الأحد، 16 يناير 2011

شباب الإنترنت


شباب الإنترنت

الإنترنت ذلك العالم الإفتراضي اللامحدود، العالم الذي جذب إليه الكثيرين على اختلاف أهدافهم وثقافاتهم، هذا العالم الذي يحتل الشباب جزءً كبيرًا منه، يبرزون في المنتديات والشبكات الإجتماعية على اختلافها، ويتركون بصماتهم هناك وهناك في المواقع والمدونات، هذا العالم لا يزال وسيلة لم يفد منها الكثيرين، دع جانبًا اوجه الإفادة الشائعة والتي للأسف يرددها الكثيرون مجرد كلمات فقط كمتابعة الأخبار واكتساب المهارات ووو، ولكن ماذا عن بناء الثقافة ونشرها حتى في أبسط صورها؟
لا تتصور أن الثقافة أمر معقد جدًا فمفهوم الثقافة واسع لدرجة كبيرة، وتبرز ثقافتك واتجاهك الفكري حتى من خلال ألفاظك التي تعبر بها عن نفسك وعن الآخرين، ومع حرية التعبير على الإنترنت يتعامل البعض باعتبار أنهم أحرار تمامًا وأن لا توجد عيون تقرأ ما يكتبون ولا عقول تحكم عليهم، هذه الأحكام ذات طبيعة مختلفة، ولتكن الصورة أكثر وضوحًا دعنا نقول أن كل شاب عندما يضع رأيه هنا أو هناك فإن هذا الرأي وأسلوب التعبير عنه والمفردات المستخدمة في ذلك إنما هي ملامح لثقافة فرد ما ومؤشر على ثقافة مجموعة أكبر من الأفراد ممن ينتمي هو إليهم، وللأسف فهذه الإنطباعات التي نتركها هنا وهناك لا تكون في كثير من الأحيان إيجابية.
سأذكر مواقف بسيطة لؤأكد لك على أن ما أعنيه ليس معقدًا وليس بعيدًا عنك، على سبيل المثال ظاهرة الموضوعات المنقولة من منتدى لآخر طبيعية ومعروفة لدى الجميع، والنقل في حد ذاته ليس مشكلة ، لكن ما رأيك في موضوع ينقل من مكان لمكان حتى ينتشر حاملاً نصًا بالعامية ـ وإن تجاوزنا عن ذلك ـ مع ألفاظ إن دلت فإنما تدل على تدني المستوى الثقافي لكاتبها وكلي أسف على ذلك، كأن تصف مثلاً ما يقدمه البعض بكلمة "زبالة" أهكذا يعبر الشباب عن أفكارهم؟ أهذه هي مفردات شباب القرن الحادي والعشرين؟ ومثال آخر يستبدل بعضهم كلمة "منقول" في نهاية الموضوعات بكلمة "ملطوش" أهذه ثقافتنا اليوم؟ سؤالي للشباب الذين سيحملون على عاتقهم عبء بناء المستقبل الأفضل.
لحظة من فضلك لايزال هناك بقية، الأسماء المستعارة في المنتديات هذه قضية أخرى، أنت لم تفكر حين تختاراسمك بأن هذا يعبر عن ذاتك وثقافتك، فتجد من يسمي نفسه "جيوش الموت" أهذا اسم تحب ان يناديك به الآخرون؟ هناك من تسمي نفسها "حبيبة زوجي" أهكذا ثقافتك يا سيدتي الدلال فقط حتى في غير مواضعه؟ وهناك من يضع أسماء غريبة مليئة بالارقام والزخارف بدون داعي، أهذه ثقافتكم أيا الشباب؟ الفراغ ليس الزمني وإنما الفراغ الفكري والنفسي، أين افكاركم ؟ أين طموحاتكم؟
دعك من الأسماء ولنتأمل التعليقات في المدونات ومقاطع الفيديو على اليوتيوب وفي المواقع الإخبارية، نرى فئتين من المعلقين: فئة تقرأ وتعلق طبقًا لأفكارها سواء مؤيدة ام معارضة، على كل حال هي فئة جادة ولا غبار عليها ايًا كان رأيها، وفئة أخرى تترك تعليقاتها الساخرة حتى في غير مواضعها، تعليقات الكثير منها لا يحمل فكر أو رأي محدد، وإنما يحمل شعورًا باليأس حينًا واللامبالاة حينًا آخر، فأي هدف دفع هؤلاء للإطلاع على مقال أو خبر أو فيديو من هذا؟ ولهذا السبب نجد أن الكثير من الموضوعات الجادة لا تلقى سوى القليل من الاهتمام والتعليقات عليها قليلة جدًا، قارن هذا بموضوع كوميدي أو ساخر تجد العكس تمامًا، والأسوأ أننا نجد في أخبار جادة من يبحث عن النقاط السلبية ليتخذها نقطة انطلاق للسخرية والاستهزاء، ورغم التنويهات في كل مكان نجد الألفاظ المبتذلة للأسف وأساليب الحوار الرخيصة.
وأخيرًا اقول لحظة من فضلكم وسلوا أنفسكم لماذا دخلتم هذا العالم؟ إن كان للتسلية وبدون أي هدف آخر فأنا آسفة حقًا لأجلكم، وإن كان لنشر معلومة أو فكر أو ثقافة فراجعوا أنفسكم من فضلكم، نريد شباب نفخر بأننا منهم، أنا شابة وأنت شاب وأنتِ شابة ما رأيكم بخلق صورة أفضل لنا؟ الأمر ليس صعبًا ولكن لنراجع ما فات، ونصوب ما يمكن تصويبه، ونتفادى الأخطاء في المستقبل، تذكروا الكلمات مهما كانت بسيطة تترك آثارًا هنا وهناك، وثقافتنا تراكم للكثير.
وفي رأيي قدر نفسك أكثر، وتذكر أن الإنترنت بحريتها ليست وسيلة لتفريغ الضغوط فقط، وإنما حاول تحقيق شيء يدعمك نفسيًا بدلاً من الاتجاه السلي في التعبير عن نفسك وحياتك، كن أنت مثلاً مشرفًا لشعبك ولوطنك، تذكر حين تضيف صورة هنا أو كلمة هناك، حين تضع مقالاً في مكان أو تترك تعليقًا على ما كتبه أحدهم، تذكر أنك تعبر عن نفسك فارفع من قدرها.

نسمه السيد ممدوح
15 يناير 2011


هناك تعليقان (2):

  1. احييك بشدة مقال رائع

    ردحذف
  2. بج المقال اعجبني moaaaz@yahoo.com

    ردحذف

اتبعني على Facebook