الجمعة، 28 سبتمبر 2012

‎"الروح والمادة" متناقضتان؟! متكاملتان؟! أم ماذا؟!

"الروح والمادة" متناقضتان؟! متكاملتان؟! أم ماذا؟!



قد تتقارب روحان على قرب أو بعد المسافات، حينها ينعدم أثر المادة ويبقى الأثر الروحي والقوة الكامنة في الروح، الأشواق المادية لا تساوي شيئًا إن قورنت بالأشواق الروحية المعنوية، وربما تتقارب الأجساد وتظل الأرواح على بعدها وتجافيها، الكثير منا قد عايش مثل تلك العلاقات الروحية على روعتها وعذوبتها، ولكن ماذا عن الروح الكائنة في الأماكن والماديات؟

غادرت مصر منذ أكثر من عشر سنوات ولكن لم أعد إليها حتى الآن، على أني زرتها مرارًا وعشت فيها سنينًا بكياني المادي، ومع هذا لا زلت بعيدة كل البعد عنها، وروحي التي فارقتها يومًا لم تعد إليها للآن، وعلى العكس من ذلك تفصلني مئات الكيلومترات عن عروس البحر الأحمر ولا تزال روحي كائنة فيها، وأشعر بنسمات بحرها على قلتها، وسكون شاطئها حينًا، وهبات الرياح والأمواج حينًا آخر، ونداها لا يزال يبلل وجنتي وكأني لم أفارقها، وإني فارقتها ماديًا منذ أكثر من سنتين، ماذا فارقت في مصر؟ وماذا لقيت في عروس البحر الأحمر؟ هذا ما أثار حيرتي اليوم، وجعلني أسبح في بحر من أفكار وخيالات.

المادة لا روح فيها، وتبدو صماء بلا حياة تنبض بها، وبالرغم من ذلك فقدت يومًا هاتفي المحمول فبكيت بكاء حارًا، بكيت كما لم أبكي من قبل، ليس لأني فقدت هاتفًا يمكن استبداله بما هو افضل منه، وليس لأني فقدت بيانات هامة مدونة في ذاكرته، بل لأني أضفيت عليه معنى وقيمة خاصة انتزعت مني انتزاعًا بفقده، هكذا نحن عندما نضفي على بعض الأشياء المادية العمياء الصماء البكماء بعضًا من روحنا، حين نودعها شيئًا من وحي أقلامنا، حين تصبح رموزًا لمعان في حياتنا.

لا أعجب إن كان للمكان روح نعايشها بعيدًا عن الأفراد القاطنين فيه، لا أعجب إن نحن أحببنا ممتلكاتنا المادية أو بعضها وتولدت بيننا ألفة خاصة، لا أعجب حين يحزن الواحد منا على فراق مدينة ما أو حين يفقد قلمًا أو ما هو أبسط، المادة حقيقة لا قيمة لها، وإنما نحن نسكب فيها شيئًا من روحنا فتصبح ذات ثمن لا يقدر بمال، وكذلك الأرض حين نعانقها بحب، وحين تتلقانا بشوق لا تبصره العيون، ولا تسمع له الآذان صوتًا، وإنما تلمسه القلوب، المنطق لا يحكم إلا المادة أما أرواحنا فلها قانون آخر ، يقترب من المنطق حينًا، ويجافيه كثيرًا.

نسمة ممدوح
28 سبتمبر 2021م



الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

ما بين الأرض والسماء

ما بين الأرض والسماء


الأرض.. حيث الحقيقة الثابتة.. والواقع بقسوته وبرودته.. الأرض حيث الرؤية المحدودة.. الأرض هي قاعدة الإنطلاق والهبوط.. من الرائع أن تملك أجنحة قوية.. وأن تعدو على ممر الإقلاع وتقفز عاليًا.. فتحلق في السماء.. حيث الحرية والخيال... حيث النعومة والانسيابية.. السماء حيث العمومية واللا محدودية.. ومهما بلغت أجنحتك من القوة فحتمًا سيصيبك الإجهاد.. وستئن من طول الطيران.. وستنهك عيناك من التحديق هنا وهناك.. وعندها ستحتاج للأرض.. ومن المفيد أن تعرف دومُا أين تجد ممر الهبوط.. الطيران لا يصلح لأن يكون حالة مستمرة.. والبقاء على الأرض لا يرضي نفوسنا المتمردة.. ولا يروي عطشها.. ولا يهدئ من ثورة عقولنا.. نحن بحاجة إلى الطيران.. نقلع ونسبح في السماء ثم نهبط لنستريح ثم نعود فنقلع من جديد.. والبعض من محدودي الفكر يظن أن الطيران وحده يفيد.. فإن صدمته الحقيقة.. وأرغمه ضعفه وبشريته على الهبوط.. وعانى من قسوة الأرض وعنف الاصطدام بها دون استعداد.. ظن جاهلاً أن الجميع مثله لا يدركون قيمة الهبوط.. فاحترس أن تكون من بين هؤلاء فهم لا يتعلمون إلا بالصدمات ويحسبون أن الكل مثلهم .. لا يتعلم إلا بمثل ما تعلموا به.. ويحسبون أنهم يملكون كل شيء وهم لازالوا صغاراً بعقولهم التى اعتادت التعلم بعيدًا عن التأمل والتفكر.. احترس وكن حرًا واقعيًا.. وحالمًا متزنًا..

نسمة السيد ممدوح
5 سبتمبر 2012


اتبعني على Facebook