الاثنين، 6 فبراير 2012

في مداخل الإقناع

في مداخل الإقناع

في فن الإقناع يوجد ما يعرف بمداخل الإقناع، ومداخل الإقناع هي الأساليب المتبعة في الحوار أو الخطاب - ويبينهما فرق - للتأثير على الطرف الآخر ودفعه لتبي وجهة نظر جديدة أو تعديل وجهة نظره الحالية، وتنقسم هذه المداخل إلى مدخلين رئيسيين هما :المداخل العقلية والمداخل العاطفية، وعندما تستخدم المداخل العقلية فأنت تخاطب عقل المتلقي محترمًا إياه ومستندًا على حقائق وأرقام يمكن تأكيدها ببراهين وأدلة وشواهد، وتخاطب الطرف الآخر بما يدفع عقله للتفكير بشكل منطقي والتحول إلى جانبك وتبني وجهة نظرك، وبالطبع تلك طريقة تصلح لخطاب المتعلمين والمثقفين.
أما المداخل العاطفية فتخاطب عواطف الفرد، وتستخدم كل ما من شأنه تحريك العواطف ودفعها دفعًا مقصودًا لتبني وجهة نظر معينة، وهنا يكون المقنع خطرًا على المتلقي، لأن المداخل العاطفية قد تستخدم بطريقة غير شرعية وغير أخلاقية أيضًا، وقد تدفع المتلقي لتوهم أشياء لا وجود لها في الحقيقة، وقد تدفعه للتخلي عن آرائه تحت ضغوط مصطنعة أيضًا، وقد تدفعه للقضاء على حاضره وتدمير حياته معتقدًا أنه يسعى لبناء نفسه ودفعها للأفضل، وهذا الأسلوب هو الأخطر من نوعه على الإطلاق، وهو ذو تأثير كبير على الأشخاص ذوي التعليم المتوسط أو المتدني أو الأميين، أو الأشخاص المستثارين والذين يعانون من الضغوط النفسية، وكذلك الأشخاص الذين يعانون من الأمراض والمشكلات الصحية، وصغار السن والنساء بشكل كبير، وهذا الأسلوب لا يحترم عقل المتلقي بل يتعامل معه بدهاء لتحقيق مصالح المقنع في الغالب، ويستثنى من لك حالات خاصة تكون دوافع المقنع فيها سليمة وخيرة وبناءة، وتكون القضايا المطروحة إنسانية وعاطفية بطبيعتها، كما هو الحال في محاولات الترغيب في بر الوالدين مثلاً أو الحنو على صغار السن وحسن المعاملة بين الزوجين وما شابهها من قضايا إنسانية.
إلا أن استخدامك لمدخل عاطفي في محاورة مع شخص يستخدم مدخلاً عقليًا يعد أمرًا شديد الخطورة، والمستخدم للعاطفة هنا واحد من ثلاث في رأيي الخاص:
شخص جاهل بأساليب الحوار والإقناع، ويخلط هذا بذاك، وتلك صورة ردية للمتحاور.
شخص لا يملك الحجة، يشعر بالضعف والعجز، فيسعى لتحويل الحوار من منطق العقل للعاطفة في محاولة أخيرة للتأثير على محاوره.
شخص يتسم بالدهاء والمكر يستخدم أسلوب الضغط على مشاعر الآخرين للتأثير على آرائهم ولو بشكل مؤقت، ودفعهم لإقرار ما يريد في لحظات معينة تحت ضغط عاطفي كبير، وعادة ما يكون ضغطًا شخصيًا.
في الحالة الأخيرة يكون المتبع للأسلوب العاطفي في مغامرة حقيقية، فإما أن يكون الخصم ضعيفًا فيحدث التاثير المطلوب وما أكثر هؤلاء خاصة ممن يدعون العقل والمنطق بلا حجة حقيقية، وإما أن يكون قويًا لدرجة تحرج المقنع وتضعه في مأزق حقيقي، وهنا ينكشف عجزه ومكره وينهزم بسهولة في معركته الحوارية.
وتستخدم تلك المداخل الإقناعية بناء على دراسة وتخطيط مسبق فيما يعرف بالحرب النفسية، حيث يمكن إستثارة الطرف الآخر ودفعه لحالة نفسية معينة تجعله مهيأ لاستخدام المداخل العاطفية بدلاً من العقلية، ولهذا لا تبدو رسائل الدعاية من هذا النوع واضحة للمتلقي، إذ يدفع أولاً لحالة معينة تجعل من الصعب عليه أن يستمع لصوت العقل، وفي بعض الأحيان يمكن لمديري رسائل الدعاية أن يوهموا المتلقي أنه يستخدم منطق معقول للوصول للنتائج، بالرغم من أنهم استخدموا أساليب عاطفية لدفعه لهذا الإعتقاد الواهم، لأجل هذا توصف الدعاية والحرب النفسية بأنها أشد الحروب تأثيرًا، إذ أنها تؤثر على الأفراد، والأفراد هم المحركون لكل شيء في المجتمع، وهم المؤثرون في كافة النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
وفي نهاية الأمر أنت تملك قرار نفسك فأي المحاورين تريد أن تكون؟ وأي المتلقيين تريد أن تكون؟

نسمة ممدوح
6 فبراير 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook