الأربعاء، 15 فبراير 2012

أخطاء كامنة

أخطاء كامنة

لا يكف البشر عن ارتكاب الأخطاء، ولكن ليس كل الأخطاء آثام تستوجب العقاب، وبالرغم من ذلك فكلها تستوجب الاعتذار، ربما لن تعتذر للآخرين فقط، وإنما هناك أخطاء تحتم عليك أن تعود لتصالح نفسك وتعتذر لها عما سببته لها من آلام ومتاعب، إن هذا النوع من الأخطاء هو ما أعنيه بالتحديد، إنه ليس سلوك تقترفه بجهل أو عمد لتؤذي غيرك أو لتضر نفسك بشكل مباشر، وإنما هي أخطاء في المعتقدات أو الأفكار أو الطموح أو الرغبات أو التوقعات.
إن الإسراف دومًا يقود للهلاك، يتساوى في ذلك الإسراف في الخير والشر، في الجهل والعلم، في النور والظلمة، في الوحدة أو الإندماج في الجماعة من حولك، إنك قد تخطئ حين تبني آمال وتوقعات عظيمة على شخص تحبه، إن هذه الآمال بنيت على أرض ليست ملكًا لك، أنت تملك قلبك وعقلك، وتملك الحق في كشف خباياهما وإصدار أحكامك عليهما، لكنك لا تملك هذا الحق مع غيرك، ومهما كانت درجة قربك من الآخرين تظل هناك دومًا مناطق مظلمة لا تستطيع اختراقها، لأنها ملكًا خاصة لأصحابها، ولأنك تبني على أرض غيرك فأنت تجازف حقًا، وإن جاوز بناؤك في علاه فقد ينهار على رأسك يومًا، أنت لا تعلم مدى صلابة الأرض التي بنيت عليها، ولا تعلم مدى موافقة صاحبها وترحيبه بوجودك، لهذا يوصف تصرفك بالخاطرة.
إن المخاطرة هنا قد تدفع بك لليأس والإحباط، أنت تبني توقعات وآمال وقد لا تنال منها غير القليل، عندها تشعر أنك خسرت الكثير، خسارتك معنوية وليست مادية، وكامنة وغير ظاهرة، ولن يشعر بها وبمرارتها سواك، إنك انت المتسبب في تلك الخسارة وعليك تحملها وتجرع مرارتها، بل والتماسك أيضًا لتقديم الإعتذار الحقيقي لنفسك التي دفعت بها لتلك الحالة المؤلمة.
واعتذارك لن يتحقق بكلمة أو بضع كلمات، إنك بحاجة لهدم ما بنيت بيديك قبل أن ينهار لينسفك نسفًا، أو يبقيك حيًا بين أنقاضه تلفظ أنفاسك الأخيرة بألم وحسرة، عليك أن تعيد تقييم العلاقات من حولك، وعليك أن تتراجع عن إسرافك، فالخسارة هنا فادحة بأكبر مما تتصور.

نسمة السيد ممدوح
15 فبراير 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook