الأحد، 19 أبريل 2009

في مواجهة الغزاة

قد تبدو كلمة الغزو ذات وقع مفزع في نفوسنا وغالبًا ما ترسم صورة لجيوش لا حصر لها وأسحلة فتاكة، لكننا نواجه اليوم ومنذ عدة سنوات غزو ذو طبيعة خاصة، نواجه دول عديدة وليس دولة واحدة، نحارب بأسلحة فتاكة من التكنولوجيا المتطورة، نهدد ليس في اقتصادنا فقط واستقلالنا السياسي وإنما في استقلالنا الفكري وهويتنا الثقافية وطابعنا الإجتماعي.
هذا الغزو قد نشأ نتيجة لعدم التوازن في عالم متطور تكنولوجيًا ومرتبط بوسائل الاتصالات الحديثة التي كما أسهمت في سرعة انتشار المعلومات للأفضل، كما ساهمت في نشر ثقافات مختلفة عنا تهدد ثقافتنا بالمسخ ، فنحن على اتصال دائم بشبكة الإنترنت والتي تعد بمثابة بوابة للعالم بأسرة، وبفضل الأقمار الصناعية أصبحنا قادرين على معايشة الأحداث في كل مكان، ورغم أن هذا الإنفتاح على العالم له من الإيجابيات الكثير، إلا أننا للأسف نشاهد له كم كبير من السلبيات، ونلاحظ ذلك على صغار السن خاصة من اختلافات في طريقة التفكير ، وفي نمط الحياة، وحتى في نوعيات الملابس وطريقة التحدث، فقد بدأت اللغة العربية تتراجع كثيرًا لتحل محلها اللغات الأجنبية، وازدادت في السنوات الأخيرة الأسماء الأجنبية في مجتمعاتنا العربية، وقل ما شئت في هذا المضمار فهناك الكثير جدًا.
والأمن هو مجال آخر، فهذا الإتصال الدائم بشبكات المعلومات يجعلنا في بؤرة الخطر مادمنا غير قادرين على تأمين أنفسنا من عمليات الإختراق وسرقة المعلومات، والسيطرة على قواعد البيانات، حتى أننا اليوم أصبحنا نسمع عن حرب الشبكات ، وهي من أخطر الحروب على الإطلاق، فهي لا تريق الدماء وتدمر المعمار، وإنما هي تنسف التاريخ والحاضر، تمحو من ذاكرة العالم حضارات كاملة، وتهدد الشعوب بالضياع بفقد بياناتها وهوياتها ووجودها.
لكن كما نحارب لنحصل على استقلاقنا السياسي في كثير من المناطق يجب أن نحارب وبكل قوة وشراسة لنحصل على استقلاقنا الفكري والثقافي، والوسائل المؤدية لذلك معروفة لكن للأسف غير فاعله، فالتطور التكنولوجي واللحاق بعمالقة صناعة الإلكترونيات من ناحية، وبناء شخصياتنا والمحافظة عليها، وزرع اعتزازنا بعروبتنا وثقافتنا داخل النشئ الجديد كفيل بأن يحولنا من طرف يقاوم الغزاة إلى طرف مساوٍ للأطراف الأخرى ، بما يجعله في مأمن منهم، وربما استطعنا ان نكون الغالبين أيضًا.
فقط نحتاج إلى مزيد من الثقة بالنفس، وإلى الرغبة الصادقة في الإستقلال، وإلى احترام ذوي المواهب والإمكانيات وتوفير الفرص لهم، ونحن داخل بيوتنا كأمهات نحمل على عاتقنا مسؤولية بناء أبنائناا، منذ مولدهم وفي كل يوم من أيام حياتهم، نختار لهم أسماء عربية، وننشئهم في جو عربي يحترم القيم العربية، ويأخذ من الحضارات الأخرى القيم السليمة فقط وبنبذ كل ما هو مخل بالأخلاق والدين، نربي فيهم الشجاعة والقدرة على المواجهة، ونقضي على الجبن والاستسلام للغزاة، لنحصل على الاستقلاق المنشود.


نسمه
سنيورا
9 ابريل 2009م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook