الجمعة، 24 فبراير 2012

الناجحون : إنهم ليسوا كذلك دومًا

الناجحون : إنهم ليسوا كذلك دومًا

كتبت ذات مرة كلمات بعنوان "الدرج المكسور" ودونت جملة بانفعال صادق حينها، ثم عدت إليها مرارًا مع مرور الشهور والسنوات: "وكلما صعدت أكثر فاحذر من مدح الآخرين ، هم فقط لا يعلمون، فسر نجاحك قد يحيلك يومًا إلى بائس مكسور"، وقد قرأت اليوم نصًا ذكرني بتلك الكلمات، بل جعلني أرغب في الإضافة إليها، وإكسابها مزيدًا من الوضوح، فما فكرت فيه حين دونت هذه العبارة كان شعورًا صادقًا لم أوفق في تفسيره بوضوح، وربما أني لم أكن قد بلغت حينها ما بلغته اليوم، ولأجل هذا أسطر هذه السطور موضحة ما أبهم في عبارتي السابقة.
قرأت عن رحلة الحياة وكيف يمكن التخطيط لها لإحراز النجاح، وأنك في رحلتك بحاجة لأناس تصطحبهم معك، وأن هناك معايير يفترض مراعاتها عند اختيار هؤلاء حتى تنجز الرحلة بسلام وبأكبر قدر ممكن من المكاسب، وأنت في رحلتك ستدفع بنتفسك وبالآخرين إلى النجاح، وأنت ستلعب دور القائد هنا في رحلتك، ولكن وعلى نفس القدر من الأهمية ستكون محتاجًا ولو في أوقات معينة وقليلة لأن يصطحبك الآخرون معهم، ستحتاج للمساعدة حتمًا، والحتمية منبعها عدم الكمال المؤكد في البشر، والسؤال هو من سيصطحبك معه؟
إن الأناس الناجون يعانون من نظرة المحيطين وتقديرهم في أدق لحظات حياتهم ومواقف ضعفهم، ففي حين يحتاجون فعليًا للمساعدة والدعم يفترض فيهم الآخرون القدرة الذاتية على تجاوز الأزمة دون مساعدة، باعتبارهم أقوياء بما يكفي، وفي حين يتلقى منهم المحيطين بهم ما يحتاجون إليه من تفاؤل وأمل وثقة فإنهم لا يمدونهم إلا بالقليل منها.
تزداد المشكلة تعقيدًا بحاجة هؤلاء إلى من هم أهل لثقتهم حقًا ليكونوا قادرين على الذهاب معهم، فلا تتوقع أن يوافق أحدهم على مرافقة من هو أضعف منه في موقف متأزم يحتاج فيه إلى دعم حقيقي، إن القوة والضعف هنا لا تعني بالضرورة شيئًا يمكن ملاحظته بالعين، وإنما هو شعور داخلي بالدرجة الأولى، إن الشعور بالقوة ينبع من أشياء كثيرة من أهمها التماس الإخلاص في الآخرين، وتلك مشكلة حقيقية، والإخلاص أصعب من أن تجده بشكل مرضي في الكثيرين، إن المحيطين يتفاوتون في درجات إخلاصهم لك، وأكثرهم إخلاصًا هو أقدرهم على مساعدتك حقًا.
إن سر النجاح الذي يبهر الآخرين هو أيضًا السبب وراء متاعبك الخفية، والتي لا يمكنك البوح بها لأحد منهم، قد تبحث عمن هو أقوى وأكثر ثباتًا وإخلاصًا ليقدم لك المساعدة، ولهذا لا تحمل مدح الآخرين على محمل التصديق المطلق، إنهم يرون الصور من زاوية واحدة فقط، إنها زاوية علاقتهم الخارجية بهم، وكلما كنت اكثر تأثيرًا فيهم كلما كنت أفضل بالنسبة لهم، ولا يعني ذلك أنك الأفضل بالنسبة لذاتك.
وختام تلك الأسطر لا تزد الضغط على الناجحين من وجهة نظرك، إن لمست تغيرًا في أطوارهم، أو حاجة أو ضعفًا يحاولون مداراته بابتسامة باهتة أو نبرة خافتة فكن أكثر لطفًا وكرمًا بهم.

نسمة السيد ممدوح
24 فبراير 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook