الخميس، 3 سبتمبر 2009

في مواجهة التكنولوجيا

هذا الموضوع هو أحد الملفات التي أعددتها لتحمل رأيي الشخصي في العديد من الموضوعات .. ربما خالف هذا الرأي البعض ولكن لا بأس من الخلاف ، فقد يفتح مجلات أوسع للتفكير.. وربما أقتنعت أنت بما أقول .. على كل حال أنا أتحدث وأنقل إليك ما لدي وانتظر رأيك حتى لو كان مخالفًا لرأيي .. فيكفي أن تعرني من وقتك القليل لمزيد من الحوار البناء..

في مواجهة التكنولوجيا

من الضروري جدًا أن نسلم بالحقائق ، ولهذا كان علينا أن نسلم بالواقع الذي نعيشه لأنه أصبح حقيقة لابد أن نعيها جيدًا لكي نتعايش معها على نحو صحيح وبدون مشكلات، والواقع أننا اليوم نعيش في عالم يختلف كثيرًا عن الماضي، فالتطور الهائل والمتسارع في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات الذي شهدته العقود الأخيرة غير كثيرًا من مظاهر الحياة وأنماطها، فانتشرت أجهزة الكومبويتر على نحو مذهل حتى داخل بلادنا العربية، وتعددت داخل البيت الواحد، وفي كثير من الأحيان اصبح لكل فرد جهاز خاص به كما كان في الماضي لكل فرد مفكرته الشخصية التي لا يجوز لغيره لستخدامها،تطورت شبكات الكومبيوتر أيضًا وبرزت الإنترنت كأقوى شبكة موجوده، وأصبحت الإنترنت مصدر ثري بالمعلومات المتنوعة بأكثر مما نتصور بكثير، شهدت أجهزة الاتصال أيضًا من هواتف تطورًا غير مسبوق، فصغرت أحجامها وتضخمت امكانياتها من الاتصال بشبكة الإنترنت والأقمار الصناعية، حتى أصبح من الممكن أن تعرف مكان شخص ما من خلال رقم هاتفه والقمر الصناعي الذي يلتقطه، ظهر الإندماج أيضًا في التكنولوجيا الحديثة ، فأصبح الكومبيوتر يحل محل التلفزيون والكاسيت ، وبات الهاتف المحمول بمثابة هاتف وكاميرا متفوقة وكاسيت بسماعات نقية.

ومن ناحية أخرى ذابت الحواجر والحدود مع استخدام الأقمار الصناعية التي مكنت من نقل المشاهد والأحداث من كل مكان إلى كل مكان في العالم وبفارق زمني يكاد لا يذكر، وبالطبع سمح ذلك لإنفتاح الشعوب على بعضها البعض وتبادل الثقافات فيما بينها على نحو واسع، ولعبت شبكة الإنترنت بصفة خاصة دورًا هائلاً في هذا المجال، فكل متصلوا الشبكة هم فئة واحدة بغض النظر عن أماكن تواجدهم، وما يميز بينهم هو الثقافة واللغة لا أكثر.

وبالطبع في ظل هذا الوضع ظهرت أنماط جديدة للحياة يمكن ملاحظتها بوضوح على أفراد الجيل الجديد الذي نشأ وشب وترعرع في أحضان التكنولوجيا الجديدة، واستطاع معايشتها والتكيف معها بسهولة، حتى بات استخدامها امرًا مألوفًا في حياته، فهؤلاء قد يفضلون تدوين الملاحظات والتنبيهات والمعلومات السريعة على أجهزة الكومبويتر مباشرة أو الهاتف المحمول بدلاً من استخدام الورقة والقلم، في حين يرى أفراد الجيل السابق أن هذا الأمر مرهق وأن الأسرع والأسهل هو اتباع الطريقة التقليدية، في حين أن الأمر في حقيقته لا يعدو أن يكون بضع ضغطات على الماوس المتصل بالكومبويتر الذي يعمل طيلة اليوم بلا انقطاع، هذه صورة بسيطة جدًا للاختلاف في نمط التفكير بين جيلين أصبحت التكنولجيا هي الفارق بينهما.

ومن هنا كان التطور التكنولوجي وما تبعه من تطور فكري وثقافي سببًا في اتساع فجوة الأجيال دون وعي من الأطراف التي كان عليها أن تحاول تضييق تلك الفجوة، وبالتأكيد أثر ذلك على عملية التربية داخل المنزل، واحتدم الصراع بشكل كبير بين الآباء والأبناء سواء كانوا أطفالاً أم شبابًا، وادعى الكثيرون فقدهم للسيطرة على أبنائهم، وآخرون تولدت لديهم مخاوف كبيرة من احتكاك أبناؤهم بهذا العالم على اتساعه واستخدامهم للتكنولوجيا المعاصرة، والكثير والكثير.

نظرة عادلة


وبما أننا متفقون على ضرورة التسليم بالواقع فعلينا أن ننظر إليه نظرة أكثر جدية وتطورًا، فالواقع الجديد ليس سيئًا للدرجة التي يراه بها الكثيرون، وكل مافي الأمر أنهم ينظرون إليه بحكم العادة والتقاليد فقط، لكن النظرة العادلة يجب أن تكون أكثر مرونة، فقيم الجديد في ضوء حقيقته وليس ما ترغب فيه أنت، فالتكنولجيا الحديثة ساعدت على انجاز الكثير من الأعمال، وكان لها دور فعال في الحصول على المعلومات بسرعة وسهولة، أجهزة الكومبيوتر وشبكة الإنترنت زادت من عمليات التفاعل بين الأفراد ومكنت ذوي الأهتمامات الخاصة من اشباع اهتماماتهم مع جماعات تشاركهم في ذلك، سبل الاتصال الحديثة ساعدت الآباء على الاطمئنان على أبنائهم أينما كانوا، وخففت كثيرًا من آلام الفراق والبعد التي كان يعاني منها كثير من الأسر في الماضي، وزادت الصلات بين الأقارب ولو كانوا في دول مختلفة، وكان لها أيضًا دور في التعاملات المالية، فسهلت عمليات الدفع والشراء عن بعد، أجهزة الكومبيوتر مكنت الأفراد من الاحتفاظ بكم هائل من الصور والملفات مع صعوبة فقدها، كما وفرت امكانيات جديدة للتعليم داخل المنزل، الهواتف المحمولة المزودة بالكاميرات جعلت التحرك أكثر سهولة مع وجود كاميرا دائمًا في الإحتياط لتسجيل اللقطات الهامة وتصوير الحوادث أو على الأقل الحصول على بعض الشواهد والبراهين في المواقف المخختلفة، الأقمار الصناعية مكنت من متابعة الأحداث في كل مكان في العالم في زمن حدوثها وقضت على العزلة كثيرًا ونشرت الوعي بين الأفراد،، وهناك الكثير من المزايا التي لا يوجد مجال لذكرها هنا.

ومؤكد أن هذه التكنولوجيا كان لها الكثير من السلبيات في مقابل إيجابياتها، فلقد زادت من المخاطر الصحية على الأفراد المحتكين بها على نحو دائم، استخدام أجهزة الكومبيوتر لفترات طويلة يسبب آلام الظهر ويؤثر على أعصاب اليد والأصابع، كذلك الاشعاعات المنطلقة من كافة الأجهزة الحديثة وخاصة شاشات الكومبويتر والهواتف المحمولة لها تاثيرها السيء على الصحة، من ناحية أخرى أدى هذا التطور إلى فقد الأمان، فكما يمكن استخدام الكومبيوتر لتخزين الصور والملفات الشخصية، يمكن أيضًا من خلال الكومبيوتر اختراق أجهزة الآخرين وسرقة مالديهم وانتهاك خصوصيتهم، كذلك الحال في الهواتف المحمولة، والكاميرا المدمجة بالهاتف أصبحت في كثير من الأحيان كاميرا خفية يمكن أن تلتقط لك الصور التي تهدد بها فيما بعد أو تنتهك بها على الأقل حرمتك وخصوصيتك، ضف إلى ذلك المخاطر الأخلاقية التي تؤرق الآباء والأمهات والتي قد تدفعهم لأخذ موقف خاطيء من التكنولوجيا المعاصرة، فشبكة الإنترنت مثلاُ تزخر بكم هائل من المعلومات في كافة المجالات، وبالطبع من بينها المعلومات الخادشه للحياء ، وفي مقابل مواقع المكتبات والصحف وبنوك المعلومات والمنتديات ومواقع الترفيه والحصول على مواد الملتيميديا توجد أيضًا المواقع الإباحية والتي ينتمي القسم الأكبر منها للغرب، وإذا قيل أن بعض الدول تستخدم فلاتر خاصة لحجب مثل هذه المواقع فإن هذه الفلاتر ليست بالكفاءة المطلوبة ويمكن أيضًا كسرها، وبدون أن يسعى الفرد لمثل هذه المواقع قد يجدها تصل إليه إما على هيئة اعلانات مثلاُ على البريد الإلكتروني أو على هيئة إعلانات البوب التي تظهر فجأه في مواجهة المستخدم.

واقع داخل بيوتنا

ولهذا يبدو الأمر خطيرًا، ومثيرًا لإرتباك الآباء خاصة في عملية التربية، ورغم أن الكثيرين أصبحوا يفضلون طرق التربية الحديثة القائمة على الحوار والتفاهم ، إلا أنهم رغم اتباعهم لهذه الطريقة فشلوا في إيجاد التفاهم المطلوب مع ابنائهم، وأصبحت هناك صدامات دائمة داخل الأسر ولو كانت غير ظاهرة، فالأب أو الأم ناقمين على سلوك الشاب أو الطفل الذي يقضي جزء كبيرًا من وقته مع جهاز الكومبيوتر، ومتخوفين من ساعات الاتصال بالإنترنت، مما قد يدفعهم للوقوع في الخطأ ومحاصرة الابن وربما انتهاك خصوصيته بحجة الحماية، وفي المقابل ترى الابن متضررًا من هذه الرقابة التي يرى أن القائم بها ذو فكر تقليدي غير عصري وان استخدامه لهذه التكنولوجيا ليس عليه غبار ، وقد يكون هذا الطرف إيجابي في بعض الحالات، فيحاول توضيح الصورة للأب أو الأم ويحاول إشراكهم في حياته ، ويبدأ يحدثهم عن اهتماماته وكيف يقضي ساعاته الطويلة مع جهاز الكومبيوتر، في المقابل قد يكون الآباء متصلبي الفكر ولا يحكمون إلا من خلال ماعاشوه فقط وما اعتادوا عليه، فيرون أن الابحار في الشبكة وقراءة الموضوعات المتفرقة لا يمكن أن يعادل متعة القراءة من الكتاب المطبوع، وأنة الأولى أن يتجه الشاب إلى فعل كذا وكذا كما كان يفعل الأب متناسين اختلاف الظروف الذي ينعكس على الأهواء وطريقة الاستمتاع ، وللأسف هم يفوتون على أنفسهم فرصة عظيمة، فلو كان الابن راغب في اشراك والديه في حياته فلماذا لا يحاولون هم تغيير الصورة المترسبة لديهم عن هذا الواقع الجديد، والاستماع للطرف الآخر بحب وبفكر متفتح.

اعرف الخطر أولاً

وأنت لن تستطيع حماية ابنك من خطر لا تعرف كنهه، وحقيقة كثير من الآباء والأمهات لا يدركون كيف يمكن أن يصل الخطر لأبنائهم، هم فقط يدركون أن الإنترنت تمثل خطر، والكومبويتر يمثل خطر، والهاتف المحمول وامكانية الاتصال عن طريق البلوتوث يمثل خطر، هذه الأفكار العامة المبهمة لا يمكن ان تحمي الابن ، بل إنها قد تدفع الآباء لفرض الحظر التام مما يولد الكثير من العناد لدى الأبناء.

دورك

ويبدو أن العودة للواقع هي دائما ًنقطة البداية في الحل، فحقيقة تمثل التكنولوجيا خطر ليس أخلاقي فقط بل صحي وأمني أيضًا، وعليك أن تدرك الخطر لتعالجه، فبدلاً من أن يقضي ابنك ست ساعات متواصله على الكومبيوتر حاول أنت أن تطلب منه قطع هذه الساعات بفترات راحة قصيرة ، وأن يكون هذا الطلب منبعه الحب والخوف على صحته، بعيدًا عن توجيه اللوم إليه وإظهار عدم الاقتناع بما يفعل ، أو الإندهاش من المتعة التي يجدها ، وحتى لو وجدت هذه المشاعر في باطن الابوين فعليهما اخفائها حفًاظًا على نفسية الابن على الأقل، وليوجدا لديه ارضًا خصبة تستقبل نصائحهما بحب بعيدًا عن اقرانها بفارق العمر والأجيال، كذلك حماية الأبناء من الإشعاعات سواء كانوا أطفالً أم شبابًا، فقط اطلب منهم بلطف البعد عن شاشات الكومبيوتر والتلفزيون، وابعاد الهواتف المحمولة عنهم قدر الإمكان، كن لطيفًا وسيستجيبوا لك بالفعل، وفي حمايتهم من الأضرار الصحية اجعل كلامك مبنيًا فقط على خوفك عليهم بعيدًا عن ماهية التكنولوجيا التي يستخدمونها ومدى اقتناعك أنت بها.

وعودة للوراء قلبلاً وبالتركيز على الأطفال تظهر مشكلة جديدة تتمثل في النمو المبكر والوعي الناتج عن مشاهدة التلفزيون لساعات طويلة، وبالطبع يعتبر التلفزيون بوضعه الحالي أحد أشكال التطور التي لم تكن موجوده فيما مضى، فهناك قنوات تعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة دون توقف، وهي ليست بالقليلة، كما أن المواد المعروضة على هذه الشاشات اصبحت بعيدة كل البعد عن الأطفال، فأكثرها موجه للكبار من مسلسلات وأفلام وغيرها من البرامج، وللأسف فإن تعرض الطفل لهذه البرامج على نحو مستمر يضر به كثيرًا، فتتفتح مداركه مبكرًا، وينمو عقله بصورة أسرع ، مما يجعل هناك اختلاف واضح بين تفكيره ونموه الجسدي، وبالتالي يفقد معنى الطفولة مبكرًا، ومن المؤكد أن هذا الخلل في سرعة النمو سيؤثر على نفسيته وسيحرمه من الكثير من الأنشطة التي تثري خيال الطفل وتجدد نشاطه، ولكن هذا لا يعني منع الطفل من مشاهدة التلفزيون بشكل تام، فهناك برامج كثيرة ومواد يمكن أن تفيد الطفل وبعيدًا عن التعميمات، فإن الرسوم المتحركة ذات دور فعال خاصة إذا اتبعت طريقة منظمة في عرضها على الطفل وتحبيبه فيها من صغره، ولكن بالطبع ليست كل الرسوم الكرتونية صالحة، ولأن أغلب هذه المواد هي انتاج غربي فإن عملية الاختيار لما يتعرض له الطفل أمر ضروري جدًا، وبعيدًا عن الرقابة واللجان المسؤولة في محطات التلفزيون نجد أن هناك دور هامًا تلعبه الأم بصفة خاصة، فما يجب أن يعرض للطفل هو ما يستطيع فهمه وما يقدم له معنى راقي وقيم، وهناك الكثير من المسلسلات الكرتونية الهادفة والتي تغرس في الطفل قيمة الصداقة، والحب، ومساعدة الآخرين، والاعتماد على النفس، والحنان وغيرها، وبالتأكيد، هناك أفلام تضر بالأطفال بما تمتلئ به من وحشيه ودماء وجرائم قتل وغيرها، وللأسف فإن النوعية الأخيرة بدأت تنتشر على نحو واسع باعتبارها أحدث ما أنتجته شركات الكارتون، وداخل المنازل نترك أطفالنا أمامها دون وعي.

وجانب آخر في أهمية الرسوم المتحركة للأطفال وهو اللغة، فهناك الكثير من المسلسلات الأجنبية التي تمت دبلجتها على نحو سليم ، وتلك تعود الطفل على نطق اللغة العربية بشكل صحيح، كما تجعلها مستساغة بالنسبة له، وفي المقابل نجد كم من الأفلام الكارتونية كأفلات والت ديزني تمت دبلجتها للأسف باللهجات العامية ، ودخلتها الكثير من الألفاط التي لا يصح أن يتعرض لها الطفل في صغره، حتى أن بعض هذه الأفلام وبسبب الدبلجه أصبحت أصلح للكبار الناضجين الذين لن يتأثروا بما ورد فيها من ألفاظ وأساليب الكلام.

ومشاركة الطفل فيما يشاهده له أثره في توجيهه دون أن يدري، والإفادة من حب الطفل للتقليد قد يكون أسلوبًا فعالاً، فلو حاولت الأم أن تظهر حبها لنوعية معينة من البرامج المفيدة للطفل فسيحاول هو تقليدها بمشاهدة مثل هذه النوعية والعكس صحيح، كما أن الحوار مع الطفل منذ صغره وتعريفه بما يصح ومالايصح، وما هو مقبول او مرفوض في مجتمعه أمر له أهميته، خاصة وأن مصادر المعلومات اليوم متاحة للجميع، وسواء قمت أنت بتعريفه أم لا فسيصل إلى المعلومات، ولكن من غير المضمون ان يصل إليها بطريقة صحيحة، أو أن يحصل على مضمون سليم.

ألعاب الفيديو تؤرق الكثيرين


ألعاب الفيديو أيضًا مصدر أرق للآباء، فهذه الألعاب رغم كثرة سلبياتها فإن الأطفال منجذبون إليها، ولهذا يجب أن يكون التعامل معها مبنيًا على أسس سليمة، فلا تحرم الطفل منها فمؤكد سيصل إليها دون علمك، ولكن شاركه اللعب واختيار الألعاب الجيدة التي تخلو من مظاهر العنف المبالغ فيها، ورغم أن من الآثار الضارة لكثرة التعرض لهذه الألعاب ارهاق العينين واعصاب اليدين نتيجة للتركيز وسرعة الحركةـ على الرغم من ذلك فإن بعض هذه الألعاب يعد مثاليًا في تنميه قدرات ومهارات الأطفال خاصة مهارة التركيز والانتباه وسرعة التفكير واتخاذ القرار السليم، ولكن هذه الإفادة مقرونة بالتحكم في مدة اللعب ووقته ايضًا،وهذا التحكم والسيطرة لابد أن يكون بوعي من الآباء، وكما تطلب من الشاب قطع ساعات الجلوس أمام الكومبيوتر لأنك تخشى على صحته ، اجعل هذه الطريقة المتبعة للحفاظ على صحة طفلك.

فجوة الأجيال

من الحقائق السملم بها أن هناك فجوة دائمة بين كل جيل وآخر، سبب هذ الفجوة معروف سيكلوجيًا وهو عدم قدرة الشخص كبير السن على التكيف مع الجديد، فكلما زاد العمر كلما قلت القدرة على التكيف ، ولأن الحياة في تغير مستمر، فإننا نجد دائمًا جيل أول غير قادر على التكيف مع هذا التغيير، وجيل جديد يتكيف بسرعة كبيرة، إلا أن المشكة زادت في السنوات الأخيرة لأن هذا التغير اصبح سريعًا جدًا مما زاد من اتساع الفجوة بشكل كبير، ومع ذلك فإن بالإمكان تضييقها،والأمر فقط بحاجه إلى الوعي، وفي كثير من الأحيان يساعد الجيل الأول على زيادة اتساع الفجوة بدلاً من تضييقها ، والحقيقة أن عملية التقارب بين الأجيال في هذه المرحلة ضروية جدًا ولن تتحقق إلا من خلال تغيير طريقة التفكير لدى الجيل الأول، فلا يطلب منهم التعامل مع التكنولوجيا الجديدة ولكن على الأقل عدم توجيه النقد واللوم لها بدون مبرر، كما أن هذه التكنولوجيا تمثل مجال اهتمام للجيل الجديد ربما لو استطاع الجيل الأول المشاركة فيه لتقلصت الفجوة كثيرًا بينهما، فلماذا لا تطلب من ابنك أن يعلمك كيف يجري اتصالاً صوتيًا عبر الإنترنت؟ ولماذا لا يكون لك بريد الكتروني وتراسل أصدقاءك عبره؟ فقط غير فكرتك عن كون هذه الوسائل ترفيهية ودخيلة وضاره وستجد الأمر أفضل بكثير، كما أن صورتك بالنسبة لأبنائك سوف تتغير كثيرًا وسيصبحون أكثر تقبلاً لرأيك باعتباره رأي لشخص مرن وعصري الفكر، وبالتأكيد ستتمكن في هذه الحالة من توجيههم وحمايتهم وتربيتهم بشكل أفضل.

الهجوم خير وسيلة للدفاع

التكنولوجيا الجديدة أصبحت واقعًا يهددك بالكثير من الأخطار وأنت تريد حماية أسرتك منه هذا الخطر فما الحل؟ تذكر عبارة نابليون بونابرت " الهجوم خير وسيلة للدفاع" وهنا يكمن الحل، قم بهجوم على التكنولوجيا الجديدة بالانغماس فيها وتعلمها، ومعرفة أسرارها لتتعرف على مواطن الخطر الفعلي الذي يكمن بداخلها، ويمكنك أن تسلح نفسك وأبناءك داخليًا ليقاوموها بدلاًَ من أن تغرس فيهم السلبية والخوف والابتعاد عن التكنولوجيا لتفادي خطرها، والبناء النفسي هو أهم مافي الموضوع، فلو غرست الأخلاق والقيم الفاضلة في الشاب فلن يندفع نحو المواقع الإباحية على شبكة الإنتنرت حتى لو واصل العمل عليها لساعات طويلة لأنه قبل كل شيء لن يخافك بل سيخاف الله لأنك غرست فيه هذه القيمة، ولو ظهر إعلان البوب أمام عينيه فسيقوم بإغلاقه دون حتى ان يلتفت إليه.

ومخاوف الكثيرين من إتاحة سبل الاتصال للشباب سواء كانت عبر الهواتف المحمولة أوشبكة الإنترنت على اعتبار أنها قد تؤدي إلى علاقات غير مشروعة ـ أمر تحسمه التربية والقيم المغروسة في الشاب والفتاة، إن توعية الشباب بالحوار وتوجيه النصح لهم بطريقة غير مباشرة وإشعارهم بالمسؤولية كفيل بتقليل نسب الانحراف الموجودة بشكل كبير، كما أنه كفيل بالقضاء على مخاوف الآباء والأمهات مما قد ينجم من توفر وسيلة اتصال سريعة مع ابناؤهم، في حين أن منع هذه الوسائل قد يشعر الابن بأنه ليس محل ثقة مما قد يؤثر على بناؤه النفسي، وفي حالات أخرى قد يدفع به إلى ارتكاب المحظور من الأهل ليثبت تفوقه عليهم.

وإذا كنت تخشى على ابناءك من القنوات الفاضحة على شاشة التلفزيون فلا تعتقد أن استخدام التشفير وإغلاق هذه القنوات بكلمات مرور خاصة قد يحميهم، بل بالعكس قد يدفع البعض لمحاولة كسر هذه الحماية بدافع الفضول والرغبة في الاستكشاف، فالاسراف في المنع بدون مبررات وبدون توضيح يولد دائمًا الرغبة في معرفة المحظور، لكنك إن بنيت داخل ابناءك أن هذه القنوات تبث مالا يصح أن نراه لأنه خادش للحياء ومغضب لله فإنهم لن يحاولوا حتى الوصول إليها في قائمة القنوات المتاحة ولو كانت غير مشفرة، فقط ابن نظم الدفاع الداخلية لديهم، وافتح باب الحوار واجب عن أسئلتهم بوضوح وتقبل مناقشاتهم فهذا افضل بكثير.

وبناء النظام الداخلي للدفاع لا يعني أن تترك الرقابة جانبًا، بل أوجد الرقابة بحدود وبدون تجسس ولا انتهاك للخصوصيات، وجدد نظامهم الدفاعي وكن واعيًا لكل ماهو جديد، وانبذ فكرة المنع التام ومقاومة التكنولوجيا وتجبنيها فمهما فعلت لن تستطيع عزل أبناءك عن العالم، وهم محتكون بهذه التكنولوجيه شئت أم أبيت، لهذا اهتم بهم داخليًا وحصنهم ضد الأخطار وهذا يكفي.

وبدلاً من أن تقاوم التكنولوجيا طوال الوقت حاول أن تفيد منها، فاستغل حب ابنائك للكومبيوتر لتوفر لهم الموسوعات العلمية والكتب النافعة على اسطوانات تهديها لهم من وقت لآخر، واستغل ميل طفلك لتقليد إخواته الكبار ووفر له برامج تعليم القراءة والكتابة على الكومبويتر وطور مهاراته في الرسم والتعامل مع هذا الجهاز الذي أصبح بحق أداة العصر الحديث، اشغل وقت ابنائك من الشباب لتحويل مكتبة الصور والشرائط والأفلام لديك إلى مكتبة رقمية على الكومبيور تحتفظ بها لسنين طويلة، فقط جرب أن تفيد من التكنولوجيا وطاقات الشباب وقدرتهم على استخدامها لصالح الجميع، وساعدهم في تعلم لغة العصر حتى يشبوا أعضاء ناجحين فيما بعد.


نسمه السيد ممدوح
سنيورا
مجلة مملكة المراة
www.malekat.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook