الثلاثاء، 4 يناير 2011

حوار الأيدي المتعانقة


حوار الأيدي المتعانقة

كثيرًا ما نمارس أفعال نشأنا عليها فباتت في حكم العادة ، وقلما نوليها عناية ووقتًا ولو يسيرًا للتفكير والتأمل، ومع ذلك فنحن نفوت الكثير جدًا من المعاني والمشاعر الرائعة، فلكل فعل مهما كان يسيرًا معنى عميق ولكن من يمنح نفسه الفرصة للوصول لهذا المعنى على عمقه والتلذذ به حقًا؟!
عندما تقابل شخصًا للمرة الأولى فإنك تمد يدك له أو تجيب على يده الممدودة، وتلتقي راحتي اليد وتلتف الأصابع ، هذا ما تفعله عندما تلتقي بشخص لأول مرة، يكون الموقف جادًا نوعًا ما أو قل قليل المودة، إذ رصيدكما من الخبرات المشتركة والتجارب والذكريات قليل أو معدوم، لكن عندما تتكرر اللقاءات وتتوالى تبدأ المودة تتسرب شيئًا فشيئًا فيصبح التصافح بالأيدي قليل، وتحل محله سلوكيات أخرى أكثر قربًا ومودة، والأمر شائع بين النساء أكثر، لكن لماذا نتخلي عن مصافحة اليد أو نحولها لمصافحة سريعة كومضة البرق دون أن نلمس منها شيئًا؟!
موقف المصافحة أجمل من أن تفوته على نفسك وعلى الطرف الآخر حتى لو كان صديقًا حميمًا، فعندما تلتقي اليد باليد، تتجانب بواطن الكفين، تتشابك الأصابع، تشد الضمة أكثر، عندها نرسل لبعضنا رسائل خفية صامتة، ونترك الفرصة لأعيننا كي تتواجه بوضوح، فعندما تضع عينيك قبالة مصافحك، وتشد على يديه تشعر أن هناك الكثير من المودة الممزوجة بالإحترام تنساب بينكما من طرف لآخر، كأنهما سيلان ينحدران من عينيكما ليصبان في هذا الوادي الذي صنعته الأيدي المتعانقة، عندها يمكن أن تقول لمحدثك بصمت: ها أنا أجدد اللقاء والوصال وأبقي على الذكريات، وها أنا أذكر الآمال والأحلام والأهداف، وها أنا أعود لاعاهدك على الوفاء، وها أنا هنا معك أحترمك وأقدرك وأحملك مسؤولية حبي وثقتي وتقديري، أليس جميلاً أن تبث أخيك أو صديقك أو شريكك هذا المعنى من حين لآخر.
وروعة المصافحة لا تعني أن تنسى لذة اللقاءات الحارة بعد فترات الغياب والاشتياق، فلكل موقف ما يناسبه من وسيلة اتصال ومعنى ينقل عبرها، ولكل لقاء روعته، لكن امنح نفسك الوقت لكي تفكر، وكلما أمعنت في التفكير أكثر؛ كلما ازددت متعة وسعادة، فالحياة ليست إلا معاني، إما أن تفهمها فتسعد بها، أو تجهلها فترى كل شيء تعيس يبكي من حولك.

نسمه السيد ممدوح
4 يناير 2011


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook