضًا، وعليك أن تدرك الخطر لتعالجه، فبدلاً من أن يقضي ابنك ست ساعات متواصله على الكومبيوتر حاول أنت أن تطلب منه قطع هذه الساعات بفترات راحة قصيرة ، وأن يكون هذا الطلب منبعه الحب والخوف على صحته، بعيدًا عن توجيه اللوم إليه وإظهار عدم الاقتناع بما يفعل ، أو الإندهاش من المتعة التي يجدها ، وحتى لو وجدت هذه المشاعر في باطن الابوين فعليهما اخفائها حفًاظًا على نفسية الابن على الأقل، وليوجدا لديه ارضًا خصبة تستقبل نصائحهما بحب بعيدًا عن اقرانها بفارق العمر والأجيال، كذلك حماية الأبناء من الإشعاعات سواء كانوا أطفالً أم شبابًا، فقط اطلب منهم بلطف البعد عن شاشات الكومبيوتر والتلفزيون، وابعاد الهواتف المحمولة عنهم قدر الإمكان، كن لطيفًا وسيستجيبوا لك بالفعل، وفي حمايتهم من الأضرار الصحية اجعل كلامك مبنيًا فقط على خوفك عليهم بعيدًا عن ماهية التكنولوجيا التي يستخدمونها ومدى اقتناعك أنت بها.

وعودة للوراء قلبلاً وبالتركيز على الأطفال تظهر مشكلة جديدة تتمثل في النمو المبكر والوعي الناتج عن مشاهدة التلفزيون لساعات طويلة، وبالطبع يعتبر التلفزيون بوضعه الحالي أحد أشكال التطور التي لم تكن موجوده فيما مضى، فهناك قنوات تعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة دون توقف، وهي ليست بالقليلة، كما أن المواد المعروضة على هذه الشاشات اصبحت بعيدة كل البعد عن الأطفال، فأكثرها موجه للكبار من مسلسلات وأفلام وغيرها من البرامج، وللأسف فإن تعرض الطفل لهذه البرامج على نحو مستمر يضر به كثيرًا، فتتفتح مداركه مبكرًا، وينمو عقله بصورة أسرع ، مما يجعل هناك اختلاف واضح بين تفكيره ونموه الجسدي، وبالتالي يفقد معنى الطفولة مبكرًا، ومن المؤكد أن هذا الخلل في سرعة النمو سيؤثر على نفسيته وسيحرمه من الكثير من الأنشطة التي تثري خيال الطفل وتجدد نشاطه، ولكن هذا لا يعني منع الطفل من مشاهدة التلفزيون بشكل تام، فهناك برامج كثيرة ومواد يمكن أن تفيد الطفل وبعيدًا عن التعميمات، فإن الرسوم المتحركة ذات دور فعال خاصة إذا اتبعت طريقة منظمة في عرضها على الطفل وتحبيبه فيها من صغره، ولكن بالطبع ليست كل الرسوم الكرتونية صالحة، ولأن أغلب هذه المواد هي انتاج غربي فإن عملية الاختيار لما يتعرض له الطفل أمر ضروري جدًا، وبعيدًا عن الرقابة واللجان المسؤولة في محطات التلفزيون نجد أن هناك دور هامًا تلعبه الأم بصفة خاصة، فما يجب أن يعرض للطفل هو ما يستطيع فهمه وما يقدم له معنى راقي وقيم، وهناك الكثير من المسلسلات الكرتونية الهادفة والتي تغرس في الطفل قيمة الصداقة، والحب، ومساعدة الآخرين، والاعتماد على النفس، والحنان وغيرها، وبالتأكيد، هناك أفلام تضر بالأطفال بما تمتلئ به من وحشيه ودماء وجرائم قتل وغيرها، وللأسف فإن النوعية الأخيرة بدأت تنتشر على نحو واسع باعتبارها أحدث ما أنتجته شركات الكارتون، وداخل المنازل نترك أطفالنا أمامها دون وعي.

وجانب آخر في أهمية الرسوم المتحركة للأطفال وهو اللغة، فهناك الكثير من المسلسلات الأجنبية التي تمت دبلجتها على نحو سليم ، وتلك تعود الطفل على نطق اللغة العربية بشكل صحيح، كما تجعلها مستساغة بالنسبة له، وفي المقابل نجد كم من الأفلام الكارتونية كأفلات والت ديزني تمت دبلجتها للأسف باللهجات العامية ، ودخلتها الكثير من الألفاط التي لا يصح أن يتعرض لها الطفل في صغره، حتى أن بعض هذه الأفلام وبسبب الدبلجه أصبحت أصلح للكبار الناضجين الذين لن يتأثروا بما ورد فيها من ألفاظ وأساليب الكلام.

ومشاركة الطفل فيما يشاهده له أثره في توجيهه دون أن يدري، والإفادة من حب الطفل للتقليد قد يكون أسلوبًا فعالاً، فلو حاولت الأم أن تظهر حبها لنوعية معينة من البرامج المفيدة للطفل فسيحاول هو تقليدها بمشاهدة مثل هذه النوعية والعكس صحيح، كما أن الحوار مع الطفل منذ صغره وتعريفه بما يصح ومالايصح، وما هو مقبول او مرفوض في مجتمعه أمر له أهميته، خاصة وأن مصادر المعلومات اليوم متاحة للجميع، وسواء قمت أنت بتعريفه أم لا فسيصل إلى المعلومات، ولكن من غير المضمون ان يصل إليها بطريقة صحيحة، أو أن يحصل على مضمون سليم.

ألعاب الفيديو تؤرق الكثيرين


ألعاب الفيديو أيضًا مصدر أرق للآباء، فهذه الألعاب رغم كثرة سلبياتها فإن الأطفال منجذبون إليها، ولهذا يجب أن يكون التعامل معها مبنيًا على أسس سليمة، فلا تحرم الطفل منها فمؤكد سيصل إليها دون علمك، ولكن شاركه اللعب واختيار الألعاب الجيدة التي تخلو من مظاهر العنف المبالغ فيها، ورغم أن من الآثار الضارة لكثرة التعرض لهذه الألعاب ارهاق العينين واعصاب اليدين نتيجة للتركيز وسرعة الحركةـ على الرغم من ذلك فإن بعض هذه الألعاب يعد مثاليًا في تنميه قدرات ومهارات الأطفال خاصة مهارة التركيز والانتباه وسرعة التفكير واتخاذ القرار السليم، ولكن هذه الإفادة مقرونة بالتحكم في مدة اللعب ووقته ايضًا،وهذا التحكم والسيطرة لابد أن يكون بوعي من الآباء، وكما تطلب من الشاب قطع ساعات الجلوس أمام الكومبيوتر لأنك تخشى على صحته ، اجعل هذه الطريقة المتبعة للحفاظ على صحة طفلك.

فجوة الأجيال

من الحقائق السملم بها أن هناك فجوة دائمة بين كل جيل وآخر، سبب هذ الفجوة معروف سيكلوجيًا وهو عدم قدرة الشخص كبير السن على التكيف مع الجديد، فكلما زاد العمر كلما قلت القدرة على التكيف ، ولأن الحياة في تغير مستمر، فإننا نجد دائمًا جيل أول غير قادر على التكيف مع هذا التغيير، وجيل جديد يتكيف بسرعة كبيرة، إلا أن المشكة زادت في السنوات الأخيرة لأن هذا التغير اصبح سريعًا جدًا مما زاد من اتساع الفجوة بشكل كبير، ومع ذلك فإن بالإمكان تضييقها،والأمر فقط بحاجه إلى الوعي، وفي كثير من الأحيان يساعد الجيل الأول على زيادة اتساع الفجوة بدلاً من تضييقها ، والحقيقة أن عملية التقارب بين الأجيال في هذه المرحلة ضروية جدًا ولن تتحقق إلا من خلال تغيير طريقة التفكير لدى الجيل الأول، فلا يطلب منهم التعامل مع التكنولوجيا الجديدة ولكن على الأقل عدم توجيه النقد واللوم لها بدون مبرر، كما أن هذه التكنولوجيا تمثل مجال اهتمام للجيل الجديد ربما لو استطاع الجيل الأول المشاركة فيه لتقلصت الفجوة كثيرًا بينهما، فلماذا لا تطلب من ابنك أن يعلمك كيف يجري اتصالاً صوتيًا عبر الإنترنت؟ ولماذا لا يكون لك بريد الكتروني وتراسل أصدقاءك عبره؟ فقط غير فكرتك عن كون هذه الوسائل ترفيهية ودخيلة وضاره وستجد الأمر أفضل بكثير، كما أن صورتك بالنسبة لأبنائك سوف تتغير كثيرًا وسيصبحون أكثر تقبلاً لرأيك باعتباره رأي لشخص مرن وعصري الفكر، وبالتأكيد ستتمكن في هذه الحالة من توجيههم وحمايتهم وتربيتهم بشكل أفضل.

الهجوم خير وسيلة للدفاع

التكنولوجيا الجديدة أصبحت واقعًا يهددك بالكثير من الأخطار وأنت تريد حماية أسرتك منه هذا الخطر فما الحل؟ تذكر عبارة نابليون بونابرت " الهجوم خير وسيلة للدفاع" وهنا يكمن الحل، قم بهجوم على التكنولوجيا الجديدة بالانغماس فيها وتعلمها، ومعرفة أسرارها لتتعرف على مواطن الخطر الفعلي الذي يكمن بداخلها، ويمكنك أن تسلح نفسك وأبناءك داخليًا ليقاوموها بدلاًَ من أن تغرس فيهم السلبية والخوف والابتعاد عن التكنولوجيا لتفادي خطرها، والبناء النفسي هو أهم مافي الموضوع، فلو غرست الأخلاق والقيم الفاضلة في الشاب فلن يندفع نحو المواقع الإباحية على شبكة الإنتنرت حتى لو واصل العمل عليها لساعات طويلة لأنه قبل كل شيء لن يخافك بل سيخاف الله لأنك غرست فيه هذه القيمة، ولو ظهر إعلان البوب أمام عينيه فسيقوم بإغلاقه دون حتى ان يلتفت إليه.

ومخاوف الكثيرين من إتاحة سبل الاتصال للشباب سواء كانت عبر الهواتف المحمولة أوشبكة الإنترنت على اعتبار أنها قد تؤدي إلى علاقات غير مشروعة ـ أمر تحسمه التربية والقيم المغروسة في الشاب والفتاة، إن توعية الشباب بالحوار وتوجيه النصح لهم بطريقة غير مباشرة وإشعارهم بالمسؤولية كفيل بتقليل نسب الانحراف الموجودة بشكل كبير، كما أنه كفيل بالقضاء على مخاوف الآباء والأمهات مما قد ينجم من توفر وسيلة اتصال سريعة مع ابناؤهم، في حين أن منع هذه الوسائل قد يشعر الابن بأنه ليس محل ثقة مما قد يؤثر على بناؤه النفسي، وفي حالات أخرى قد يدفع به إلى ارتكاب المحظور من الأهل ليثبت تفوقه عليهم.

وإذا كنت تخشى على ابناءك من القنوات الفاضحة على شاشة التلفزيون فلا تعتقد أن استخدام التشفير وإغلاق هذه القنوات بكلمات مرور خاصة قد يحميهم، بل بالعكس قد يدفع البعض لمحاولة كسر هذه الحماية بدافع الفضول والرغبة في الاستكشاف، فالاسراف في المنع بدون مبررات وبدون توضيح يولد دائمًا الرغبة في معرفة المحظور، لكنك إن بنيت داخل ابناءك أن هذه القنوات تبث مالا يصح أن نراه لأنه خادش للحياء ومغضب لله فإنهم لن يحاولوا حتى الوصول إليها في قائمة القنوات المتاحة ولو كانت غير مشفرة، فقط ابن نظم الدفاع الداخلية لديهم، وافتح باب الحوار واجب عن أسئلتهم بوضوح وتقبل مناقشاتهم فهذا افضل بكثير.

وبناء النظام الداخلي للدفاع لا يعني أن تترك الرقابة جانبًا، بل أوجد الرقابة بحدود وبدون تجسس ولا انتهاك للخصوصيات، وجدد نظامهم الدفاعي وكن واعيًا لكل ماهو جديد، وانبذ فكرة المنع التام ومقاومة التكنولوجيا وتجبنيها فمهما فعلت لن تستطيع عزل أبناءك عن العالم، وهم محتكون بهذه التكنولوجيه شئت أم أبيت، لهذا اهتم بهم داخليًا وحصنهم ضد الأخطار وهذا يكفي.

وبدلاً من أن تقاوم التكنولوجيا طوال الوقت حاول أن تفيد منها، فاستغل حب ابنائك للكومبيوتر لتوفر لهم الموسوعات العلمية والكتب النافعة على اسطوانات تهديها لهم من وقت لآخر، واستغل ميل طفلك لتقليد إخواته الكبار ووفر له برامج تعليم القراءة والكتابة على الكومبويتر وطور مهاراته في الرسم والتعامل مع هذا الجهاز الذي أصبح بحق أداة العصر الحديث، اشغل وقت ابنائك من الشباب لتحويل مكتبة الصور والشرائط والأفلام لديك إلى مكتبة رقمية على الكومبيور تحتفظ بها لسنين طويلة، فقط جرب أن تفيد من التكنولوجيا وطاقات الشباب وقدرتهم على استخدامها لصالح الجميع، وساعدهم في تعلم لغة العصر حتى يشبوا أعضاء ناجحين فيما بعد.


نسمه السيد ممدوح
سنيورا
مجلة مملكة المراة
www.malekat.com

السبت، 29 أغسطس 2009

اشتقت لأن أراكِ

اشتقت لأن أراكِ

اشتقت لأنر أراكِ.. كلمة هزت وجداني .. وكالسهم اخترقت كياني .. وهوت بي في حمم أحزاني.. لا حبيبي لازلت تراني .. ترى بسمتي كلما تقاربت منك أنفاسي.. وامتدت كفي تحتوي كفك في الصباح لتمسك كوب القهوة الدافئ.. تراني حبيبي وترى الحب يفيض من عيني وينساب فلا تحتمله المقلتين.. فيفيض على وجنتي وشفتي وكل أجزائي.. تراني حبيبي حين تحيط ذراعي بكتفيك في ليالي البرد برداء حكته بيدي ليدفئ الحبيب الغالي .. تراني حبيبي حين تتنشق عبير الأزهار على طاولتنا وتداعب زهرتي وجنتيك.. وترى ضحكتي حبيبي حين تسمع تغزلي بها وغنائي.. تراني حبيبي حين أبكي وتمد أناملك تمسح عبراتي .. تراني حبيبي حين تقول ابتهجي ولا تحزني دون أن أبكي وحين تسمع ضحكتي ضعيفة وهنة تخفي ورائها أتعابي..
مد إلى يديك حبيبي أحتوي كفيك وأضمهما إلى صدري .. وأسبل على عيني ستاري .. ولنصمت حبيبي فتسمع دقات قلبي .. أتراك الآن تراني؟!
ستراني حبيبي .. ستراني رؤية القلب المحب المخلص المتفاني .. ستراني بعين صادقة تجعل ملامحي أجمل مما كانت.. وأجمل من سنوات عمري .. ستراني حبيبي امرأة أحبت وأوفت لمن كان للوفاء عنوان..

سنيورا
نسمه السيد ممدوح
29 أغسطس 2009

الثلاثاء، 21 يوليو 2009

الحب مسؤولية

لا تقل أحببت فالحب مسؤولية.. وفيه لا مكان للأنانية .. وإن أحببت فأنت ترى العبرات قبل أن تحملها العيون .. وترى الحزن من وراء الضحكات ولو ملأت الفضاء .. ولا تخدعك الابتسامة فورائها يكمن البكاء .. والتظاهر بالقوة قد يكون قناع للضعف والإعياء.. وإن أحببت فلا حاجة للكلام .. تكفيك النظرات ومعك القلب هو نبض الإحساس..
وإن احببت فاحذر أن تخون .. فلا تقل أحببت إلا إذا عزمت على أن تصون..

سنيورا
نسمه
21 يوليو 2009

الاثنين، 20 يوليو 2009

إلى متى يا عذابي؟

"ماذا ستفعل في غيابي؟
بدموعك ابتلت ثيابي
صعب وداعك يا عذابي
قالت حبيبي يا حبيبي
ماذا ستفعل في غيابي؟
* * *
ماذا سأفعل يا حياتي؟
أحتار في رد الجواب
كوني قوية استمدي
من حبنا قهر الصعاب
أنا مجبر يا نور عيني
حكم الزمان على اغترابي
آمالي الكبرى شفيعي
والحب والصبر شرابي
* * *
إن ضمني بيت وناس
فسيعجبون من اضطرابي
قلق ومرتبك وحتى
ضحكي يدل على اكتئابي
للباب للشباك عيني
ويدي على قلب فما بي؟
* * *
لا تقتليني واسعفيني
بالصبر واحتملي غيابي"

كريم العراقي

حبيبي طال البعد واشتد عذابي
يوم فراقك انتهت حياتي
ضاعت فرحتي وولى عني شبابي
تعبت يا عمري فأشفق لآهاتي
وأجب عن خطاباتي
كم رسالة كتبت بدموعي
ولم ألقى منك ردًا عن سؤالي
إلى متي سيطول فراقنا يا حبيبي
سئمت المغيب وطول الليالي
وحتى الفجر ليس إلا عنوانًا لأحزاني
وتقول "لا تقتليني وأسعفيني"
وأنا اليوم أطلب الشفاء من دائي
ولقاؤك دوائي
وأحضانك مينائي
وبين يديك ترسو سفينتي ويهدأ اضطرابي
فأجب عن سؤالي حبيبي
وبشرني بعودة الغالي

نسمه السيد ممدوح
سنيورا
20 يوليو 2009م

الخميس، 16 يوليو 2009

يـــــــــا جــــــــدي

يـــــــــا جــــــــدي

وأسفاه عليك أيها الحب البريء، أبكيك وحدي وأذكر قول جدي العجوز : "يا بنيتي قد يأتي يوم ينادي فيه المنادي بين الناس أن الحب قد مات فلا يجد من يذرف لأجله دمعة أو يذكره بإحسان"
صدقت يا جدي فحتى المنادي لم يستطع الإتيان ، وهم منذ سنين قتلوا الحب بالغدر وأراقوا دماءه على مرآى الجميع ، قتلوه ولم يواروه الثرى أو ينعوه أو يبكوا عليه ولو بالقليل، قتلوه يا جدي ولم يعترفوا بجرمهم وقالوا الحب حي لم يموت ، والحياة في حقه إثم كبير ، فأنت ايها الحب البريء أطهر من أن تطأ قلوبهم أو أن تسري في دمائهم، وأنت أطهر من أن تذكرك ألسنتهم أو أن تحيا في عصرهم، لكنهم وصموك بالحياة بينهم لتظل جرائمهم ترتكب باسمك ، فباسمك أبكوا العيون وأدموا القلوب ، ووراء ستارك يختبئ الغرور والظلم والقهر ، وأنت في عرفهم اسم للأنانية والتملك.
فاليوم يا جدي أبكي وحدي الحب الذي مات منذ سنين، ابكي بريئًا طعنوه في مقتل بسكين لئيم، أبكي جمال الدنيا الذي ضاع لأبد الآبدين .. ولكني أدعوا يا جدي أن يُبعث الحب بيننا من جديد ليطهر القلوب ويحي الوجود الذي سرت فيه برودة الموت منذ سنين.. فادعو معي يا جدي الطيب عل الله يجيب دعواتك الصادقة أيها الكريم..

نسمه السيد ممدوح
15 يوليو 2009

الاثنين، 22 يونيو 2009

الشــــــــــــــــــــــــــــارد

الشــــــــــــــــــــــــــــارد


أيها الشارد في دنيا الهموم .. يا تائهًا على مفترق الطرق .. أيها الصمت الطويل والوتر الحزين .. بالليل ساهر لا تنام .. وبالنهار شارد حتى عن الكلام .. ياليت الأيام بنا تعود فاراك باسمًا.. ياليت الحيرة كانت يومًا قسمتي .. وياليت البهجة كانت دومًا رفقتك.. ياليت وياليت حروف صماء .. آمال مستحيلة الإتيان..
أأصدقك الحديث يا مهجتي؟! أنا من حالك مستغربة.. حائرة تائهة.. ومن صمتك خائفة.. أنت كالجبل صامد .. وكالبركان خامد وأخشى عليك لحظة الحمم.. يا فزعي إن أصابك من الدنيا صائب.. أنت يا رقيق الفؤاد .. يا كثير الوداد ليس لك في الدنيا غير الشدائد.. فصبرًا حبيبي .. ففي الغد تنفك الدوائر..وتستقيم بنا الدروب ..
يا ونيسي في دنياي .. تقاربت وجوهنا وتلامست أناملنا وأنت عني بغائب .. ألقي بأوتارك تحطم سور الحديقة فيُمزق صمتك القاتل .. وأقبل إلي كالطفل لحنان أمه بسائل .. اسقط بين احضاني واسكب على ردائي كؤوس الأسى وارتوي من قوارير حبي الدافئ.. أقبل حبيبي فلست بنادم..

نسمة السيد ممدوح
22 يونيو 2009م

الجمعة، 12 يونيو 2009

يا عاشقًا ليس لك غير الرحيل

قال: جئتك عاشقًا وقد عزمت أن أعاهدك اليوم العهد الكبير، قلت ومالي والعشاق؟! فليس لكم إلى قلبي سبيل، قال جئتك بشهود على حبي فانظري إلى وردتي والسكين، تلك الجميلة عربون محبتي ووفائي لك يا عشقي الجميل، قلت: وماذا عن السكين؟ قال: ذاك عهدي أن أحميك من كل خطر وغدر وحزن وكل أليم، فقلت: مالك والورد تسلبه الحياة لتقدمه لي دليل؟! والحب حياة فكيف يكون القتل له سبيل، ومالك وحمايتي وإشهاد السكين؟! فبه تقتل كل عدو وخطر وترديني به والدم مني يسيل، عذرًا سيدي فليس الحب قتل وقتيل، الحب حياة وأمل، رحمة وحنان، وفاء وقوة ، وأنت لا تملك على هذا دليل، فارحل أيها العاشق قليس مثلك لحبي بطائل، وليس مثلك لقربي بسائل، ارحل وابحث من جديد علك تعرف كيف يكون الحب وعلك تجد له دليل..

نسمه
12 يونيو 2009م
حــــارس النجـــــاح

بداخل كل منا صورة لما يرغب في تحقيقه، هذه الصورة يرسمها العقل اللاواعي، وفي لحظة ما يستطيع العقل الواعي أن يمسك بطرف الخيط وأن ينتزع تلك الصورة من اللاشعور إلى الشعور، فيبدأ العقل ـ وعن إرادة ـ بالبحث عن سبيل لتحويل تلك الصورة إلى حقيقة ملموسة، ومن الطبيعي أن تتناسب تلك الصورة في الأصل مع قدرات الفرد وامكانياته، إذ أنها تختلف عن الأحلام والأمنيات الخيالية التي ينسجها العقل الواعي في لحظات الشرود والتأمل والتي يكون الإنسان مدركاً لصعوبة أو استحالة تحقيقها.
ومهما كانت الوسائل المرجو منها تحويل الصورة الذهنية لدى الفرد لما يسعى إلى تحقيقة ـ فإن الضمان الوحيد لتحقيقها يكمن في العزيمة والإصرار، ولا يكفي أن يخطو المرء بضع خطوات على طريق النجاح ويرى شمسه قد أشرقت حتى يصل إلى نهاية الطريق ـ إذا كانت له نهاية بالفعل ـ فلا يعدو هذا النجاح إلا أن يكون مجرد بداية فقط إما أن يتوقف عندها الإنسان ويظل سجين أحلامه التي لم يحققها، وينتابه الياس ومن ثم يتحول إلى إنسان سلبي ويتوقف في مكانه للأبد، وإما أن يجتازها تدفعه إلى ذلك طاقة جبارة من العزيمة والإرادة والثقة بالنفس حتى يصل إلى أبعد ما يمكنه الوصول إليه في حلمه، وفي كل خطوة جديدة تزداد هذه الطاقة بداخلة ، ويزداد هو قوة، ويتحول إلى شخص إيجابي في حياته ومقدرًا ناجحًا لامكانياته ، فلا يندفع في طريق لا يمكنه المضي فيه سوى بضع خطوات لأنه قد تعلم كيف يقدر ذاته وكيف لا يقذف بها في اليأس.
فالنجاح قد يتحقق في وقت قصير لكنه لا يدوم إلا إذا أقمت عليه حارساً صنعته العزيمة وقوة الإرادة ، وهكذا يمضي النجاح تلو النجاح ، وتتجدد الأحلام ، ويتحقق ما شاء الله له أن يتحقق منها.


نسمه (سنيورا)
23 أغسطس 2008

الاثنين، 18 مايو 2009

إنها تتحدث

إنهـــا تتحــــــــــــــــــــــــــدث

وأضاء الليل بغتة والناس نيام، وسطعت شمس في كبد السماء، وجاء النهار قبل الأوان، وحرارة الشمس أحرقت الأغصان والأحجار، وهوت حبات الزيتون فوق الطرقات تطؤها الأقدام، وشبت النيران في كل مكان، وسقط الأمان صريعًا في ساحة من احجار متناثرة، وسحب الدخان تملأ الأجواء، فغابت السماء عن الأبصار، واختلط الليل بالنهار، فحرارة الشمس تلهب الأجساد وتبكي الورود بدموع حمراء ، تفيض على الطرقات أنهار وأنهار، وظلمة الليل تغلف المكان، ولا تسممع إلا أنين وآهات، وصرخات في كل ركن متهدم تحت الركام والرماد.
وفي الطرقات شيخ يعدو صوب كومة حطام، وآه بين الحين والحين تشق صمت الموت الرهيب، والدخان يملأ المكان ، وفتاة بين الحطام ، وعلى الذراعين محمول جسد صريع تغمره الدماء، يُضم للصدر فيلطخ الثوب المهترئ بدماء طاهرة، رغم برودة الموت محرقة.. وصوت ينادي بلا مجيب..
يا شيخنا مد إلي يدك.. فأنا هنا منذ سنين.. لا أسمع غير أصوات المدافع والصرخات والأنين.. ولازالت دماؤه على صدري تسيل .. ألم يحن الوقت ليتوقف ذاك النزيف؟! أتعبتني الآهات وأرهق ذراعي جسد بارد منذ خمسين عامًا أو يزيد.. آه كم تمنيت أن أريحه وأستريح.. لكنه في كل يوم يموت من جديد.. تقتنصه نيرانهم .. ويتهاوى بين ذراعي صريعًا وتسيل دماؤه لتحرقني من جديد..
ساعدني يا شيخنا فقد لبث الألم فينا سنين .. ونزفت فينا الحرية من الدماء الكثر الكثير .. مد إلي يدك لعلي أنهض بعد تلك السنين.. وأواري الراقد على ذراعي الثرى.. وأمسك بندقيتي ومصحفي لأصون حرمة أنتهكت وطال عليها الأمد بلا معين.. ولأرفع ما بقي من أحجار مسكني .. وأسوي الأرض من حولي .. وأعيد مدينتي للوجود من جديد..

نسمه
سنيورا
مايو 2009م

الأربعاء، 13 مايو 2009

أنت وحدك

أنــــــت وحــــــــــدك

للصيف حرارة خاصة، قد تلهب مشاعرنا وتوقد عواطفنا وتورد خدودنا بحمرة البهجة والسعادة، وقد تحرقنا وتذبل ملامحنا وتحيلنا أعواد تحترق، فمن يضرم النيران ومن يوجهها؟
الشمس تصحو كل يوم من مشرقها، وتكمل مسيرتها لتسطع في كبد السماء برهة، وتعاود رحلتها لتغفو غفوة الليل حتى يحين موعد إشراقها من جديد، والشمس في رحلتها قد تبدو رمزًا للنشاط والحيوية والعمل الدؤوب، وقد تبدو رمزًا للروتين والرتابة والملل، فمن يحدد معناها؟
والصباح الصافي مع حرارة الشمس الدافئة قد يبدو عنوان للأمل والإشراق، وقد يبدو عنوانًا للضجر والتعب والإرهاق، فمن يحدد مغزاه؟
والبحر على امتدادة هو لوحة للرومانسية، وأمواجه في تراقصها كخصلات شعر لفتاة في ربيع العمر تداعبها نسمات الهواء الحانية، وتارة مشهد مخيف لعمق مظلم لا يحمل بين طياته سوى الألم والضياع، فمن يلون البحر بريشته؟
والحب عاطفة قد تحيي القلوب وقد تدمرها ، فمن يحددها؟
أنت وحدك تملك الخيار، أنت وحدك تستطيع أن تجعل من حرارة الصيف نيران تضيء حياتك، أنت وحدك تقدر أن تطفي على الشمس معنى النشاط وتمنح للصباح الأمل، أنت وحددك تملك أن تلون البحر بريشتك لتجعله أكثر روعة وبهاء، وأنت وحدك تملك مفتاح الحب وتقدر أن تجعله نهرًا يروي من حولك.


نسمه
سنيورا
13 مايو 2009م

السبت، 25 أبريل 2009

هل الإنسان اجتماعي بطبعه؟

هل الإنسان اجتماعي بطبعه؟

" الإنسان كائن اجتماعي بطبعه" كثيراً ما تتردد هذه العبارة على الألسنة دون أن تثير التساؤل حول دقتها، وفيما إذا كان الإنسان بالفعل هو كائن اجتماعي بطبعه ـ أي أن الاجتماعية طبع متأصل فيه ويكاد يكون أشبه بالغريزة، حيث يكون الإنسان مدفوعاً إليه برغبته ولإشباع دافع لديه،ولأنه بذلك يمارس شيئاً زرع ً في فطرته ـ أم أن الإنسان كائن مدفوع تحت ضغط الحاجة إلى أن يكون اجتماعياً؟
إن القول بأن الإنسان اجتماعي بطبعه، وأنه لا يستطيع العيش بدون مجتمع يرسم علامات استفهام كبيرة حول الأفراد الذين ينعزلون في الجبال والغابات بعيداً عن مراكز التجمع البشري، خاصة وأن هؤلاء يستطيعون في ظل العزلة المحيطة بهم أن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، ولكن يبدو أن هذه العزلة قد تركت آثارها على بعض جوانب حياة هؤلاء، وبمعنى أدق فإن هذه العزلة قد قضت على مفهوم حياة الرفاهية لديهم، ومنعتهم أيضاً من إشباع بعض الرغبات البشرية الطبيعية ولو كانت بسيطة كرغبة في نوع معين من الطعام أو اللباس.
فلو كان الإنسان اجتماعي بطبعه لما وجد هؤلاء، ولما استطاعوا ممارسة حياتهم ، لأنهم في هذه الحالة سيفقدون شيئاً أساسياً في حياتهم، وسيحرمون من إشباع رغبة أساسية وهامة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الامتزاج داخل تجمع بشري.
والحقيقة أن الإنسان يبدو وكأنه مدفوع إلى الاجتماعية ليس لإشباع رغبات ثانوية كحب الظهور وإثبات الذات على سبيل المثال، أو لتبادل الخبرات، وإنما هو مدفوع إلى ذلك للحفاظ على مستوى معين من الحياة يتسم بنوع من البساطة واليسر وإشباع أكبر قدر ممكن من الرغبات الشخصية البسيطة والثانوية، وللوصول إلى درجة ما من الرفاهية.
ومع ذلك توجد درجات للاجتماعية تختلف من شخص لآخر طبقاً لمكونات شخصية الفرد وحاجاته ورغباته، وتلعب قدرات الفرد دوراً في ذلك ، فالشخص الذي يشعر بدرجة ما من الاكتفاء الذاتي ، والقادر على ضبط رغباته والسيطرة عليها يكون أقل اجتماعية من غيره، في حين يشعر الشخص الضعيف بحاجته الماسة للامتزاج داخل التجمع البشري لتحقيق الاكتفاء ولو بدرجة معقولة.
فالإنسان كائن اجتماعي مدفوع إلى الاجتماعية أو بمعنى أدق إلى درجة ما من الاجتماعية للحفاظ على حياة على درجة ما من درجات الرفاهية ومن الاكتفاء.

نسمه (senura)

الأحد، 19 أبريل 2009

الدرج المكسور

الدرج المكسور

ويقولون بين العبقرية والجنون حاجز بسماكة شعرة وينسون بأن بين الفشل والنجاح خطوة، فعلى سلم الحياة خطوة تقودك لأعلى وأخرى تهوي بك وتطرحك أرضًا، وربما غصت في الأعماق ، وإذا سقطت لن تجد من يمد لك يد العون فاحذر الهاوية، والدرج عالٍ، حالك الظلمة، مكسورالدرجات، فاستعن بمصباح من العلم والإيمان، وتسلح بهدف نبيل، وكلما خطوت خطوة للأمام التفت لحظة للوراء علك تجد من بحاجة إليك ، حتى إذا أوشكت يومًا على السقوط وجدت من يمد لك يده، وكلما صعدت أكثر فاحذر من مدح الآخرين ، هم فقط لا يعلمون، فسر نجاحك قد يحيلك يومًاإلى بائس مكسور، وقد تجد نفسك مضطرًا للتبسم وقت يقتل بداخلك معنى الجمال في الوجود، وإذا بدوت لهم غريب الصورة مختلف النبرات ظنوا بك ظن المغرور، أو ربما قالوا عنك كفعل السيف بالأعزل الجريح، فاحذرهم ولاطفهم حينًا، واعتزلهم أحيان علك تسلم في لحظات ضعفك من سيوفهم ورماحهم التي سترديك وقت تصرع الرحمة ويغيب من الدنيا الحنان.

نسمه (سنيورا)
19 ابريل 2009 م

كن سعيدًا

كــــــــن سعيــــــــــــــــدًا

السعادة حالة نفسية تكتنف الإنسان عندما يشعر بالرضا عن نفسه وعن أفعاله، وعلى الرغم من أن الكثيرين يعتقدون بوجود شكلين للسعادة: يختص أحدهما بالجانب المادي للحياة والآخر بجانبها الروحي، إلا أن السعادة في حقيقتها حالة نفسية وعاطفة تنبع من القلب وتغمر النفس، ومسبباتها تكاد تكون جميعها معنوية حتى تلك التي تبدو في ظاهرها مادية، فالمال الذي يمنحه الأب لابنه كونه أحد أسباب السعادة المادية ليس إلا ترجمة رمزية لمشاعر الأب الحنون المحب لابنه، والأخيرة سبب معنوي لا مادي.
وأسباب السعادة قد يسعى إليها الفرد بمفرده: كأن يجتهد الشخص في عمله ليبلغ ما هو افضل وبالتالي يتحقق له الرضا ويشعر بالسعادة، والإجتهاد ليس إلا تعبير عن عاطفة داخلية منبعها حب الفرد لذاته وتقديره لها، فالسبب في أصله معنوي ونابع من داخل الفرد، في حين أنه في كثير من الأحيان ينبع السبب من طرف آخر، وعلى الرغم من ذلك فكلا الطرفين في هذه العلاقة يشعر بالرضا ومن ثم بالسعادة، فالأم التي تحنو على طفلها وتلاعبه بالساعات هي سبب من أسباب السعادة للطفل ولكنه سبب خارجي، والملاعبة ايضًا سبب داخلي لسعادة الأم؛ لأنها قد وصلت إلى الرضا في تعاملها مع طفلها ونجاحها في إسعاده.
ولقد من الله سبحانة وتعالى على خلقه بالكثير من أسباب السعادة الروحية، وليس هناك ما هو أجمل من شهر رمضان الكريم وعيده في رأس شوال، حيث تعد النفس إعدادًا روحيًا لتلمس أسباب السعادة ولو كانت في ظاهرها مادية: كشراء الثياب الجديدة أو التهادي أو على أقل تقدير صنع الحلوى الخاصة بالعيد، فجميعها مادية في ظاهرها نابعة من الحب المتبادل بين الأفراد في باطنها ، وكلما كانت عاطفة الحب أقوى كلما اكتست هذه الأسباب بحلاوة أكبر، فالعيد سبب لتهيئة النفس البشرية للمضي في سبل السعادة ، ويكفي أن يكون اختتام شهر رمضان الكريم سبب كافٍ لتحقق الرضا الداخلي للفرد وغمره بالسعادة لكي يحاول منحها لمن تربطه بهم عاطفة الحب الصادق.

نسمه (سنيورا)
17 سبتمبر 2008م

رمز تغير

رمـــــــز تغيــــــــــر

يتغير العالم باستمرار، وتختلف سرعة هذا التغير من مرحلة لأخرى، ومن الملاحظ أن عجلة التغير أصبحت تدور بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة، واختلفت مظاهر الحياة بشكل كبير، وفي خضم هذا التغير اهتزت بعض الرموز التي رسخت في المجتمع لعهود طويلة.
وقديمًا كان المعلم هو رمز العطاء ، وهو المحب للعلم والناقل له ، ولهذا نال المعلم الشرف في أن يكون وريث للأنبياء: يحمل رسالة عظيمة تكمن في توصيله للعلم على سموه وعلو قدره، وكان هذا يتطلب من المعلم بالضروره أن يكون في وضع يسمح له بحمل هذه الرسالة، وهو قبل كل شيء قد ارتقى فكره، وتهذبت نفسه، وحسن سلوكه، ولأن بين يديه تترك العديد من الأسر أبناءها وبناتها لساعات طويله؛ فحري به أن يكون سوي النفس ، يعي جيدًا كيف يعامل من هم دونه من الطلاب؟ وكيف به أن ينظر إليهم نظرة المسؤولية؟ وأن يحترم فيهم شخصياتهم؟ وأن يكتشف مواهبهم وأن ينميها؟ وأن يكون جديرًا بلقب المعلم؟
فالمعلم هو القدوة التي يتأثر بها الطالب خاصة في السن المبكرة، ولهذا كان المعلم في الصفوف الأولى الابتدائية وما قبلها أخطر من غيره، وكان لزامًا على المجتمع أن يدقق في اختيار أفراد هذا المنصب مراعيًا الخلفية النفسية والاجتماعية للمعلم، ومن جانب آخر كان على الأسرة أن تغرس في ابنائها احترام المعلم وتوقيره، وكان عليه هو أن يفعل ما بوسعه ليكون جديرًا بهذا الاحترام والتوقير.
ولقد ظل الوضع على هذا النحو لسنوات عديدة وإن لم تخلو من نماذج سيئة آذت تلك الصورة بشكل أو بآخر، إلا أن ما حدث في الوقت الحالي من تحول دور المعلم إلى مجرد مهنة يتكسب من ورائها، والاهتمام بالجانب المادي لهذا الدور والمظاهر التي ترتبت على ذلك: من انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وتضخمها بشكل كبير ـ كل ذلك عمل على تشويه صورة المعلم بداخل الطلاب خاصة وأن الطالب حين يمد يده بمظروف النقود للمعلم يكون في موقف حرج لكلا الطرفين، وللأسف فكثير من الأسر تضع أبناءها في هذا الموقف الصعب، كما أن المعلم نظرًا لقسوة الحياة، وتعذر المعيشة، ونقص المرتبات أصبح يرتضي لنفسه هذا الوضع ، بل أصبح يطالب بمقابل الدروس الخصوصية ليس من أولياء الأمور؛ ولكن من الطلاب أنفسهم، فانهار حاجز الاحترام والتوقير بين المعلم وطلابه، وأصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة منفعة لا أكثر، وأدى تركيز المعلم على المرتب وعائد الدروس الخصوصية إلى التدهور في مستوى التدريس، كما أدى هذا الضغط النفسي إلى سوء معاملة داخل المدارس والدروس الخصوصية، مما نتج عنه بالضرورة توليد جيل جديد من الطلاب: كارهون للعلم، نافرون منه، منتقصون من قدر ناقلة، مستهترون، محدودوا الآفاق، تسوقهم المادة ولا شيء غيرها.
وفي هذا الجو المشحون بالمادة لازالت هناك بعض النماذج الصالحة التي لازالت تعلي قدر العلم ، وتحترم شرف مهنة التدريس، فهي وإن تحولت إلى مهنة في الوقت الحالي؛ إلا انها بحاجة إلى ميثاق شرف يحكمها ، ويصون أفرادها، ويضمن جيل جديد، نقي، محب للعلم.

سنيورا
نسمه
12 أكتوبر 2008م

خطر

خطـــــــــــــر

ينظر الكثيرون للقوة على اعتبار ان ليس لها إلا الجانب المادي فقط، فقد تكون قوة السلاح أو قوة المال، إلا أن التجارب التي مر بها العالم في السنوات الأخيرة أثبتت أن هناك ما هو أشد من المال أو السلاح، وبرهنت على أن العلم هو القوة العظمى التي تبيني ما غيرها من أوجه القوى وفي مقدمتها القوة البشرية.
فالعلم هو المصباح الذي يخرج الأمم من ظلام الجهل إلى نور الحضارة، وهو السلم الذي يرتقي عليه الإنسان وصولاً الى الروحانية الحقة ، والسلوك السليم ، ولولا هذا الشرف العظيم لما جاء آخر الأديان مؤيدًا للعلم ، مؤكدًا عليه، محرضًا على طلبه والمضي في طريقه، ولولا فضل العلم، وسمو قدره، وعلو شرفه لما قال العزيز في كتابه "إنما يخشى الله من عباده العلماء" ، وكان يقال قديمًا "أدبه فلان" أي علمه، لأن في العلم تهذيب للروح ، وتسوية للسلوك، ولكن القضية اليوم لم تعد محصورة في طلب العلم من عدمه، بل أصبحت قضية ما هو العلم المفروض طلبه؟ وكيف يوظف؟
فلقد تعددت فروع العلم، وبات فيها قسمان كبيران يضمان بداخلهما المئات من الأفرع الصغيرة، فأصبح هناك علم نافع وآخر ضار، وإن كان التصنيف على هذا النحو يبنى في الأساس على طريقة توظيف هذا العلم، فعلوم الذرة والبيلوجيا والكيمياء استخدمت في العهود الأخيرة على نحو مختلف لتخدم أغراض التسليح، وبدأت مسميات الأسلحة النووية، والبيلوجية، والجرثومية، والكيماوية في الظهور والانتشار على مدى واسع، كما استغلت علوم الحاسب ونظم الشبكات لتخدم أغراض التجسس والجريمة: كسرقة البنوك وغيرها، وظهر في العالم وفي قاموس الجرائم ما يعرف بجرائم المعلومات وانتهاك الخصوصية، وبات الخطر كبيرًا جدًا، وأصبح لزامًا علينا أن نحدد اليوم كيف نوظف العلم حتى نبقي على شرفه، وحتى يظل سلم للرقي لا للانحدار الأخلاقي والإنساني.
وليس لنا سبيل إلى ذلك إلا بناء الإنسان روحًا لا جسدًا فقط، والحفاظ على القيم الأخلاقية في ظل تيار المادة الذي يسري في العالم كما تسري النار في الهشيم.

سنيورا
نسمه
12 أكتوبر 2008م

في حب الله

في حب الله

الحب عاطفة سامية منَّ بها الرحمن على عبادة، ويُحار العقل في إيجاد تعريف أو تفسير لهذه العاطفة ، وفي تحديد منبعها، وإن كان الإنسان يعبر عنها بصور عديدة، ويشعر أن منبعها القلب، إلا أن العلم لا يزال عاجزاً عن تحديد مصدر العواطف داخل الإنسان ومن بينها الحب، وإن كنا نؤمن بأن الروح سر من أسرار الخالق التي لم يُطلع عباده عليها حيث قال:" ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ري وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"، وإن كانت الروح سر من أسرار الخالق فليس من العجيب في شيء أن تكون هناك رابطة بين الروح ومنبع العواطف داخل الإنسان.
واياً كان الامر فعاطفة الحب تنشأ نتيجة لسبب ما، أو أنها مبنية على شعور ما، فإذا قيل أنها وليدة الشعور بالتكامل بين شقين يتميزان بالنقص ويكمل كلاً منهما الآخر؛ فإن هذا المعنى قد ينطبق على عاطفة الحب بين الرجل والمرأة كنقيضين في الحياة يكمل كلاً منهما الآخر، وإذا قيل بأنها عاطفة تنشأ عن الشعور بالانتماء بين اثنين ينتمي أحدهما للآخر؛ فقد ينطبق ذلك على عاطفة الحب بين الأم ووليدها أو بين الأبناء والآباء، وإذا نُظر إليها على أنها وليدة الشعور بالراحة والأمان؛ لكان هذا سارياً على الحب الذي ينشا بين الإنسان ومسكنه أو بينه وبين سيارته أو قلمه المفضل.
ولكن ماذا عن عاطفة الحب السامية بين العبد وربه؟ إن هذه العاطفة لها صورتان: حب الخالق لمخلوقه والذي لا نعلم كنهه، حيث قال تعالى:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" فحب الخالق لمخلوقه حقيقة واقعة صورتها مجهولة، وإن كان من مظاهرها الغفران والرحمة وقد يكون أيضاً الإبتلاء.
والصورة الأخرى لحب المعبود لخالقه، وتلك تنبع عن مزيج من المشاعر التي قد تتعارض أو يكمل بعضها بعضاً، فالعبد يخشى خالقه، ويتقرب إليه، ويساله عند الحاجه، ويحمده على النعمة، ويرجوه المغفرة، فهو إذن يشعر بضعفه، هذا الشعور بالضعف يولد الشعور بقوة الخالق وعظمته، وكلا الاثنين يولد الحب الذي يدفع بالمخلوق لطاعة الخالق ومراقبته.

نسمه
senura

من العمر عام

من العمرعام

ويمضي العام تلو العام ، وينقضي من العمر عام، وفي قلوبنا تارة كأنه أعوام، وتارة كأنه لمحات من عام..
وإذا انقضى العام وبات الجديد على الأبواب، إذ يزورنا ملك الشتاء، هو دائماً في كل عام: قاسي الملامح وعابس النظرات، وإذا أقبل علينا بعباءته السوداء هرب الطير من السماء ، وبدا صوت الرياح من بعيد مقبلاً كأنه زئير أسود تقترب، ويتخلل السطح الأزرق غيوم سوداء كأنه الزيت الأسود على صفحة البحر الزرقاء، وإذا ما أوشك العام أن ينتهي يفتح ملك الشتاء عباءته السوداء، فتغيب السماء ولا يبدو من الشمس إلا قليلاً من دفء، ويقترب زئير الأسود وترتجف النوافذ ولا بد من أن توصد الأبواب.
وخلف الأبواب الموصدة، تشتعل النيران تارة في المدفأة ، و تارة في الأفئدة، لازال ملك الشتاء متربعاً على العرش ولا بد من الانتظار، والشوق في القلوب لا يهدأ، فكأنه طائر صغير يرتجف تحت المطر، والعيون خلف النوافذ تنظر على وجل علها تدرك من الحبيب نظرة، أو صوت نافذة ترتعش ، أو ستار يزاح ليترك الفرصة لإصبع يلوح من بعيد ويتوارى في لحظات كي لا تدركه اللآلئ البيضاء.
وتمر الأيام والكل في انتظار أميرة الربيع الحسناء، أميرة الورد والزهر والريحان، أميرة الحب والجمال والأمان، وإذ هي بالأفق مقبلة ترى ملك الشتاء مضطرباً، يا لهذا المهيب يضطرب من فتاة حسناء، وما إن تبلغه حتى يسود الصمت فالحيرة فالترقب والدعاء، فهي تغلب ملك الشتاء بحسنها تارة، ويقسو عليها فتجافيه تارة، حتى إذا يئس منها، وامسكت هي بعصاه، نهض لكي يضرب ضربته الأخيرة، وتعالى زئير الأسود وأدركت حباب اللؤلؤ أن البقاء داخل المحار هو السبيل للخلاص، لم يدرك الملك الحسناء إلا وهي على عرشه جالسة هادئة، فلابد إذاً من الانصراف، وبالحسرة والخسران تصميم على نصر جديد على الحسناء الشاحبة في الخريف.
وحول أميرة الربيع ترى العشاق والأحباب في البساتين والحدائق جلوس، يتهادون بالورود، ويتنشقون الرياحين، ويلمسون الجمال، وتتعالى الضحكات هنا وهناك وكأن الشتاء ما كان.
وإذا حان موعد ملك الصيف ازدادت أميرة الربيع حسناً، ومع حرارة أشواقها تزداد نسمات الليل برودة وعذوبة، وحين يقبل الملك مشرقاً تترك له العرش راضية ليتربع عليه وهي بجواره جالسه، ومع التهاب أشواق ملك الصيف تلتهب أشواق العشاق، ويحلو السمر، وليس أجمل من التغني بالأشعار والعزف على الأوتار، وفي الليل تصل همسات أميرة الربيع نسمات حانية تزيد الليل سحراً وتملأ الفضاء عطراً.
وما إن يرحل ملك الصيف تشحب أميرة الربيع، وتغيب ورود الخدود ، وينطفئ بريق العيون ، فتشحب السماء، وتتساقط أوراق الأشجار من الحزن على الحسناء ، ومن بعيد يقف من يترقب ويتحين الفرصة، ويقبل بعصاة ، وإذا رأته أميرة الخريف انطلقت صرحاتها فزعة ترج الأجواء، وتهرب مسرعة فهي ولا شك القاضية ، ويصل ملك الشتاء إلى العرش، وتغيب السماء، ويتعالى زئير الأسود، وترتجف النوافذ، ولابد من أن توصد الأبواب.

نسمه (سنيورا)
15 ديسمبر 2007م

لسنا في الهوى اثنان

لسنا في الهوى اثنان

التقينا منذ سنين ، تعاهدنا على الحب وكم شقى بيننا الحنين ، كتبنا في الهوى ما لو رآه غيرنا لعدوه ضربًا من الجنون ، وظننا أننا قد أصبحنا كيانًا واحدًا حتى جاء يوم الودق، وأحاط بنا معطفك، يقيني من البرد وحبات المطر، يومها تقاربنا ، وظننا أننا بلغنا أعلى درجات العشق، وأننا لم نكن قبل سوى اثنين، حتى سقطت يومًا من هاوية الحياة، وبت أناشدهم بضع قطرات حمراء، فمددت إلي يدك، أن انزعوا مني نبض الحياة لتحيا ماشاء الله لها من أيام، يومها عرفنا أننا قد امتزجنا ، وأن دماءنا أصبحت شيئًا واحدًا، ولم نعد في الحياة اثنين، ولم نعد كيانًا واحدًا، لأننا أصبحنا روحًا لا روحين.
منذ ذلك الحين وأنا اراك في كل مكان، أنظرك في الفجر ، فهو مبيض بصفاء روحك، ألمس مشاعرك في حرارة شمس النهار، أنعم بهدوء نفسك في ظلمة الليل، وأظل ساهرة بقربك في ضوء القمر، أقص أجمل الحكايات، أروي لك عن الأميرة الحسناء والأمير الشجاع، لم نعد بحاجة لقصائد الحب والهوى، ولم نعد نكتب أسماءنا على أوراق الشجر، ولم نعد ننظر للبحر كلوحة من الرومانسية صنعتها يد المبدع الأعظيم، لم نعد بحاجة لأن نهرب من أعين الناس، نخشى على حبنا من نظراتهم المستغربة، فلم يعد حبنا يظهر لأحد، اختفى من على سطح الماء وغاص كثيرًا في الأعماق، لقد رسخ في نفسك ونفسي، دفن حيث لا يصل إليه أحد ، فلا نظراتهم تجدي، ولا كلماتهم تجدي، ولا كذباتهم تجدي، فقد سما فينا الحب حتى عن الكلام.
واليوم نذكر أننا منذ سنوات التقينا وظننا أننا بلغنا من العشق منتهاه، فلنضحك على مافات ، لقد كنا صغارًا لم نتعلم في مدرسة الحب سوى أحرف الهجاء، واليوم نحن نعلم صغار الشباب كيف يكون الحب بين روحين لم يعودا اثنيين.


نسمه (سنيورا)
21 نوفمبر 2008 م

قصر الرومانسية

قصـــــــــــــر الــــــــرومانسية

"سيدة القصر" هكذا أنا هنا منذ سنين، منذ أن نبض بداخلي قلب الفتاة وزارتني الأنوثة، وولت عني تلك الطفلة الساذجة، وإن تركت في عالمي أشياء كثيرة لا تنسى، ورسمت بطباشيرها على ذاك القلب الفتي أجمل ملامح الحياة، رسمت السعادة، والبراءة، لكن قلب الشابة ليس كقلب الطفلة، ومنذ أن نبض هذا القلب وعرف الحياة لم يرى سوى جدران هذا القصر، ولم أعرف نفسي سوى "سيدة القصر" أقضي أيامي وليالي بين الجدران، أرقب العالم من النافذة، أنظر إلى الناس، وكثيراً ما أحدثهم ويجيبونني، وقد تتلامس أيدينا ولكن.. ولكن لا أملك الخروج لهم، فلا أعرف أين مفتاح القصر ولا هم يعرفون.
وإذا ما أظلني الليل ، ونام الناس، ولم يبقى سوى ضوء القمر تراني أصعد طوابق قصري وأدلف إلى غرفة واحدة تلو الأخرى، جميع الغرف خالية لا أحد هنا ، والقصر على حالة منذ عشرة أعوام، ووسط هذا السكون أشعر باللذة ساعات وبالوحدة أيام وليالٍِ طوال، والوحدة قاتلة، تحرق النفس، وتميت المشاعر، وتعصف بالقلب فتحيله قلباً جليدياً لا ينبض، ولكن نار وحدتي تختلف، إنها تزيد النفس سمواً، والمشاعر التهاباً، والقلب دفئاً، حتى إذا بلغ الأمل ذروته، وتألق القصر بلهيب الشوق ، وبات سيد القصر على بعد أمتار ـ انطفأت الشموع، وخيمت الظلمة، وبلغ اليأس غايته، فلا سيد القصر يصل، ولا أبواب القصر تفتح، ولا مفر من انتظار الصباح.
"سيدة القصر" تحيا في قصر دون القصور، قصر لا هو من حجارة ولا من ذهب، قصر ليس له عنوان، قصر لا يبصره الناس، وإن مروا بجواره فهو عنهم مستتر، "سيدة القصر" تحاكي الناس وتعيش بينهم ولكنها سيدة قصر صنعه الفكر، وختمت عليه النفس بأنه "قصر الرومانسية" ، ويا أيها الرابض بين الضلوع اسكن هذا القصر فليس لك سواه، فانت إن خرجت للناس فأنت بلا شك مهزوم ، بل أنت منسي بلا اسم وبلا عنوان، فآثر الوحدة بين جدران ذاك القصر.
و"سيدة القصر" إذا ما مسها الحزن يوماً، أو زارها الفرح أغلقت النوافذ، وتركت الناس، وتفقدت غرف القصر علَّها تجد فيها ما تتوق إليه منذ أعوام، علها تجد الرومانسية المفقودة بين الناس والتي لا مكان لها اليوم سوى في قلوب القليل القليل، تلك الرومانسية التي يتغنى بها الشباب ، والتي تسعى الفتيات إلى بلوغها يوماً ، وهم يرونها كلمات يخطها القلم على ورقة بيضاء، أو هي وردة حمراء تتبادلها الأنامل يوم العيد، أو ألحان عذبة بتغنى بها الشعراء، و تراها سيدة القصر شيئاً آخر، إنها تلك الرابطة بين قلبين ، إنها ما يجعل أحد اثنين ليس بحاجة إلى أن يبكي أو يتحدث، فقط تكفيه نظرة للآخر ليدرك أن ما جاش به أحد القلبين قد مس الآخر، إنها ما يجعل الحبيب قادراً على أن يمسح عبرات خفية لم تلتمع بها مقلتي عيني محبوبته، لا بأنامله ولكن بنظرته، بمس الأنامل، ببسمة شفاة، إنها تلك القوة الخارقة التي تنبئ الحبيبة بقرب محبوبها وبحاجته إليها،إنها ما يجعل الوردة أكثر روعة وبهاءً من باقة الورود، إنها ما يجعل القمر وضاءً باسماً، إنها تلك الرابطة التي تدفع باثنين لأن يتحدثا بغير كلام، إنها القدرة على تجسيد الحب وليس الحب،القدرة على الحفاظ على الحب نهر جارِ متدفق على مر السنين.


نسمه
سنيورا

أختاه

أختــــــــــــــــــــــــاه

أختاه،
اليوم أعرف معنى الاشتياق وما عرفته من قبل، أو كأن ما مر بي في هذه الحياة رماد نثرته الرياح من حولي ، فلم يعد في ذاكرتي من آثارها شيء، واليوم انا لست هنا، بل أنتي لم تعودي هنا بقربي، لا أدري ما ذا حدث، ولكن أذكر ذاك الحلم المشترك..
أختاه، اليوم أنظر إليكِ ولكن لا تبصرني عيناكِ، أحاول أن أنفذ إلى قلبك فلا أستطيع، لقد أوصدت أبوابه، ولم يعد كما كان، في الماضي كنت أراه، وأرى صورتي تنعكس في عينيكِ، واليوم غابت صورتي من مرآتكِ التي قد اتشحت بالسواد، فقط سواد وصورتي لا تتلاشى لأنها ليست هناك.. أحاول أن أنظر علِّي أرى أعماق قلبك كما كنت أراها منذ سنوات، فلا أرى سوى بصيص من نور والأبواب مغلقة، لا أدري أفقدت مفتاح تلك الأبواب أم أنكِ غيرتي الأقفال؟ أم هو الحزن قرب بين ضلفتي الباب ولم يمنح الفرصة سوى لذاك البصيص الضعيف الذي لا يدل إلا على أنكِ لازلتِ على قيد الحياة، إني أراه نوراً تتخلله الحمرة، بل هي تكسوه حتى بات كالدم أو هو لهيب النيران، لا يا أختي لا تحزني علي، ولا تذرف عينيكِ دمعة، فما أنا ببعيدة، أنا هنا من حولكِ، ألا تشعرين بيدي تمس كتفك؟ ألا تري عيناي تنظر إليكِ؟ وروحي ألم تعد تصاحبكِ في ذهابكِ وإيابك؟
لا يا أختي أنا لم أنسى ما كان بيننا، لازلت هنا بقربك، أراكِ ولا تبصريني، أسمعك وأحدثك ولا تجيبيني، أرى عبراتك تحرق الوجنة الصفراء فينغرس الخنجر في صدري ولا أملك أن أمسح عبراتك كما كنت أفعل، أسير إليكِ وأراكِ تقتربين من طاولتي، تمسكين أقلامي، تداعبين أوراقي، ولكنكِ لا تبلغي مكاني، نعم يا أختي لم أنسى أمنيتنا الوحيدة التي تمنيناها طويلاً ولم تتحقق، أنا هنا الآن وحدي، وقد كنا منذ أعوام نخاف لحظة الفراق، ولكن أبى القدر إلا أن نفترق، وكما مزج الله قلبينا في رحم أمي مزج روحينا ولو فرقتنا العوالم ، ولو كان بيننا خيط الحياة، اليوم بل لا أقول اليوم ولا الأمس ولا اللحظة، فما عاد في عالمي للزمن معنى، ولكن أقول: أختاه أسألك بالله أن تنسي تلك الأمنية، وابتسمي للحياة ، وانظريني في أحلامك، وعلى صفحات كتابك ، وعلى فراشك ، وبجوارك على مائدة طعامك..
انظريني فما أنا ببعيدة بل إلى روحكِ قريبة ، وإني لأسكن في أعماقكِ ، وفي أحلامكِ ، وفي عالم ذكرياتكِ.

نسمة
senura
10 سبتمبر 2007م

أحزاني لن تمحيها السنون

أحزاني لن تمحيها السنون

لازلت أذكر مقهانا القديم، لازلت أذكر مجلسنا ونحن نرتشف القهوة ونتبادل قطع السكر، تلقيها في قدحي والقيها لديك، لازلت أذكر نظرتي إليها وهي تذوب في هذا السائل المر المذاق لتكسوه طعماً جديداً، وتزيد في حلاه، لازلت أذكر كيف كان قلبي يذوب مع ذوبانها، يذوب مع عذوبة المشاعر وسحر المكان، ومع صوت دقات قلوبنا.
واليوم أنا هنا في ذاك المقهى القديم، أرتشف قهوتي وحدي، وأمامي مقعد فارغ كنت ملكه يوماً،أمد يدي وأتناول قطع السكر، قطعة قطعة، تذوب قطعي في قدحي ولا أشعر بها، فالقهوة لا تزال مرة المذاق، وانظر إليها وهي تذوب، فأشعر أنها مثلي تذوب في سائل حار كما أذوب انا اليوم في حمم مشاعر ملتهبة أوقدتها السنون، لا أسمع سوى دقات قلبي وحدها تتحدث، لا.. بل إنها تئن، أسمع أنينها ولا أجيبها سوى بدموع صامته تنبع من داخلي وتذرف داخلي، لا تكاد تبصرها في عيني، فهي سجينة هذا القلب الذي تربي بين يديك، وعرف فيك الحب والحنان، وعرف فيك القوة والصبر، فلا أستطيع أن أذرف دموعي ، ولا هي تقوى على أن تسيل على وجنتي ، كي لا أغترب عنك.
علمتني القوة في الأحزان، علمتني الأمل عندما تخيم علينا ظلمة اليأس، علمتني ألا أصرخ، وألا ابكي، وألا أنهار، دموعي لا يراها سواي، وأنيني لا يسمعه سواي، وألمي لا يشعر به سوى قلمي الذي يكتب، وما تعلم قلمي الركض على الأوراق إلا معك، كنت أعشق القراءة ولكني لم أكتب يوماً، ولكن في مقهانا القديم كتبت لأول مرة، نعم كتبت لأول مرة، لم يتبختر قلمي على الأوراق ، ولم يتثاقل، ولكن ركض عليها، تحررت مشاعري من أسر الصمت والوحدة وانطلقت، دفعت قلمي ليكتب، خط معك أحلى الكلمات، علمتني كيف أصادق الأوراق، واليوم أنا اكتب ولكن..
أكتب بدونك، أخط وحدي أقسى الكلمات، ما عدت أرى الشمس في الصباح، ولا ضوء القمر في المساء، هجرتني النجوم، وحتى الربيع ما عاد يزورني كل عام، ونحن في الماضي كنا نستقبله معاً بعد الشتاء، كنا نتبسم للندى وللزهور وللريحان، نعم كنا وكنا وكنا وما عدت اليوم أقول سوى أنا، نعم أنا، أصبحت وحدي في عالم مزدحم بالإنسان، هنا أناس يتحدثون، وهناك أطفال يلعبون، وعلى المنضدة القريبة قلبان يتهامسان، وأنا وحدي في هذا العالم، أراهم وما أكاد أراهم، أسمع ضحكات عذبة وهمسات حانية ولا أكاد أحس بها، في الماضي كنا نغني معاً أعذب الألحان، في الماضي كنا نسمع أعذب الضحكات ، كانت ضحكاتنا وهمساتنا وتبسماتنا تملأ عالمي المزدحم المهجور، ولكن ذكرياتنا نهر يتدفق بداخلي ، ينعش قلبي الذي بات الموت إليه أقرب من الحياة، يحثه على البقاء، وما عاد للبقاء معنى ، ولكن هي أحزاني ، هي ذكرياتي ، هي رفيقي في هذه الحياة إلى ..
إلى أن نلتقي في عالم آخر حيث أنت منذ سنين.


نسمه (senura)

سماح والوجه الآخر للحياة

سماح والوجه الآخر للحياة
قصة واقعية

يقولون للحياة وجوه كثيرة، ونقول بأننا نرى من هذه الوجوه الكثير والكثير، نرى وجوهاً بيضاء مشرقه تفيض بالأمل، ونرى وجوهاً مسودة ،كئيبة،مظلمة، نقول بأننا نرى مَن في ترف الحياة يعيش، يتلذذ بالنعم والأموال، وبحدائق غناء على مرمى البصر، وبسيارات فارهة وقصور شامخة يزين حياته الفارغة، ونرى مَن على شفا الحياة يعيش، يوشك أن يسقط في الهاوية، بالكاد يجد قوت يومه، وهو في كثير من الحالات ناقم على الحياة من حوله، ينظر إلى شروق الشمس على انه بداية لعذاب جديد، أو انه موت لأمل بعيد قد بات من شدة الفقر كثوب مهترئ مهلهل تزدريه العين، وينظر إليه الناظر ويتعجب، كيف لهذا الثوب أن يصبح يوماً ثوب عيد جديد!

ولكن هل رأيت يوماً فقير يرى فقره جنة ينعم فيها بفتات بسيط؟
وأقول لك بقلم صادق بأني قد رأيت الوجه الآخر للحياة مع هذا الفقير ، ففي مكان ما من طور سيناء زرت بيتاً صغيراً بالكاد يقف بقلب مزرعة لا هي بالمزهرة ولا بالمثمرة، مزرعة لازلت في أوائل أطوارها، ووسط الأراضي الصفراء المخللة بالخضرة يقف ذلك البيت كعجوز يتشبث بعصاه ويرتكن إليها علَّها تقيه من السقوط على الرمال الملتهبة تحت آشعة الشمس، ومع اشتداد الريح في الخارج ، ومع تطاير الرمال، كان البيت مفتوح الباب ، تهتز نوافده مع هبات الرياح، وفي وسط اللوحة الثائرة كان بداخل البيت امرأة وطفلان، كان الفقر واضحاً في مظهر أهل الدار ، ملابس بسيطة، وأقدام حفاه، ومشبك شعر قديم يزين شعر الطفلة سماح، ومع بساطة الدار كانت الأسرة تعيش في سعادة حرم منها سادة الديار ، كان المنزل صغيراً جداً ، فقط غرفتان ، وكان الأب غائباً في عملة، والأم تنتظره بحب وتعد لقدومه ما تطله يداها بحنان، والطفلان يلعبان بكرة زجاجية صغيرة ، فتارة يلقيها الأخ لأخته، وتارة تلقيها سماح، وتارة أخرى تهرب الكرة لتختفي في ركن الحجرة أسفل الفراش فيركض وراءها الطفل ــ في ملعب صغير لا يقبل به ابن العمدة ولا ابن السلطان ــ ويتتبع أثرها حتى يشرق وجهه بابتسامة بريئة تزيين ثغره وهو ممسك بها كأنها الكنز الذي تلقاه بعد طول مشاق.
وبحب الحياة تنظر الأم إلي وتبتسم وتروي عن زوجها القصص والروايات وكأنه الفارس الذي تحلم به الأميرة الحسناء، وتصف الحب الفياض الذي يسري كنهر عذب بين قلبين جمعهما ذاك البيت الصغير وضم بينهما طفلان، وبالكرم الحاتمي البسيط تقدم لي ما طالته يداها: كوب من الشاي وبرتقاله أكاد أقول بأنها أغلى ما لديها، فالترحاب والبساطة الممزوجة بالسعادة تشف عن فرحتها بتقديم أنفس ما لديها من مأكل وشراب، وتنظر إلى سماح وتروي لي، تحدثني عن الأب الكادح ، وتقول بفرحة طفل ملك الدنيا بيديه وباتت أحلامه حقيقه، تحدثني عن مشبك شعر بسيط اشتراها لها والدها وتحمله على أصبعيها وتريني إياه، ياله من مشبك صغير وبسيط! إننا لا نكاد نعره اهتماماً بل لا ننظر إليه، وهو في تلك اللحظة سر سعادة عميقة وشعوراً بالغنى الفقير.
ويتفاخرون بالجاه والأموال وذاك الطفل يفخر بجده العجوز البسيط ويقول " جدي حداه بجره كبير ( جدي يملك بقرة كبيرة ) " هذا هو سر غنى الجد الفقير، مجرد بقرة كبيرة تمنحه قوت يومه، وتحرث له الأرض، وقد تدير له الساقية إن امتلك ذاك الفقير ساقية، وإذا ما انتشل الموت بقرة الجد فيالها من كارثة، كنز الجد مرهون ببقرة إن تنفست الهواء اليوم فقد لا تدركه غداً، والطفل مع ذلك سعيد بجده يفخر به.
تملكني شعورغريب يوم رأيت ذاك البيت وتلك الأسرة الصغيرة ، زوج وزوجة وطفلان يحيون بعيداً عن المدنية، لا تسمع بينهم صوت مذياع ولا تلفاز، ولا تجد صحيفة هنا أو هناك، بل أثاث بسيط وفرن قديم خارج البيت تصنع عليه الأم كل صباح قوتها وقوت أبنائها من الخبز.
هذا هو الوجه الآخر للحياة، ذاك الوجه الذي لا نراه ولا يبلغه خيالنا، أناس إذا ما نزلوا المدينة وعايشوا أهلها فقد يصدمون، أناس سعداء بحياتهم ، فقراء لا يدركون فقرهم، يشعرون بأنهم أغنياء فهم لم يروا من هم الأغنياء حقاً، هم أعنياء بعواطفهم ومشاعرهم وترابطهم ، ونحن منهم فقراء، نشكوا مسكناً ضيقاً ونريد حياة أفضل، نملك المال ونريد ما هو أكثر ، يلهو أطفالنا بالدمى والعرائس ويبكون ويطالبون بألعاب أفضل.
نعم نحن فقراء بمشاعرنا وبالغيوم التي تلبد سماء نفوسنا وهم بفقرهم للمال أغنياء، هذاهو الوجه الآخر للحياة ، وهذه هي سماح الفتاة الفقيرة الحالمة، المرحة، الباسمة.


نسمه
4 فبراير 2007

لا تيتموهم وأنتم أحياء

لا تيتموهم وأنتم أحياء

ما هو اليتم؟ ومن هو اليتيم؟ هل اليتيم هو من فقد والديه أوأحدهما فقط؟ هذا ما ينفيه الواقع، وهذا ما يجب أن يدركه كل أب وكل أم.
فاليتم في حياة الأبوين أقسى وأشد مرارة من اليتم بفقدهما، واليتم بحياة الأبوين يتم نفسي ، فراق طويل الأمد، ومسافات شاسعة تفصل بين الأبوين وأولادهما، وأبناء يعيشون بمرارة الأيتام ولهم في الدنيا أب وأم يتنفسان هواء الحياة، ربمأ لا تعلمون قدر الألم الذي يقاسيه هؤلاء الأيتام و من حولهم أيناء بقرب آبائهم بنعمون، فلا المال يغني، ولا الرفقة تغني ، ولا الاتصالات اللاسلكية تغني، وإنما هم بحاجة إلى أب يملأ فراغ البيت، وأم تسكب حنانها في كل ركن ، هم بحاجة لقول أبي وأمي بقوة أمام الآخرين، هم بحاجة لأب يحل المشكلات عن قرب، هم بحاجة لام تحتضن بالفعل لا بالكلمات، هم بحاجة إلى صوت أب ينادي في البيت لا لجرس هاتف نقال، هم بحاجة للمسة أم في ليل المرض لا لرسالة صماء، هم بحاجة لوجبة بسيطة على طاولة تلتف حولها أسرة كاملة ، هم بحاجة لدفء الأبوين وهم أحياء قبل ان تلفهم برودة الحياة وهم أموات.
فلا تيتموا أبناءكم وأنتم أحياء، ولا تعجلوا المصير وتستبقوا الأقدار، وحياتكم نعمة وهبة من الله امنحوها لهم.


نسمه (سنيورا)
9 يناير 2009م

فـــــــارس الأحـــــــــــلام

فـــــــارس الأحـــــــــــلام

بداخل كل منا صورة خيالية عن شخص آخر يحمل مزيج من الصفات ، وله ملامح بعضها واضحة ومحددة ، وبعضها مجهولة ومبهمة، وهذه الصورة تتكون بداخل المرأة كما تتكون بداخل الرجل، وما هي إلا صورة للشق الآخر الذي يحقق أعلى درجة يمكن أن يبلغها المخلوق من الكمال، وهو ليس كمالاً مطلقاً فالكمال المطلق يكون للخالق لا للمخلوق، وما يمكن أن يبلغه المخلوق هو كمال نسبي فقط، وترتفع نسبة الكمال إذا ما اشترك في تحقيقها شقان وليس شقاً واحداً، فالفرد الواحد يعاني من الكثير من جوانب النقص، وفي حال اجتماعة بآخر يعاني من نقص في جوانب أخرى تتحقق درجة من درجات الكمال، حيث ينساب الكمال في جوانب معينة من أحدها إلى جوانب النقص في الآخر فيتحقق التوازن، وتتم تلك العملية على نفس النحو الذي تحدث به ظاهرة الرياح حيث ينتقل الهواء من أماكن الضغط المرتفع إلى أماكن الضغط المنخفض، أو كما يحدث الانتقال الحراري من جسم ساخن إلى آخر بارد، فالظاهرة واحدة وتنشأ بسبب الاختلال.
ويمكن ملاحظة هذا الكمال النسبي في الأصداقاء من جنس واحد، لكن في حال الاختلاف بين الجنسين يبدأ الأمر يحظى بملامح جديدة، وتبدأ صورة خيالية تنشأ بداخل العقل، وهذه الصورة تكون أكثر شاعرية لدى المرأة ولنقل الفتاة على وجه الدقة والتحديد، فالفتاة وفي سن مبكرة جداً تبدأ بدراسة نفسها بطريقة غير واعية، ويستطيع العقل الباطن من خلال هذه العملية رصد أوجه النقص والكمال في تلك الشخصية، ومن ثم يبدأ بتكوين صورة ذهنية لشخصية أخرى من الجنس الآخر تحمل جوانب الكمال التي يمكن أن تملأ جوانب النقص لدى هذه الشخصية، وتنتقل هذه الصورة إلى العقل الواعي، وتبدأ مع نضوج الأنوثة بالتحول إلى صورة شاعرية وخيالية أكثر مما بنبغي، وتقترب هذه الصورة من أطر الرومانسية التي تختلف في معناها من فتاة إلى أخرى، وقد تظهر هذه الصورة في أحلام الفتاة، وقد تبحث هي عنها في الروايات أو في الواقع ذاته، وغالباً ما تصاب الفتاة بالصدمة عندما تقترب من شخص يحمل معظم هذه الصفات وليس جميعها، والصدمة واقعة لا محالة، لأن توفر كافة الصفات معناه تحقيق الكمال التام بالتلاقي وهو ما لا يمكن تحققه مع المخلوق.
ومع أن صورة فارس الأحلام تتأثر وبالدرجة الأولى بالفتاة ذاتها وتركيبها الداخلي، إلا أنها أيضاً تتأثر بالعصر وبالثقافة السائدة فيه، وكذلك بالظروف الاجتماعية التي تعايشها الفتاة، وكلمة "فارس الأحلام" في حد ذاتها متأثرة بالعصر القديم حيث الفروسية وحيث تنبهر الفتاة بالفارس القوي الذي يأتيها على صهوة حصانه الأبيض ويخلصها من الأعداء، ويبدو من هذه الصورة التأثير القوي للعصر القديم حيث كانت الحروب والفروسية، وفي العصر الحاضر يندر بل يكاد يستحيل أن تتكون لدى الفتاة صورة مماثلة لذلك نظراً لاختلاف العصور، وعلى أي حال فإن صورة فارس الأحلام هي صورة شاعرية رومانسية خيالية تسعد معها الفتاة في أحلامها وفي خيالها وفي كتاباتها، ولكن هذه الصورة قد تتحول في بعض الأحيان إلى قيد على الفتاة قد يدمر حياتها، والأمر متروك للأقدار وللظروف وإلى القدرة على تحكيم العقل وتحقيق التوازن بين العقل والعواطف.


نسمه (سنيورا)
27 فبراير 2008م
العمـــــر والأحــــزان

أدخلني حبك سيدتي مدن الأحزان..
وأنا من قبلك لم أدخل مدن الأحزان..
لم أعرف أبداً أن الدمع هو الإنسان..
أن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان..
هذا ما قاله نزار قباني في قصيدة طويلة بعنوان" قصيدة الأحزان" ولكن..
هل حقيقة أن الدمع هو الإنسان؟ وأن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان؟ وهل العمر ليس إلا أحزان؟ وأين السعادة في حياة الإنسان؟ وهل كان الحب يوماً طريقاً إلى مدن الأحزان؟
تساؤلات تدور ويبقى الجواب حائراً، والحقيقة التي يسلم بها الجميع هي أن العمر هو إحساس وشعور، وليس أيام وساعات، ولم تكن أعمارنا يوماً مجرد أرقام، والشاب قد يحيا عشرين سنه على الأوراق وفي الواقع هو كهل ناهز الستين أو السبعين، والعجوز قد يحيا عقوداً على الأوراق وهو في واقعه لم يحيا سوى بضع سنوات، فكيف يحسب العمر وكيف نشعر به، ومتى يأتي الشباب؟ ومتى نصبح كهولاً؟
نحن نسير في الحياة ونعايش الأحزان والأفراح، وقد يمر اليوم بأحزانه كما لو كان أعوام، وكأن الإنسان فيه يسير ألف عام يجر أحمالاً لا يقوى عليها إنسان، يلهث من التعب والإعياء ولا يصل إلى غايته وكأن اليوم لا ينتهي ، وكأن الليل ما كان، وتمر أيام كلمح البصر، تفيض فيها القلوب بالفرحة ،وتتعالى الضحكات، فأيهما أطول: أيام الحزن أم أيام الفرح؟ إنها لاشك أيام الحزن الثقال، ولهذا يحسب العمر بالأحزان لا بالأفراح فالوزن النسبي للأحزان أكبر وأكبر، والحزن يحفر ملامحه على وجه الإنسان، ويدمي القلب، ويزيد العمر أضعاف وأضعاف، فالشاب اليتيم الذي عمل في سن الطفولة ليجد قوت يومه هو في داخله رجل تجاوز الأربعين بأحزانه وهمومه، والكهل الذي ولد لأسرة ثرية وتربي في أحضان القصور ورزق زوجة جميلة مثالية وأطفالاً أصحاء، وعاش حتى عايش أحفاده من حوله يلعبون ـ هو في حقيقته شاب ذو ذهن صاف ونفس مشرقة.
والحزن كالمعلم القاسي النبرات، يملي دروسه على الإنسان، فاحذر الغدر واحذر الفراق، واحذر صديق قد خان ، واحذر أن تحب حتى يأتي الموت بسلطانه ليواري العزيز التراب، ولا تفرح كثيراً فبعد الأفراح تتوالى الأحزان، ولا تصادق كثيراً فخير الأصدقاء ما قل وصان، ولا تقل دمت في فرح ونعمة فأنت لا تدري ما يكون في المساء.
والحب إذا دخل القلب أسعدة ساعات، وإذا دام في القلب قاده إلى مدن الأحزان: الشوق إلى الحبيب .. فراق الحبيب .. غدر الحبيب .. أو حمل على الظهر مربوط بوثاق الحب والأنفاس من ثقل الأحمال متقطعة، ولا اللسان يشكو، ولا للعين أن تدمع من الألم ، وإذا أحببت يوماً وأنت فقير لا تملك قوت يومك، فكم خنجر ينغرس في القلب من القهر والحرمان ، فلا أنت تهادي الحبيب، ولا بيدك انقاذه إذا تألم وطلب الدواء، ولا انت تملك له أبسط سبل السعادة إلا إذا رزقت حبيباً القناعة عنوانه في الحياة.


نسمه (سنيورا)
11 مارس 2008م

اتبعني على Facebook