الاثنين، 10 يناير 2011

حين يصمت الآخرون


حين يصمت الآخرون

الكلام وسيلة من وسائل الاتصال والتخاطب بين البشر، لكن الكثيرين لا ينظرون للصمت على أنه وسيلة تخاطب من نوع مختلف، الصمت ليس نقيض للكلام، وهو ليس إلا إسكات للصوت المسموع، أما المعاني والرسائل فتستمر بالتدفق من طرف لآخر؛ لهذا إذا كان علينا أن نتعلم آداب التحدث والاستماع فعلينا أن نولي احترام الصمت اهتمامًا أيضًا.
عندما يصمت الآخرون فإن صمتهم جميعًا لا يحمل ذات المعنى، بعضهم حزين على أمر ما، بعضهم معرض عن فكرة ما، بعضهم يرفض ما يعرض عليه بلباقة ودون أن يجرح شعور الآخرين بالرفض الصريح ، بعضهم يعلن عن عدم رضاه عن سلوك أحدهم دون أن يكون مضطرًا لإحراجه، بعضهم سعيد يكتفي باستعادة أحداث وأفكار خاصة في حياته تزوده بما يحتاج إليه من زاد البهجة والتفاؤل، بعضهم يهرب من ضجيج الحياة ويسبح بزورقه الصغير في بحر الخيال المترامي الأطراف، بعضهم في حالة انسجام مع ذاته لدرجة تجعله يسعى للإنفراد الذهني ولو لبضع دقائق، فلكل منهم ما يميزه عن الآخر، وفي بعض الأحيان يكون من الممكن قراءة رسالة هذا أو ذاك في عينيه، وبعض الأشخاص حذرين لدرجة تجعل من الصعب فهم ما يجول بخاطرهم في تلك اللحظة، لكن ماذا عليك أن تفعل أنت؟
إن لجوء شخص ما للصمت يعني أنه في حاجة إليه ليس ضعفًا أو هروبًا أو رغبة في الإنعزال المرضي، ولا يعني بالضرورة أنه مستاء من الآخرين أو يرفض تواجدهم، ولكن الصمت حاجه قد تكون ملحة في بعض الأحيان كالحاجة لتنفس الهواء ذاته، وقد تكون حاجة تكميلية تزداد النفس راحة بها، لهذا قدر حاجة الآخرين للصمت، احترم صمت رفيقك هذا أفضل من أن تلح عليه بالكلام، فكر قليلاً وانظر إلي عينيه في صمت أيضًا، قد تحسن قراءة شيء ما بداخلهما، لكن إن عجزت فالأفضل أن تلتزم الصمت أيضًا، وإن أردت أن ترسل إليه رسالة تضامن فاجعل وسيلتك شيء آخر غير الكلام، فالنظرة واللمسة تكفي في الكثير من الأحيان.
ولكن على كل حال إن كنت تحب شخصًا ما، إن كنت ممتنًا لشخص ما، إن كنت تقدر شخصًا ما، إن كنت تحترم شخصًا ما ـ فاحترم رغبته في الصمت في بعض الأوقات، فسيأتي يوم تحتاج فيه للصمت وستتمنى من يحترم صمتك.

نسمه السيد ممدوح
10 يناير 2011


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتبعني على Facebook