الاثنين، 20 ديسمبر 2010

فن الاعتذار


فن الاعتذار

ترى هل فكرت يومًا بأن للاعتذار فن عليك أن تتعلمه؟! لا تتوقف كثيرًا لتوجه استنكارًا، ولكن تمهل فقليل من التروي سيقودك للتصديق.
كيف تقدم اعتذارًا لأحد؟ كيف تقبل اعتذار أحدهم؟ هذه ليست بالمهام السهلة على الإطلاق، فمادام الاعتذار يعني إقرارًا بالخطأ، والخطأ ثقيل على النفس لكونه خادشًا لكبريائها الطبيعي، فإن هذا الاعتراف بالخطأ له من الثقل ما تنوء بحمله النفس، وفي قبوله أيضًا بحاجة لفن حتى لا يقع الحمل على صاحبه فيسحقه تحت وطأته، لهذا كان هناك فن للاعتذار لا يجيده سوى ذوي الأرواح السامية.
فعندما يبدر منك الخطأ عفوًا أو عمدًا وهو الأسوأ، وعندما تحمل بداخلك قدرًا متوازنًا من احترام الذات وتقديرها، فمؤكد ستشعر بالكثير والكثير جدًا من الخجل، هذا الخجل وما يستتبعه من توبيخ داخلي هو أشد ألوان العقاب بالفعل، فليس أسوا من أن تصغر صورتك امام نفسك، إنه صراع عنيف يحتدم داخل الإنسان، ربما يكون حسمه في أحد حلين، إما زيادة في إهانة النفس بالمزيد من الغرور والتكبر والتعالي على ما حدث، وبهذا تعيش في عذاب أبدي بلا نهاية كلما انتابتك ساعة الإفاقة، وربما كان الحل الآخر هو تقديم الاعتذار صراحة، وبه تكسر القفل وتخرج من زنزانتك، لكن هذا القفل بالمتانة التي تجعل كسره امرًا عسيرًا جدًا يحتاج منك قدرًا كبيرًا من الشجاعة، لكن من الجميل أن تذكر ان ليست كلمة "انا آسف سامحني" هي السبيل الوحيد لذلك، قد تكون نظرتك أو القاؤك لتحية الصباح أو اسداؤك لخدمة بديلًا لها، لكن لكل شخص تقدم له اعتذارك ما يناسبه.
وحين تكون أنت الطرف الآخر قابل الاعتذار، فعليك أن تذكر مدى المشقة التي يلاقيها من يقدم لك اعتذاره، والأجدر بك أن تتحلى بالكرم في موقف كهذا، فتلك اللحظة حاسمة بحيث لا تحتمل التوبيخ والنصح في حينه، نحي هذا جانبًا ولو لبعض الوقت، واكتفي بهذا الاعتراف الصريح بالخطأ، وكن رحيمًا بالآخرين، فلا تطل لحظات رد الفعل، لا تتجنب نظرته إليك فتزيد عذابه قوة، شجعه بابتسامة منك، وإن أبدى إليك إشارة تفيد اعتذاره فاقبلها دون أن تجرحه بذلك، إن ألقى عليك التحية أو قدم لك شيئًا تحتاجه في صمت، فابتسم بلطف وقدم له الشكر، اجعل عينيك تخاطب عينيه، لا داعي للعبارات التقليدية: "قبلت اعتذارك" "أسامحك" ، كن أكثر لطفًا فتلك قد تزيد وطأة الموقف.
وعلى كل حال قدر نفسك أكثر، وجنبها ارتكاب الأخطاء قدر الإمكان، فمهما يكن من فن الاعتذار فهو صعب ثقيل على النفس، ومادمنا نحن بشر فعلينا أن نتقن هذا الفن ونتشربه، فلا تكن قاسيًا على نفسك وعلى الآخرين.

نسمه السيد ممدوح
16 ديسمبر 2010


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook