الأربعاء، 13 فبراير 2013

بين حب المادة.. وحب الروح

بين حب المادة.. وحب الروح

"البعيد عن العين بعيد عن القلب" في قرارة نفسي لا أجد لتلك العبارة صدى ولا تأييد ولا رضا، فالحياة لذتان: لذة المادة وهي أسهلهما وأقصرهما، ولذة الروح وهي أصعبهما وأطولهما، ونحن تلتمس ممن نحب إما لذة المادة أو لذة الروح أو كليهما.
ولذة المادة قد لا تطلب لذة الروح من بعدها، وتلك تزول بزوال المادة بفراق مؤقت أو أبدي، والحرمان منها ألم موجع يزول مع الأيام وللنسيان سلطان عليه، كألم الجرح الدامي قبل أن يبرأ، أما لذة الروح فقد تطلب المادة من بعدها لتزيد من كمالها وقوتها، لكنها أبدًا ما تزول بزوال المادة، وهي دومًا موجعة منهكة ، والحرمان منها أقوى من النسيان.
والعين لا تبصر غير المادة، إذ هي مادة في حد ذاتها، عضو ذو أنسجة وخلايا، فلا تدرك في المحبوب غير المادة، وكأنها تلتقط له صورًا فترسلها للقلب ليواصل الخفقان ويجدد الحب، فإذا غابت المادة غابت الصورة وبرد الحب أو كاد، أما الروح فتتقارب مع روح غيرها فيمتزجان ويصبحان شيئًا واحدًا، فينسكبان في قلبين فلا يجريان مع الدم إذ هما من الدم، فإذا غابت صورة المحبوب بقيت روحه منسكبة في الروح، وتلك لا تضمحل أو تضمر أو تزول إلا إذا زالت الروح من الجسد، فتفنى المادة وتعود الروح لبارئها.
فإن صدقت العبارة صدقت على حب المادة، أما حب الروح وهو الأنفس فهي عنه بمنآى.

نسمة السيد ممدوح
13 فبراير 2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook