الأحد، 29 أبريل 2012

بحاجة إلى تحديث


بحاجة إلى تحديث

Need to update



ماذا يحدث عندما تقوم بتحديث نظام التشغيل في جهاز الكمبيوتر الخاص بك؟ وماذا يحدث إذا أهمَلتَ تلك العمليةَ المهمَّة؟ تصوَّر نفسك جهاز كمبيوتر يعمل بنظام تشغيلٍ أكثرَ تعقيدًا من الويندوز، وتصوَّر أنَّ هذا النظام بَقِي كما هو دون تحديثٍ أو صيانة لسنوات طويلة، كيف سيكون أداؤك؟ وهل يمكن أن نَصِفَه بالمتميِّز؟

إنَّ عقل الإنسان يُشبه فعلاً المعالج في جهاز الكمبيوتر، وهو كجهاز يَحتاج لِما يُديره، والبرنامج المسؤول عن تشغيل تلك الدماغ المتحكِّمة في كلِّ أجزاء الجسم، له طبيعة خاصة، ومشكلته هي عدم وجود مصدر مضمون وموثوق لتحديثه وفحْصه باستمرار، ويقع عبءُ هذه العمليَّة عليه نفسه، فعليه أن يَفحص نفسه من وقتٍ لآخر، وأن يبحثَ عن مصدر جيِّد للتحديث، وعليه أيضًا أن يُسيطر على دوريَّة تلك العمليَّة، والسؤال متى وكيف تتمُّ عملية التحديث؟

إنَّ عملية التحديث ضروريَّة جدًّا، وفي حين يقوم الويندوز بتحديث نفسه، فيُضيف إلى بنيته ما يُفيده، ويُعدِّل ما يحتاج إلى تعديلٍ، ويَحذف ما لا ضرورة له، ويُعيد بناء نُظمه الدفاعيَّة، لكنَّه في نهاية الأمر لا يَفقد هُويَّته، ويظل - كما هو - ويندوز متميزًا عن غيره، فهذا ما يجب أن يحدثَ لك بشكلٍ دوري، عندما تُواجهك المشكلات وتتكرَّر، فعليك أن تُدرك أن هناك خَللاً، وأنك بحاجة للفحص والتحديث.

المشكلات لا تَنبع من المُحيطين بك فقط، أنت نفسك قد تكون سببًا رئيسًا للمشكلة، إن ثبوت الصور الذهنيَّة والأفكار والمعتقدات لمُددٍ طويلة، يَجعل أحكامَك على الأشخاص والأحداث غيرَ دقيقٍ، وغير مُنصف أيضًا، فالأشخاص يتطوَّرون ويتغيَّرون، وما كان مقبولاً أو مطلوبًا من شخص في عمر العشرين، لا يمكن مطالبته به في عمر الأربعين أو الستين، كما أنَّ طباع الطفل التي غلَبتْ عليه في صِغَره، قد تتغيَّر وبشكلٍ شبه كلي في شبابه ونُضجه، وأهواء الشباب وثَورته الجامحة، تَهدأ في سن الرشد والاتزان، وهكذا يتغيَّر الأشخاص: صفاتهم، طبائعهم، عاداتهم، أفكارهم، مواهبهم... إلخ، وعندما تقوم بتحليل سلوك شخصٍ ما - استنادًا إلى صورة ذهنيَّة قديمة لديك - فالأرجح أنَّ تحليلك سيشوبه القصورُ، بل قد يكون مشوَّهًا بشكل كلي؛ ولهذا تحتاج بين الحين والحين أن تُعيد تكوين الصور الذهنية التي لدَيك، فكِّر في الأشخاص من زاوية جديدة، انْسَ كلَّ ما تعرف في الماضي، وحاول أن تتعرَّف عليهم من جديد، قد تجد بينهم الحنون والحليم، والغاضب والثائر، والمُتَّزن.... إلخ؛ ولهذا قد يتحوَّل أحدهم إلى صديق مُقرَّب بالنسبة لك، وقد تَبتعد عن الآخر، وهكذا.

إنَّ عملية التحديث التي ستُجريها للبيانات المُختزنة لديك، ستؤثِّر حتمًا على أحكامك وتصرُّفاتك وتحليلاتك، وهذا يعني تكوُّن علاقات جديدة، وتقلُّص أو ضمور علاقات موجودة، لكن على كل حال تذكَّر أنَّ هناك أرصدةً من العواطف لا بدَّ وأن تُصان، قد يتحوَّل شخص من دائرة المُقرَّبين جدًّا إلى دائرة المقرَّبين فقط، ورغم هذا التحوُّل تظلُّ الأواصر بينكما موجودة، لكن قد تتغيَّر أحكامك على تصرُّفاته، وكذلك ردود أفعاله.

إنَّ التحديث المستمر يَحميك من تلقِّي الصدمات المتكررة، أو انتظار ما هو أكثر من الآخرين، كذلك يُساعدك على التعرُّف على ذاتك بشكلٍ أصدق، فكثيرًا ما تكون أفكارنا المُترسِّخة مُعوقًا لنجاحنا وانطلاقنا؛ لهذا لا تُهمل تحديثَ قاعدة بياناتك، ونظام التشغيل لدَيك، زِدْ مهاراتِك ومعارفَك ومعلوماتك، تدرَّب على ما هو جديد، حاوِلْ أن تَرتقي بأساليب أدائك حتى لوظائفك اليومية، لا تُقلِّل من قدرِ شيءٍ ما، ولا تحسب أنَّك بلَغت نهاية الطريق يومًا، فهناك دومًا جديد.

النشر الأول على شبكة الألوكة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook